الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
22 يوليو 2009 23:28
يعرف اليهود أكثر من غيرهم أهمية الأسماء، ويتمسك العرب أكثر من غيرهم ـ ربما ـ بقيمة الأسماء ومعانيها. في العهد النازي، لم تتحرج العائلات اليهودية الألمانية، من التخلي عن أسمائها فرارا من لهيب المحرقة. اتخذوا أسماء بعض ثمار الفاكهة والخضراوات، بديلا من تلك التي ولدوا وهم يحملونها. وحتى اليوم تجد كنى البرتقال والتفاح والإجاص والكرنب وغيرها، لكثير من اليهود. وحدث الأمر نفسه في إيطاليا الفاشية، فانتسب اليهود بأسمائهم إلى المدن، فظهرت عائلات ميلانو وفيوتشيني وغيرها.. يختلف الأمر عند العرب، فأسماءهم تدخل في نطاق قيم الشرف. فهي بعض صفاتهم. بها بتفاخرون أو يختصمون. يتفننون في كتابتها وتزويقها، والبحث عن معانيها ومترادفاتها. ينحتون عشرات الأسماء لمدلول واحد. أَوَلَيس لاسم الجلالة تسع وتسعون من الأسماء الحسنى؟ خبرة اليهود في تغيير الأسماء، وتثبيت وقائع جديدة من خلالها بدأوا بتطبيقها الآن بحسب ما تناقلت الأنباء. فالمدن والقرى الفلسطينية، العريقة بأسمائها العربية التاريخية، سوف تحمل أسماء عبرية، على الأقل في لافتات الطرق. القدس ستصبح يوروشلايم، ويافا يافو، والناصرة نيتسيرات، وصفد تسفاد، والخليل حيفرون. إنها مرحلة جديدة من مراحل التهويد التي بدأت صبيحة الخامس من يونيو 1967. المرحلة الأخطر، لنزع الهوية العربية، ودك الأسس الثقافية لانتماء فلسطين بمدنها وقراها إلى الأصول العربية الإسلامية. بحثوا لسنوات، عن هياكل المعبد المزعوم تحت أساسات المسجد الأقصى، وحينما خذلهم التاريخ، لجأوا إلى محاولة تزوير الواقع. ولن يبخل التاريخ على البحاثة في إثبات عروبة وكنعانية فلسطين، التي دوّنها ابن خلدون: «أول ملك في فلسطين، في فجر التاريخ، كان للعرب»، هكذا كتب، وهو يؤرّخ للموجة «الآمورية ـ الكنعانية» التي تعاظم أمرها قبل عام 2500 ق.م. منذ ذلك الوقت اتخذت أماكن فلسطين أسماءها المعروفة حتى اليوم، على الرغم من بعض التحريفات، في اللفظ والكتابة، التي طرأت عليها. فمدينة (أريحا) هي كلمة سريانية بمعنى «الرائحة» أو «الأريح»، و«بئر السبع»، و«تبرق» بمعنى ابن البرق، و«بيت تفوّح» بمعنى بيت التفاح، و«بيت لحم» و«جَدبرة» و«جمزو» و«حلحول» و«رامة» و«طاماس» و«عتليت» و«عكازعكو» و«غزة» و«يافا»، و«أبل بت معكة»التي أصبحت «آبل القمح» من أعمال صفد، و«أرسوف» الواقعة شمالي يافا، و«اشتموع» وهي قرية «السموع»، و«صديم» وهي قرية حطين الخ.. وفي عهد لاحق حاول الإغريق اطلاق أسماء إغريقية على عدد من المدن الكنعانية الفلسطينية، منها عكا حيث سميت بتولما في عهد بطليموس الثاني، وبيت شان سميت سكيثوبوليس، وبيت جبرين أطلق عليها اليوثيروبوليس، وإيلات سميت بيرينكة، وشكيم سميت نيابوليس.. المؤسف أن خبر تغيير سلطات الاحتلال لأسماء المدن والقرى الفلسطينية، لم يتجاوز صفحات الصحف وموجات الأثير التي تناقلته. كأن المسألة شكلية، أو كأن الضياع الأكبر، ضياع الأرض، قد رخّص ضياع الأسماء. هل هي صيغة أخرى للتطبيع التي تتطاير الدعوات إليه من العواصم البعيدة؟ كان العرب ووسائل إعلامهم يتحرجون إلى سنوات من تسمية إسرائيل باسمها. سموها الكيان الغاصب، أو الدولة العبرية، أو وضعوا الاسم بين مزدوجين. ثم راحوا يتخلون عن حرجهم تحت ضغط تهمة، ملفقة، أنهم ينوون رمي إسرائيل في البحر.. وهو البحر نفسه الذي تدفع إسرائيل الجميع لكي يشربوا منه. عادل علي adelk58@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©