الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العدل في ظل الديمقراطية

23 يوليو 2009 00:13
في هذا العصر الذي نعيشه والمملوء بالمشكلات والأزمات والصراعات بل والحروب بصورة مذهلة ومخيفة ومعقدة، باتت لأجهزة الأمن «أهمية ومكانة وسلطة ليست مسبوقة تتساوى في ذلك الدول الديمقراطية والديكتاتورية الغنية والفقيرة، فإن أمن أي بلد وسلامة أهله كانت وستظل من أولى مسؤوليات الحكومات بمستوياتها الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومع نمو وتطور الدول وتعاظم مهماتها ومسؤولياتها، كبرت ونمت أجهزة الأمن. وكل مواطن - في أي بلد - يحترم القانون ويحرص على أمنه الشخصي وأمن بلده، يحرص كذلك على احترام وتقدير أجهزة أمن بلده بمختلف مسمياتها. ومنذ مطلع القرن الماضي، فإن كل سلطة تشريعية أو تنفيذية، تبدأ بوضع القوانين واللوائح التي تنظم وتضبط عمل أجهزتها الأمنية، وتكاد كلها «حتى السلطات المغتصبة والاستعمارية»، تتساوى في صياغة ووضع هذه القوانين واللوائح، وتكاد كلها تبدأ مقدمتها للقانون أو اللائحة بعبارة واحدة - مع اختلاف اللغات - بإعلان أن مهمة الجهات الأمنية، هي «الحفاظ والدفاع عن أمن البلد والمواطنين وهي مؤتمنة على تحقيق العدل والحياد الكامل تجاه المواطنين واحترام حقوقهم المشروعة التي يكفلها القانون والدستور. كانت تلك مقدمة كل القوانين واللوائح الخاصة بتنظيم وتحديد مهمات أجهزة الدولة من عهد ستالين إلى عهد روبرت موجابي. ففي كندا وخلال الشهرين المنصرمين -حتى الأسبوع الأول من يوليو الجاري- أصدرت المحكمة العليا في كندا ثلاثة أحكام في قضايا ظلت تتراوح من محاكم الدرجة الأولى إلى أن وصلت إلى السلطة القضائية الأعلى في البلاد، وأصدرت اللجنة القضائية في مجلس العموم مجتمعة برئاسة النائب المحافظ تقريراً حول الأحكام التي أصدرتها المحكمة العليا وتقرير اللجنة البرلمانية مسجلاً إدانة واضحة وبكلمات وعبارات قانونية شجاعة في القضايا المعروضة أمامها، والتي كان طرفاها الحكومة والنيابة العامة ممثلة لها.. ومواطنون كنديون مسلمون ظل واحداً منهم حبيساً تحت التحفظ لأكثر من ثلاث سنوات. ولم يكن «مثل الآخرين» لا هو ولا المحامون المكلفون بالدفاع عنه عبر الاطلاع على المستندات والأسباب التي جعلت جهاز المخابرات الكندي ينفذ مادة غامضة في قانون غامض، يأتي ضمن ردود أفعال على أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية بأن مدبري ومنفذي أحداث سبتمبر قد تسربوا من كندا للقيام بعمليتهم الانتحارية، وأن كندا -آنذاك - متهمة في نظرهم بإيواء الإرهابيين الإسلاميين. في ظل هذا الجو، ورغبة من رئيس الحزب الحاكم آنذاك، أجاز البرلمان قانون وُصف - وهو كذلك - بأسوأ قانون شهدته كندا في انتهاك حقوق وحريات المواطنين، لأي مدة من دون صدور حكم قضائي ضدهم. قاضي المحكمة العليا الذي أصدر الأحكام اتهم جهاز المخابرات بخرق القانون وانتهاك حقوق مواطنين يظلون أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم، وذهب أبعد في اتهامها بأن الجهاز قد كذب على القضاء الأول وأخفى عنه معلومات، ومستندات لديه هي لمصلحة المواطنين الكنديين المسلمين المتهمين. واللجنة البرلمانية القضائية برئاسة النائب المحافظ والقاضي السابق طلبت بلغة واضحة وبليغة من الحكومة المحافظة أعدت النظر في أداء هذا الجهاز وضمان، ألا تتكرر مثل هذه المظالم الفظيعة ضد المواطنين. ولو كان من تعليق يُقال، فإن الديمقراطية والرأي العام الواعي، هما المنتصر وليس المتهمين الأبرياء. وتلك ميزة الديمقراطية الكبرى. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©