الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ندوة: تأثير الثقافة العربية الإسلامية مستمر في المخيلة الأفريقية

ندوة: تأثير الثقافة العربية الإسلامية مستمر في المخيلة الأفريقية
23 يوليو 2009 21:23
أقيمت في العاصمة الجزائرية، الجزائر، مؤخرا ندوة أدبية بعنوان «لغات كتابة الأدب الإفريقي.. بين الشفهي والكتابي» وشارك فيها عددٌ من النقاد. وافتتح الدكتور عمار يزلي أوراق الندوة بالتأكيد أن المستوى الشفهي الأدبي أكثر حضوراً من المستوى الكتابي بالقارة السمراء، بل أكثر حضورا من اللغة البصرية أيضاً والمتمثلة في الأفلام والمسلسلات والمسرحيات. كما لاحظ أن اللهجات الأفريقية أكثر تأثيراً في شعوب القارة من اللغات الرسمية المرتبطة بالمؤسسات. وأكد يزلي هيمنة اللغات الأجنبية المرتبطة بالاستعمار على الأدب المكتوب في إفريقيا، ومع ذلك فإن تأثير الثقافة العربية الإسلامية لا يزال حاضراً ويؤثر في المخيلة الإفريقية ويظهر ذلك في الفولكلور والأساطير والتصورات الخيالية الشعبية؛ وهو التراث الذي يغرف منه الكتَّاب الأفارقة ويجسِّدونه في كتاباتهم. وعلق منسق الندوة الدكتور عبدالحميد بورايو بالتنبيه إلى أن الأديب الليبي إبراهيم الكوني متشبع بالأدب الشفهي الإفريقي حيث ينهل منه ويستعمله في كتاباته، وهو أحد أسرار نجاحه وشهرته. وقدَّم الدكتور إدريس بوخاري ورقة عن واقع الأدب الإفريقي المكتوب بلغات الاستعمار الآن، ونبه إلى أن اللغة العربية هي التي كانت سائدة قبل دخول الاستعمار الحديث إلى القارة، حيث سبقت الاستعمارَ بقرون ودخلت مع دخول الإسلام، وإلى حد الساعة لا تزال تومبكتو المالية تحوي كنزا كبيرا من المخطوطات العربية ولا يزال الباحثون يدرسونها للتوصل إلى كشف مختلف الحقائق التاريخية للمنطقة. وركَّز بوخاري على «الكتابات الإفريقية الحديثة» التي ظهرت خارج القارة، وتحديداً في الكاريبي وكوبا مع الكاتب ريجنور باللغة البرتغالية، ثم ظهرت أقلام افريقية أخرى كتبت بالانجليزية وأثرتها. وفي الخمسينيات، بدأ «الأدب الأصلي» في إفريقيا وهو أدب شفوي، وباللغات المحلية التي تمَّ إحصاءُ 40 منها في بداية السبعينيات، وقد صدرت بها كتبٌ إفريقية عديدة، ولكن هذا الأدب يبقى محلياً ومجهولاً لصعوبة فهم هذه اللغات حتى بين الأفارقة أنفسهم. وقرأ بوخاري نماذج من كتابات إيمي سيزار تناولت واقع العبيد في مزارع القطن، كما تحدث عن تجربة الكاتب النيجيري أموسوتو هولا الذي يكتب بالانجليزية. أما الناقدُ الايريتيري محمد أبو بكر، نبَّه إلى أن «اللغة العربية لم تدخل إلى القارة السمراء مع الإسلام، بل سبقته ودخلت في القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الإفريقي تحديداً، وقد كانت هذه المنطقة متأثرة أكثر بالجزيرة العربية والمحيط الهندي وتعاملت معها ونتج عن ذلك تلاقحٌ وتصاهر ثقافي وعرفت حضارات متعاقبة، كما أن انهيار سدِّ مأرب جعل الكثيرَ من العرب في اليمن ينزحون إلى القرن الإفريقي وشكلوا رافدا ثقافيا ومنهلا للمنطقة». وتطرق أبو بكر إلى «المحدِّد الاستعماري» وقال إن الفرنسية «هي اللغة الطاغية في جيبوتي، بينما لا تزال اللهجات هي السائدة في باقي دول القرن حيث تتوفر إثيوبيا وحدها على 50 لغة ولهجة محلية بينما يتضاءل العدد في ايريتيريا إلى 9 لغات ولهجات. وبعد استقلال مختلف دول القرن الإفريقي ظهرت مطالب المزاوجة بين الهوية الإفريقية والامتداد العربي الإسلامي. والمحصلة أن الكتابات الأدبية تتم بلغات متعددة في المنطقة ولكن الهيمنة للغات الاستعمار». من جانبه، فضل الدكتور بكلي أحمد استحضار الذاكرة الجماعية الشفوية ودورها في تغذية الثقافة من خلال تقديم شهادة أدبية تتناول يوميات السكان السود في منطقة بني ميزاب الجزائرية في القرون الماضية، وقد أنتجت باللهجات العامية والأمازيغية، كما تحدث عن عادات وتقاليد قبلية وطقوس وممارسات الجماعات السوداء بالمغرب العربي وكيف خلدتها الآداب الإفريقية المكتوبة والشفوية. أما الدكتور أحمد الحامدي فأكد أن «إفريقيا كانت مجهولة للغرب حتى القرن الـ 14 ميلادي ثم بدأ الأوربيون يترجمون موسوعات العرب عنها فبدأوا يتعرفون عليها». وتطرق إلى تأثير تجارة الرقيق في انتاجات الكتَّاب الأفارقة، حيث كتب عنها بعضُهم بالعربية وآخرون باللغات المحلية، وذكر عناوين عدة «رسائل» فقهية مكتوبة بالعربية ترسم صورة واضحة عن الأدب الإفريقي، كما تطرق الحامدي إلى الأدب المكتوب بالحروف الأمازيغية المعروفة باسم «التيفيناغ» لدى «الطوارق» في دول الساحل الإفريقي، حيث ألِّف فيها قاموسٌ ترجم إلى الفرنسية، وأكد كذلك أن الطرق الصوفية لعبت دوراً بارزاً في التواصل في إفريقيا وبخاصة الطريقة التيجانية التي يتبعها الملايين في دول عديدة، وكتبوا عدة «رسائل»، وتحدث عن «كتب النوازل» الإفريقية التي تتطرق إلى حياة الناس اليومية والاشكاليات التي تواجههم، وقال «إنها خلفت تراثا فقهيا كبيرا في إفريقيا». وتطرق الدكتور حسن دواس، إلى دور المستشرقين في تدوين الآداب الإفريقية الشفوية في موسوعات كبيرة، وسموا ذلك»الاستفراق». ولاحظ دواس بدوره أن الأدب الشفهي «خاصية إفريقية» حيث تسود في القارة أزيد من 700 لغة ولهجة إفريقية 41 بالمئة منها فقط لغات مكتوبة. وقد بقي الأدب الإفريقي قرونا طويلة دون تدوين على أن جاء المستشرقون والرحالة، وبخاصة الألمان والفرنسيين، وقدموه للعالم من خلال تدوين موسوعات ضخمة تحوي أساطير وخرافات وحكايات وأحاجي وأشعارا وأمثالا شعبية إفريقية.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©