الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاربة «داعش».. وسجال القوة الجوية

9 مارس 2015 22:51
منذ أن بسط تنظيم «داعش» سيطرته وسد الفراغ الذي حدث جراء سحب القوات الأميركية من العراق، تركز النقاش حول كيفية الرد على هذا التهديد الجديد على خيارين خاطئين ومغرقين في التبسيط، هما: هل الضربات الجوية لوحدها كافية لإنجاز المهمة، أم أنها تتطلب التزاماً كبيراً من «جنود (أميركيين) على الأرض»؟ على أحد جانبي النقاش، اشتكى أوباما من أن منتقديه يريدونه أن يعيد «عشرات الآلاف» من الجنود الأميركيين إلى العراق. والحال أن أياً ممن يدعون إلى استعمال القوات البرية الأميركية قصد التصدي لتنظيم «داعش» قال إن رداً من هذا القبيل ينبغي أن يضم ذلك العدد الكبير من المقاتلين. وعلى الجانب الآخر من النقاش، لم يقل أي ممن يدعون إلى بديل يركز على الضربات الجوية إن القوة الجوية الأميركية يمكن أن تكون كافية من دون مساعدة من وجود بري. واللافت أن ما لم يحظ بالبحث الجدي في هذا الخصوص هو الخليط المناسب من التدخل الجوي والبري لتعزيز امتيازاتنا النسبية من الجو من دون المجازفة بإعادة جنودنا إلى قتال طاحن ومحتدم على الميدان. ومن خلال استمرارنا في اللجوء إلى هجمات تدريجية فقط، يمكن القول، إن إدارة أوباما تقوم بشكل ممنهج بإهدار امتيازنا المتمثل في القوة الجوية الكبيرة لبلدنا. كما أن أنصاف التدابير التي تتخذها هي السبب في حصول قوتنا الحربية- التي تملك سجلاً معروفاً في النجاح والفعالية يعود إلى عملية «عاصفة الصحراء» في 1991- على سمعة سيئة. والحقيقة أن القوة الجوية لم تخضع بعد لاختبار مناسب وكامل في هذا القتال؛ وهذه نقطة ضاعت في السجالات حول الكيفية التي ينبغي أن يُصاغ بها ترخيص الكونجرس، وحول ما إنْ كانت حملة برية من قبل القوات العراقية والكردية لاستعادة الموصل هي الخطوة الصحيحة المقبلة، ومن المحزن القول إن ما نعيشه اليوم يشبه إلى حد كبير موقفا عشناه من قبل. فقبل عقدين من الزمن تقريبا، كانت الولايات المتحدة و«الناتو» مترددين في التدخل العسكري، واكتفيا باستعمال ضربات جوية محدودة للرد على الانتهاكات الصربية لحقوق الإنسان ضد ذوي الإثنية الألبانية في بداية حربهما الجوية في كوسوفو عام 1999. وفقط بعد أن تم ضرب أهم الأهداف في بلجراد مع نهاية حملة القصف الجوي التي استمرت 78 يوما أُرغم الزعيم الصربي سلوبودان ميلوزيفيتش أخيراً على إنهاء الفظاعات. تلك التجربة المبكرة فوق صربيا تكرر اليوم مع ضرباتنا الجوية اليومية الضعيفة ضد تنظيم «داعش»، لنثبت بذلك مرة أخرى أن الدروس التي يتم تعلمها بثمن باهظ كثيراً ما يطويها النسيان بسرعة. فمن أجل التصدي لتنظيم «داعش» بنجاح، لسنا مضطرين لإعادة أعداد كبيرة من القوات البرية الأميركية إلى العراق من أجل الانخراط في قتال محتدم يسقط فيه عدد كبير من المصابين والقتلى. وبدلا من ذلك، علينا أن نستعمل الضربات الجوية الدقيقة التي نفذت أواخر 2001 خلال المرحلة الأولى من الحرب في أفغانستان، والتي تأتت بفضل مساعدة قوات على الميدان، كنموذج. ولهذا الغرض، نحن في حاجة أولاً إلى إعادة إدخال عدد كاف من قوات العمليات الخاصة الأميركية والمراقبين الجويين الأماميين. ومثلما سمح ذلك للقوة الجوية الأميركية والتحالف الشمالي الأفغاني المحلي بطرد «طالبان» في أقل من ثلاثة أشهر، ومن ثم تدمير معقل «القاعدة» في أفغانستان، تستطيع مثل هذه القوى أن تدعم قوات البشمركة الكردية عبر تحديد أهداف قيّمة تابعة لـ«داعش» لضربات جوية بأعداد تكفي لإحداث فرق. ثانيا، نحن في حاجة لمزيد من الطائرات من أجل الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع مثل طائرات يو 2 وطائرة «بريدتور» التي تعمل عن بعد قصد تحديد مواقع الأهداف التابعة للعدو حتى يقيّمها مقاتلو البشمركة والمراقبون الجويون الأماميون، ويوصوا بضربها جواً. ثالثاً، بدلاً من الضربات الجوية اليومية الضعيفة التي مازالت تعيق جهودنا ضد تنظيم «داعش»، نحن في حاجة إلى حملة أقوى تركز على الجو، وتلقى المساعدة من الأرض على غرار الحملة التي كللت بنجاح كبير في مرحلة القتال الرئيسي من عملية «الحرية الدائمة» في أفغانستان في 2001؛ حيث مكّنت القوة الجوية الأميركية من تحقيق الأهداف الفورية لتلك الحملة من دون الحاجة إلى انخراط أي قوات أرضية أميركية في معارك مباشرة مع قوات العدو. والواقع أن لدينا الإمكانيات اللازمة لتكرار ذلك الإنجاز ضد «داعش» اليوم؛ ولكن العقبة الوحيدة التي تعترض مثل هذا الجهد هو الزعامة والتصميم اللازمان لاستغلال امتيازنا الجوي الفريد بشكل أكثر ذكاء سعياً وراء نتائج أكثر وضوحاً. بنجامين لامبث ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©