الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعلمات أم «أصحاب الشوارب»؟

26 ابريل 2010 21:04
بينما كنت في أحد المجالس برفقة مجموعة من الأصدقاء أغلبهم من المعلمين بالمدارس الابتدائية، أخذ الإخوة المعلمون يخطفون محاور الحديث، وسرعان ما دخل جميع من كان بالمجلس في حوار حول شؤون التربية والتعامل مع الطلاب من أبناء الجيل الجديد. أبرز ما شد انتباهي هو التذمر الشديد من حال طلاب اليوم، لم تكن المشكلة في تدني المستويات التعليمية أو مشاكل الاستيعاب أو حتى في المناهج، بل كانت في الصعوبة التي يواجهها المدرسون «الذكور» في التعامل مع الطلاب الذين أنهوا سنواتهم الأولى تحت إشراف المدرسات «الإناث»، وفوجئوا في العامين الأخيرين لهذه المرحلة بمدرسين من أصحاب «الشوارب المرعبة» بانتظارهم في الفصول الدراسية. أحد الجالسين أخذ يسرد لنا مواقفه الكثيرة، فأحد الطلاب كان يكثر من الحديث أثناء الحصة، ويفرط في النقاش والمداخلات، فيضيع نصف الحصة الدراسية للإجابة على أسئلته، طالب آخر كان شديد الشقاوة، وما أن ينظر إليه المعلم «الرجل» بعينيه المخيفتين، حتى يحمر وجهه ويأخذ بالبكاء بصوت مرتفع، وترتجف يداه ورجلاه كحمامة صغيرة يمسكها أسد. في هذه الأثناء ظهر أحد هؤلاء المدرسين والذي يبدو أنه تلقى دورة عسكرية في يوم ما، ليستعرض فنونه في التعامل مع هذا النوع من الطلاب، ويؤكد أن هناك مسؤولية عظيمة تقع على عاتق المدرسين «الذكور»، حيث يجب تأسيس هؤلاء الطلاب من جديد ليتمكنوا من التعامل مع الرجال، بعيدا عن «الدلال» الذي حصلوا عليه خلال سنواتهم الدراسية الأولى. حاولت عندها إنعاش ذاكرتي لعلي أعود إلى يومي الأول على مقاعد الدراسة، فلم أسترجع الكثير، لكنني تذكرت أن المدرس «أبو الشوارب» كان في انتظاري أنا وبقية الطلاب، وأخذ منذ اليوم الأول يعلمنا ضرورة التأدب في الحديث مع المعلمين ويأمرنا بالانتباه جيدا للشرح وضرورة عدم المشاغبة واللعب، أتذكر صوته المخيف ووجهه «المليان» ونظراته التي تشبه عيني الصقر، وهو يوجه لنا الحديث ممسكا بالعصا، وفي يوم من أيام ذلك العام، جاءنا نفس المدرس بوجه مختلف، البسمة تبدو على وجهه، ونبرة صوته هادئة على غير المعتاد، وقال: لقد عاملتكم بشيء من الشدة، ضربتكم بالعصا، وعنّفت المشاغبين منكم، ولكن حين تكبرون ستدركون أنني لم أفعل ذلك إلا من أجلكم لتكونوا من أفضل الرجال. لا أستطيع أن أفهم سبب تأنيث الكادر التعليمي للطلاب في المرحلة الابتدائية، ورغم أنني أقدّر المرأة ومكانتها الرفيعة في المجتمع، ودورها في مجال التعليم على وجه التحديد، ولكن الطلاب الذكور بحاجة للاحتكاك بـ «أصحاب الشوارب» منذ نعومة أظافرهم، فيتكسبون منهم صفات الرجال، ويشعرون ببعض الخوف، ورغم أن العملية التربوية الحديثة ترتكز على جانب الترغيب، لكنها أيضا بحاجة إلى البعض من التخويف. hussain.alhamadi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©