الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التعليم المبتكر... ركيزة أساسية لتطور صناعي مستدام

التعليم المبتكر... ركيزة أساسية لتطور صناعي مستدام
4 يونيو 2016 20:45
تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة وأبوظبي بمكانة مهمة في المشهد الاقتصادي العالمي والإقليمي، ويبرز ثقلهما الكبير بوضوح وسط الغموض والتقلبات التي تكتنف البيئة الاقتصادية نتيجة هبوط أسعار النفط وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة. ويعزى الفضل في هذه القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دولة الإمارات إلى التطلعات الطموحة لقيادتنا الرشيدة والرامية إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات والاتجاه نحو تنويع اقتصادنا عبر تعزيز دور القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، ومن أبرز وأهم هذه القطاعات الصناعة والصناعات التحويلية. وبفضل الرؤية الواضحة لقيادتنا الحكيمة والنظرة المستقبلية المرتكزة على أسس متينة، تمكنت دولتنا من تحقيق تقدم كبير نحو تنويع اقتصادها وتطوير فرص استثمارية في القطاعات غير النفطية، كالمعادن ومواد البناء وخدمات النفط والغاز وتصنيع المواد الغذائية والمشروبات، والتي تساهم جميعها في إثراء التنوع الاقتصادي للبلاد. ونتيجة لذلك، تصنف دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم ضمن قائمة أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة، وأحد أكثر الاقتصادات استقراراً في العالم، نظراً للنمو الكبير في هذه القطاعات وغيرها من القطاعات غير النفطية التي تسهم في دفع عجلة نمو اقتصادها وتهيئة المناخ الملائم لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. ولكي يتمكن قطاعنا الصناعي المحلي من الحفاظ على دوره في التنمية الاقتصادية للدولة، لا بد له من مواصلة الابتكار وقيادة دفة النمو والتنوع الاقتصادي وصولاً إلى اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة. وعليه، يجب التركيز على إعداد كوادر وطنية مؤهلة وعلى درجة عالية من المهارة والمعرفة والرغبة بالابتكار والمساهمة في دعم ازدهار ونمو بلدهم. البداية يمكن أن تكون من مدارسنا ومنازلنا عبر تشجيع طلابنا وأبنائنا على بناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم ليكونوا لاعبين فاعلين في الجهود الرامية لتحقيق الاستدامة على صعيدي الابتكار والنمو الاقتصادي. ولكي نواكب المنافسة في النموذج الاقتصادي العالمي، والذي يزداد اعتماده على المعرفة، نحن بحاجة لتعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والقطاع الصناعي بحيث ننتقل من النهج التقليدي في تمويل المشاريع البحثية الصغيرة أو تلك المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، إلى نهج تخصصي ونموذج جديد لبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد. فمن ناحية، علينا أن نعي جيداً بأن هذه الشراكة ستعزز دور المؤسسات التعليمية في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال تشجيع الطلاب على اختيار تخصصات وسلك مسارات مهنية ضمن قطاعي الصناعة والصناعات التحويلية، والتي جرت العادة على أن تكون أكثر استقطاباً للعمالة الوافدة المحملة بالمهارات والخبرات التي تتطلبها مثل هذه القطاعات. ومن جانب آخر، لا بد لنا أن ندرك جيداً أن استمرار وتيرة ازدهار القطاع الصناعي على المدى الطويل يتطلب منا أولاً تعزيز إقبال المواهب الإماراتية على العمل فيه وتحويله إلى مجال عمل جذاب للطاقات البشرية المحلية من الطلاب. وفي هذا السياق، نحن بحاجة للتعاون فيما بيننا لتشجيع الطلاب على تنمية مهاراتهم الإبداعية وتعزيز اهتمامهم بالقطاع الصناعي ليكون وجهتهم المفضلة عند دخول الحياة العملية. ولتحقيق ذلك، ينبغي على كل طرف أن يقوم بدوره في ردم الفجوة الثقافية ومعوقات التواصل التي من شأنها أن تؤثر سلباً على المنظور الاجتماعي للمهن المرتبطة بالقطاع الصناعي، والذي بسببه تضيع طاقات هائلة يمكن الاستفادة منها وتستثمرها بما يعود بالخير على الوطن ككل. كما أن سد الفجوة بين القطاعين التعليمي والصناعي من خلال الابتكار يعد حلاً ناجحاً لتعزيز ازدهار الاقتصاد الإماراتي وتحديداً قطاعه الصناعي الذي يتمتع بإمكانات كبيرة للنمو ويشكل ركيزة أساسية لجهود التنويع الاقتصادي وتعزيز مصادر الدخل. ومن بين الحلول الممكنة، تعزيز الوعي المجتمعي ككل على الدور الكبير الذي تلعبه الكوادر المتخصصة العاملة في قطاعات الصناعة والصناعات التحويلية في دعم نمو وتطور اقتصاد دولة الإمارات. ويجب على الشركات والمؤسسات أن توفر للكوادر الراغبة في العمل ضمن هذه القطاعات، الفرص التدريبية وبرامج التطوير اللازمة لصقل مهاراتها وتعزيز كفاءتها. ولا بد أن تلعب الجامعات دوراً رئيساً في إبراز أهمية هذه القطاعات وما يمكن أن تحققه من أثر إيجابي مضاعف على الاقتصاد ككل، كما يجب أن تعزز من جاذبية القطاعات الصناعية بين طلابها. ويجب أن تعمل المؤسسات والشركات العاملة في هذه القطاعات على تقوية أواصر تعاونها مع المدارس، بهدف تعزيز جاذبيتها بين أوساط الطلاب، والتركيز على المشاريع الجذابة التي تعتمد على التقنيات المتطورة التي تضفي قيمة عالية على الاقتصاد ككل، بما يعزز من قدراتها التنافسية وجاذبيتها لاستقطاب الكوادر المحتملة. ولا نغفل هنا عن أهمية مواصلة العمل على مسؤوليتنا المجتمعية في توفير البيئة الملائمة للتغلب على التصورات الخاطئة حول المهن الصناعية وإلهام الطلاب وغيرهم لإدراك قيمة الصناعات التحويلية في خلق اقتصاد متوازن. أما بالنسبة للطلاب الراغبين في الالتحاق للعمل بالقطاعات الصناعية فلابد من تشجيعهم والعمل على توفير البيئة الداعمة لهم إضافة إلى تنمية قدراتهم وتحقيق طموحاتهم، سواءً من خلال البرامج الداعمة أو البعثات والمنح الدراسية أو المبادرات الأخرى، ولا شك أن إعداد جيل متمكن من الكفاءات الوطنية ضمن مختلف القطاعات سيعود بفوائد عديدة على الاقتصاد ككل، وهو ما يُعد ركناً أساسياً لمواصلة مسيرة النمو والتنويع الاقتصادي في البلاد. لقد قطعت أبوظبي ودولة الإمارات عموماً شوطاً كبيراً في تطوير قطاعاتها غير النفطية، وتعد الشركة القابضة العامة «صناعات» لاعباً رائداً في هذا المجال ومثالاً ناجحاً لسعي الدولة التي وضعت على رأس أولوياتها المساهمة في تنويع اقتصادنا الوطني وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال المجال مفتوحاً أمام بذل مزيد من الجهود لتقوية هذه القطاعات وتعزيز قدراتنا التنافسية على الساحة الدولية. وفي الختام، ينبغي أن نسعى دائماً لأن نكون في الطليعة ونرفع شعار الابتكار في كل ما نقوم به لكي نتمكن من تحقيق طموحاتنا بالاعتماد على ذاتنا. وعليه، لا بد أن ندرك جيداً أن القطاع الصناعي والصناعات التحويلية والتقنيات القائمة على المعرفة تشكل العمود الفقري لمستقبل بلدنا واقتصادنا الوطني، وأن تعزيز الوعي بأهميتها بين كوادرنا الطموحة ودعم وتشجيع قادتنا الملهمين يعد خطوة بالغة الأهمية لمواصلة مسيرة الازدهار والنمو والتقدم لبلدنا. * الرئيس التنفيذي بالإنابة لـ«صناعات»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©