الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هندوراس... جدل حول دستورية الانقلاب!

هندوراس... جدل حول دستورية الانقلاب!
23 يوليو 2009 00:13
في الساعات الأولى ليوم 28 يونيو الماضي، اقتحمت قوات عسكرية قصر رئيس هندوراس، «مانويل زيلايا»، وبعد اعتقاله وضعوه على متن طائرة وأرسلوه إلى كوستاريكا، لتتوالى عبارات الإدانة من جميع أنحاء العالم لما اعتُبر انقلاباً عسكرياً لا يخالطه الشك. لكن قادة الحكومة المؤقتة في هندوراس قالوا إن الرئيس أخلى منصبه، أو تنازل عنه بعدما خالف في تصرفه دستور البلاد، وأن ما حدث هو انتقال قانوني للسلطة. ومنذ ذلك الوقت وطرفا الجدال يتمسكان بمواقفهما ويرفضان التراجع. وفي هذا الإطار، يسوق من يرى في التحرك العسكري بهندوراس انقلاباً عسكرياً مجموعة من القرائن، مثل اعتقال الجيش للرئيس بحد السلاح، والأهم من ذلك نفيه خارج الوطن، وهو رأي تبنته منظمة الدول الأميركية ودفعها إلى التصويت بالإجماع على تعليق عضوية هندوراس في الهيئة الإقليمية مبررة ذلك بالمادة 21 من ميثاق المنظمة الذي ينص على أنه في حال «جرى تعطيل غير دستوري للنظام الديمقراطي في أي من الدول الأعضاء وفشلت المبادرات الدبلوماسية، فإن جلسة خاصة تتخذ قراراً بتعليق عضوية ذلك البلد». وقد جاء قرار المنظمة منسجماً مع ردة الفعل الدولية بعدما استدعت العديد من البلدان سفراءها المعتمدين في هندوراس وجمدت العلاقات التجارية معها، بالإضافة إلى إعلان الولايات المتحدة «عدم شرعية» الإطاحة بالرئيس المنتخب. وتوضح «جينفر ماكوي»، مديرة برنامج الأميركيتين في مركز كارتر، هذا الرأي قائلة «إن سبب تعامل المجتمع الدولي مع ما جرى في هندوراس على أنه انقلاب هو اعتقال الجيش للرئيس ونقله خارج البلد دون المثول أمام المحكمة». وفي المقابل، ترى الحكومة الانتقالية التي يقودها «روبيرتو ميتشيليتي» أن ما حدث بعيد كل البعد عن الانقلاب ولا يمكن وصفه أبداً على أنه إطاحة بالرئيس؛ لأن الجيش ببساطة تحرك بناءً على قرار من المحكمة، وهو لم يتولَ السلطة، ناهيك عن الدعم الذي يحظى به التحرك من قبل جميع المؤسسات في هندوراس. ويشرح هذا الموقف «أوكتافيو سانشيز»، المحامي والخبير الدستوري في هندوراس المتفق مع الحكومة المؤقتة بقوله إن «زيلايا» كان يحاول إجراء استفتاء غير ملزم لتشكيل مجلس تأسيسي أعلنت المحكمة العليا أنه غير قانوني، وذلك بالاستناد إلى المادة 239 من الدستور التي تحظر على الرؤساء الترشح لولاية ثالثة، إذ تنص المادة على أن كل من يسعى إلى ذلك، أو حتى يقترح الترشح لمرة ثانية عليه إخلاء منصبه فوراً. وكان «زيلايا» قد أعلن نواياه بإجراء استفتاء وطني حول عقد مجلس تأسيسي في الجريدة الرسمية قبل أيام قليلة على الإطاحة به، بحيث اعتبرت المحاكم في هندوراس وباقي المؤسسات أن الرئيس يريد فتح المجال لإلغاء القيود على المدة الرئاسية المسموح بها، وهو ما دفع المحكمة العليا إلى توجيه أمرها إلى الجيش باعتقال الرئيس بتهمه خرق قرار المحكمة الذي طلب منه البقاء ضمن الحدود التي يرسمها الدستور. وبموجب المادة 306 من الدستور، يحق للمحاكم إرسال قوات لتنفيذ قرارات الاعتقال وإلقاء القبض، لكن من جهة أخرى لا يحق تحت أي قانون في هندوراس نفي أحد المواطنين خارج البلد. ويضيف «سانشيز» أنه، حسب القانون الجنائي للبلاد، يمكن للجيش الإشارة إلى أن نفيه للرئيس «زيلايا» إلى كوستاريكا إنما اقتضته «ضرورة» الحفاظ على الأمن، ويمكن للجيش أيضاً الإحالة إلى المادة 272 من الدستور لتأكيد أن النفي جاء في إطار حفظ النظام العام والدفاع عن الدستور. ويجادل المسؤولون في هندوراس بأن المجتمع الدولي ليس على اطلاع بالدستور في البلاد وليس مدركاً للخطر الذي يمثله «زيلايا» على الديمقراطية وبالتالي بنوا نتائجهم على فرضيات خاطئة. لكن وبصرف النظر عن الجدل الدستوري المحتدم بين من يرى في تحرك الجيش انقلاباً وبين من ينفي ذلك، تظل الحكومة المؤقتة معزولة في تبريراتها. وفي هذا السياق، يقول «كيفين كساس - زامورا»، نائب رئيس سابق في كوستاريكا ويعمل حالياً في معهد بروكينجز بواشنطن «إنهم يشيرون إلى وجود قرار من المحكمة يدعم التحرك العسكري، والحال أنه إذا كان هناك قرار من المحكمة كان بالإمكان الاستعانة بالشرطة وليس إرسال الجيش في الخامسة صباحاً. الأمر هنا لا يتعلق بحالة عادية لتنفيذ القانون، بل بنموذج تقليدي للانقلابات»، مضيفاً أن «المسوغات القانونية التي ساقتها الحكومة المؤقتة هي محاولة لعقلنة الانقلاب ولا أحد خارج هندوراس يشاطرهم الرأي». وتدعي الحكومة المؤقتة أن «زيلايا» خرق مجموعة من القوانين، معلنة أنها ستوجه له العديد من التهم بهذا الخصوص، وإذا لم يعفَ عنه فقد يحاكم بمقتضى القانون في هندوراس وربما أودع السجن. ومع أن الحكومة المؤقتة أصدرت طلباً دولياً باعتقال الرئيس «لإساءة استخدامه السلطة واغتصابه للمهام العامة، فضلاً عن مخالفات ضد نظام الحكومة والخيانة»، رفض «الإنتربول» تنفيذ الطلب بسبب دوافعه السياسية، حيث أوضحت المنظمة الأمنية موقفها قائلة إنه «يمنع عليها منعاً باتاً الانخراط في أي تدخل أو أنشطة ذات طابع سياسي أو عسكري، أو ديني، أو عرقي»، وعللت رفضها أيضاً بأن السلطات في هندوراس كانت لديها الفرصة لاعتقال «زيلايا» لو أرادت ذلك. سارة ميلر لانا - هندوراس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©