الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

فنزويلا تقف على حافة الانهيار

فنزويلا تقف على حافة الانهيار
5 يونيو 2016 14:49
ترجمة: حسونة الطيب رغم أنها غارقة في بحار من النفط، إلا أن فنزويلا بتعداد سكانها البالغ 30 مليون نسمة، تواجه انهياراً اقتصادياً طاحناً وأزمة إنسانية بالغة الخطورة. وتعاني البلاد بالفعل، أعلى معدل تضخم في العالم ومن مستوى جرائم قتل مرتفع ومن نقص مستشر في السلع الاستهلاكية، من قطع غيار السيارات إلى محارم «التواليت»، ودفعت قطوعات التيار الكهربائي وشح المواد الخام، المصانع والمحلات التجارية للأغلاق أو خفض ساعات العمل. وبلغ معدل الفقر 76% مقارنة بنحو 55% في عهد الرئيس السابق هوجو تشافيز. ويبدو المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في فنزويلا، شديد التعقيد، ما يجعل تفسيرات ذلك غير مبررة بالنسبة للمراقب الخارجي. ومن جانب آخر، يوجد العديد من المناصرين للثورة البوليفارية، مستشهدين بالنجاحات التي حققتها في تخفيف الفقر، وعدم المساواة وزيادة معدل مشاركة المواطنين والحوكمة الذاتية. وفي المقابل، يكثر النقاد ليس من المشككين العاديين في الحقوق السياسية، لكن من اليسار الذين ينتقدون الأداء الاقتصادي لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو واستشراء الفساد وارتفاع معدلات التضخم. ولمعرفة ما يدور في البلاد، ينبغي إدراك بعض الحقائق منها على سبيل المثال، ارتفاع التضخم، الذي تراوح بين 160 إلى 200% في 2015، إلى ما يتراوح بين 275 إلى 720% للعام الجاري، مقترباً من 1600% بحلول العام المقبل، ما نجم عنه ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع وتكلفة مستوى المعيشة 13 مرة. وفي غضون ذلك، لجأت الحكومة لخفض أيام العمل ليومين في الأسبوع فقط، بغرض خفض استهلاك الكهرباء والمياه وخفض الإنفاق، وتراوحت نسبة العجز العام في البلاد بين 18 إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. والأسوأ من ذلك، النقص الحاد الذي تعيشه البلاد في المواد الغذائية والأدوية، ليقضي الناس جزءاً مقدراً من أوقاتهم مصطفين خارج أبواب المحال التي تخلو رفوفها من السلع. وناهز إجمالي دين البلاد 120 مليار دولار، منها 7 مليارات مستحقة هذا العام، لتبرز مخاوف العجز أو التأخير عن السداد، ما دفع الحكومة للجوء لاحتياطاتها النقدية وإنفاق نحو 4 مليارات دولار منها في غضون الأشهر الأربعة الماضية، ليتراجع احتياطيها النقدي إلى 12,7 مليار دولار. ويشكل النفط الذي هو بمثابة شريان حياة فنزويلا، 96% من صادراتها، حيث حققت في الفترة بين عامي 2004 إلى 2015، عائدات بنحو 750 مليار دولار. وفي ظل الانخفاض المريع لأسعار النفط، مُنيت فنزويلا بخسائر كبيرة وصلت إلى 40% من إيراداتها النفطية هذه السنة. وليس من المتوقع تجاوز صادرات النفط 18 مليار دولار هذا العام، في حين يبلغ مستوى دينها 10 مليارات دولار، ليتبقى بحوزتها 8 مليارات دولار لا تشكل سوى نسبة قليلة من إجمالي الواردات التي بلغت نحو 37 مليار دولار في العام الماضي. وفيما تعتبر المعارضة الحكومة مسؤولة عما وصل إليه الحال في البلاد نتيجة سوء الإدارة الاقتصادية، ترمي الحكومة باللائمة على الحرب الاقتصادية التي تشنها عليها بعض الجهات. وبرزت في مطلع عام 2003، هجرة رؤوس الأموال للخارج، ما دفع الحكومة للتدخل في سوق العملة وشراء البوليفار للمحافظة على استقرار الأسعار، لكن نتج عن ذلك، فقدان خزينة الحكومة لاحتياطي النقد الأجنبي، لتلجأ بعدها لتثبيت سعر الصرف. واستقر سعر العملة منذ ذلك الوقت، وأصبح الحصول على الدولار خاضعاً لشروط حددتها الحكومة، من بينها العلاج أو دراسة الأبناء أو السفر للخارج واستيراد سلع أساسية وغيرها، لكن برزت في الحال سوق موازية تعرض أسعار تفوق أسعار الحكومة بكثير. وكان أداء الاقتصاد الفنزويلي مثالياً في الفترة بين 2004 إلى 2008 بوتيرة نمو سنوي قدرها 10%، عندما سجل سعر النفط أرقاماً عالية، كما أحدثت الفرق أيضاً، سياسات الحكومة الرامية للحصول على أكبر قدر من عائدات عملة الدولار لاستثمارها في مشاريع اجتماعية وتعليمية، بغية تنويع الاقتصاد. ونجم عن هذه الآلية بجانب الاقتراض لسد عجز الميزانية، ارتفاع الدين الأجنبي بسرعة كبيرة خلال الفترة بين 2006 إلى 2014 من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 25%. كما ارتفع الدين الاسمي الخارجي سواء العام منه والخاص، من 41,8 مليار دولار في 2006، إلى 134,5 مليار دولار في 2014، بزيادة قدرها 320% في غضون ثماني سنوات فقط، إذ تقدر ديون الصين وحدها لدى فنزويلا، بنحو 50 مليار دولار. ومن ضمن المعايير الأخرى التي اتخذتها الحكومة خلال هذه الفترة، منع الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي، ليرتفع السعر في السوق السوداء من 8 بوليفار في 2011، إلى 16 في 2012. ومن أضرار الاقتراض للتعويض عن الانخفاض في سعر الصرف الرسمي، زيادة حجم عملة البوليفار المتداولة مقارنة بما تملكه الدولة من نقد أجنبي. ونتيجة لذلك، انخفض الاحتياطي الأجنبي بنحو 50% في الفترة بين نهاية 2006 إلى نهاية 2014، من نحو 30 مليار دولار إلى 15 مليار دولار، وفقاً لبنك فنزويلا المركزي. وتفاقمت فجوة فرق سعر الصرف بين الرسمي والموازي خلال 2015 وحتى نهاية 2015 لتسجل أرقاماً غير مسبوقة وصلت إلى 800 بوليفار مقابل الدولار الواحد وفرق 125 إلى 1 بين السعرين. لكن يتفق معظم الخبراء الاقتصاديين، على أن فنزويلا تعاني سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية، بما في ذلك الإفراط في الاعتماد على النفط والتحكم في الأسعار، ما حدا بالعديد من الشركات للتوقف عن الإنتاج. ويأمل صناع القرار، في أن تتجه الحكومة بعد هذه الإعلانات، لإصلاح المشاكل الهيكلية في الاقتصاد للقضاء على حالة الركود التي تسود البلاد. نقلاً عن: محطة تيليسور التلفزيونية الفنزويلية وإنترناشونال نيويورك تايمز وتلغراف وأيه بي سي نيوز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©