الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آباء وأمهات: التحرش بالصغار نتيجة التربية الأسرية الخاطئة

آباء وأمهات: التحرش بالصغار نتيجة التربية الأسرية الخاطئة
26 ابريل 2010 20:22
مما لا شك فيه أن “حماية الطفل” سواء أكانت مسؤولية أسرية أو مجتمعية، فإنها تتعدى مجرد توفير المأكل والملبس والمسكن، أو تقديم أوجه الخدمات الصحية والمادية له، أو مجرد منع الضرر والإيذاء الجسدي، بل هي حماية ووقاية وتحصين نفسي ومعنوي وإنساني في المقام الأول. إذا كان الطفل هو الكيان الإنساني الأضعف لاعتبارات عمرية وفسيولوجية وثقافية، وإذا كان تتجلى فيه هو نفسه أهداف وآمال الآباء والأمهات والأسرة والمجتمع بأسره، فلماذا يحتاج إلى حماية؟ ونحميه من ماذا؟ وما هي مصادر الخطورة والأذى التي تتربص به؟ وكيف نحقق له إذن الحماية اللازمة؟ وإذا كان الاعتداء والإساءة النفسية والمعنوية والجسدية على الأبرياء الصغار أصبحت شكوى عالمية تؤرق المجتمع الإنسان بأسره، فلماذا تقفز مشكلة التحرش الجنسي بالأطفال إلى مقدمة أنواع الإيذاء وهمجية ولا إنسانية البشر؟ وما هي الأسباب؟ وكيف يمكن اتخاذ تدابير احترازية وقائية لتجنب مثل هذه الكوارث غير الأخلاقية؟ .. يقول سراج محمد صالح البريكي “موظف”: “إنّ الأمر لا يخلو بطبيعة الحال من بعض صور العقاب اللازم لتعليم الطفل وضبط سلوكياته، لكن هُناك بعض الآباء والأمهات يبالغون في تخويف أبنائهم أو يضطرون إلى ممارسة القسوة الجسدية معهم، وأحياناً يؤذي الأب ابنه عن غير قصد، لكن يجب هُنا أن يفرق الأب بين العقوبة والإهانة، وهُناك ما يؤذي الطفل نفسياً أكثر من الضرب، مثل التفرقة في المعاملة بين الإخوة أو التمييز، وكثيرٌ من الأطفال يتعرضون لأنواع متعددة من الأذى والضرر من الخدم نتيجة غياب دور الأم واعتمادها عليهم بشكل كامل، وأسمع أنّ هُناك حالات من التحرش بالصغار عن طريق السائقين والخدم، وبالتالي على الآباء والأمهات ملاحظة ما يطرأ على سلوكيات أطفالهم من تغيرات، ولا أتردد من جانبي في الإبلاغ عن الحالات الشاذة لأي سلوك عدواني على الأطفال بعد أن أستنفد النصائح اللازمة؛ لأن الطفل كائن ضعيف يحتاج إلى حماية، وإن جهل البعض بأهميتها”. وتضيف فتحية خوري “ربة منزل”: “من الأهمية أن تربي الأم أطفالها على الحوار والصراحة والصدق، ولا ضرر من العقوبة عند الخطأ، إنما يفترض أنّ تكون العقوبة غير مبالغ فيها، ولا تعتمد على الإيذاء الجسدي، أو البدني، فهُناك أنواع عديدة من العقوبات يمكن للأم أن تطبقها دون مبالغة في العنف، وأظن أنني لا أتردد في إبلاغ الجهات المعنية إن رأيت وتأكدت من أي حالة لإيذاء طفل صغير.. والعقاب الرادع كفيل بالحد من الظاهرة وانتشارها”. كما يقول غازي أبورشيد “موظف”: “لا أظن أنّ الأب أو الأم يتعمد إيذاء الطفل عند عقوبته، لكن يجب ألاّ يبالغ في ذلك لدرجة الإساءة التي تترك آثاراً سلبية على نفسية الطفل، كما أنني لا أحبذ أسلوب التخويف أو الترويع أو العصبية؛ لأنها تترك آثاراً أعمق من العقوبة البدنية، أما من ناحية التحرش الجنسي، فأفضل وقاية ألاّ يغيب عن الوالدين مراقبتهما ومتابعتهما لأطفالهما، وتعليم الصغار الثقافة الجنسية بشكل متدرج، وتبصيرهم بصور وأساليب الإساءة المحتملة من الآخرين، وتشجيع الطفل على الرفض والإبلاغ والمكاشفة عندما يتعرض لسلوك غير أخلاقي”. وعي الوالدين تقول كاميليا الشامسي “ربة منزل”: “إنّ أهم سبل الوقاية أن يعي الوالدان مسؤولياتهما جيداً ويراقبا الأبناء جيداً دون الاعتماد على الخادم والمربية والسائق، ومن الممكن أن تقوم الأم بتوعية الأبناء منذ وقت مبكر بكيفية التعامل مع الآخرين، وتكوين فكرة جيدة عن نفسه، وكيف يحافظ على حرمة جسده، وهذا لا يتم إلا بالوعي والحوار والصراحة، وليس بأسلوب الضرب والتخويف، وعلى الأم تحديداً أن تقيم علاقة صداقة مع ابنتها، وتعزز لديها الأحساس بالثقة، وتبصرها بمفهوم الحرية، كما أنني أُحمل الإعلام مسؤولية انتشار ظاهرة التحرش بين الأطفال والصبية، حيث يميلون إلى التقليد والمحاكاة للمشاهد التي يرونها”. أما سلطان راشد الشامسي “موظف”، فيقول: “أظن أن إهمال الوالدين سبب رئيس في كافة مشاكل ومظاهر التحرش بالأطفال، ولعلّ الصور السلبية التي نسمع عنها ترتبط بأشخاص لهم سمات سلوكية غير سوية، وهي بالطبع غريبة عن ثقافة وقيم هذا المجتمع، وأظن أيضاً أنّ الحماية الوقائية للطفل أهم من معالجة النتائج أو السلبيات، وأشدد على لغة الحوار والمكاشفة بين الآباء والأمهات والأبناء، كذلك يجب وضع ضوابط أسرية أمام استخدام النت ومشاهدة التلفزيون، وفرص الاحتكاك والتقارب مع الآخرين سواء أكانوا أقارب أو جيراناً، ومراقبة أصدقاء الطفل إذا كان في سن صغيرة”. كذلك يضيف فيصل محمد الشحي “موظف”: “علينا أن نفرق بين صور وأنواع الإيذاء، فالعقاب التربوي للطفل أمر ضروري، وإيجابي إن كان غير مبالغ فيه، ويمكن لأي أب أو أم أن يعاقب طفله دون إهانة أو إيذاء، فهُناك عقوبات التوبيخ والحرمان من مزايا معينة أو الحرمان من رحلة مدرسية، أو الخروج مع الأصدقاء في نزهة، فالمهم أن يمارس الوالدان دورهما في حزم وحنان معاً”. ويضيف: “أما الإيذاء الجسدي أو الجنسي من شخص غريب فلا وقاية منه غير المراقبة الجيدة والمتابعة والحوار والصراحة مع الأطفال، وتجنب الأسباب قبل الوقوع في الخطر، ومن الأهمية توعية المجتمع من خلال المؤسسات والأجهزة المعنية والإعلام والمدارس والمساجد”. الوزر الأكبر يؤكد عبدالله الدرمكي “معلم” أن الوزر الأكبر في التحرش الجنسي بالأطفال، يقع على الوالدين وطريقة التربية الأسرية، بدءاً من علاقة الطفل بأشقائه وشقيقاته الذين يقاسمونه مكان نومه، ولا سيما مع اقتراب موعد بلوغهم، وتساهل وعدم اكتراث الأهل حينما يلبس الذكر والأنثى الملابس الضيقة وأحياناً الشفافة، والتسيب في المراقبة دون رادع، وعدم التحري عن الأصدقاء، أو ترك الحبل على الغارب ودون رقابة، إلى جانب الحرمان من الرعاية والتوجيه والإرشاد المتواصل للأبناء، والحرمان المادي وعدم إشباع حاجات الطفل الضرورية، وانشغال الأم على وجه الخصوص بخروجها للعمل، وترك الطفل فريسة المرضى من قبل بعض الخدم أوالسائقين أو العاملين في محال البقالة”. .. أما عواطف هندي “معلمة”، فتقول: “التحرش الجنسي بالأطفال ظاهرة سيئة للغاية، وتزايدت في الآونة الأخيرة، وتخلف عواقب نفسيه سلبية على حية الطفل مستقبلاً، ويجب على الوالدين تحذير الأولاد منها موضحين لهم كيفية التعامل مع العناصر الفاسدة، والابتعاد وإبلاغ الوالدين دون خوف قبل وقوع الحدث، فللأسرة جانب مهم للغاية في تجنب مثل هذه الأمور من حيث الوعي والمعرفة، فالحديث مع الأبناء بكل صراحة ووضوح ودون خدش للحياء مهم جداً، ويمكن أن يكون الحديث بالتلميح، إلى جانب التقصي المستمر عن الأصدقاء والأماكن التي يرتادها؟ وهل بها أفراد مشبوهون أم لا؟ والتتبع والسؤال وعدم الإهمال أوالإغفال، وضبط ساعات ونوعية مشاهدة التلفزيون أو استخدام (النت)؛ لأن ذلك يزيد من فرص التحرش به”. مسؤولية المجتمع تفند الأخصائية الاجتماعية منى اليافعي ظاهرة التحرش بالأطفال، وتقول: “إنها ظاهرة لا يجب التعامل معها بسطحية أوبتجاهل للأسباب المجتمعية المتشابكة، فإنها تعكس تردياً على مستوى القيم الذاتية، وانعدام الوازع الديني لدى المتحرشين بالصغار، والجهل، وتداخل الثقافات الهشة التي فرضت على المجتمع لعوامل عديدة منها: عمل الأمهات، والاعتماد على الخدم، والسائقين كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وانعدام الرقابة الأسرية، وانتشار قيم العولمة و(الإنترنت) ووسائل الاتصال بين أيدي الأطفال الصغار، فضلاً عن غلبة قيم الخوف عند بعض الأسر من الإبلاغ عن الجاني خوفاً من افتضاح الأمر ولاعتبار أن ما حدث للطفل ما هو إلا جريمة بحقه وبحق أسرته والمجتمع، وأعتقد أن مسؤولية الأسرة في أن تمد الطفل بالمعلومات التي تمثل طوق نجاة له من التحرش الجنسي، ويجب توعية الأطفال بأسلوب سهل بعيداً عن الابتذال، وبما يتناسب مع أعمارهم، كما يجب أن ننبه الأبناء إلى عدم الوثوق بالغرباء بسهولة، ونعلمهم حُسن التعامل مع الأزمات، وكيفية التصرف في حالة تحرش أحد بهم. ويجب على الأسرة أن تعلم الطفل كيفية طلب النجدة عند الضرورة”. الآثار النفسية السلبية يشير الدكتور فؤاد عطية أستاذ العلاقات الإنسانية بجامعة هافانا الأميركية إلى وجود مؤشرات نفسية سلبية تلقي بظلالها على الأطفال الضحايا مثل: إبداء الانزعاج، أو التخوف، أو رفض الذهاب إلى مكان معين، أو بالبقاء مع شخص معين، أو الاستخدام المفاجئ لكلمات جنسية، أو أسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة والشعور بعدم الارتياح، أو الرفض تجاه العواطف الأبوية التقليدية ومشاكل النوم على اختلافها، القلق والكوابيس ورفض النوم أو الإصرار المفاجئ على إبقاء النور مضاءً والتبول الليلي. أما الآثار النفسية للتحرش الجنسي بالأطفال، فتتمثل في الإصابة بالخوف والفزع، ويحمل الأطفال فكرة سيئة عن أجسامهم وتصبح مصدر إزعاج لهم، بحيث تصبح علاقتهم بأجسادهم علاقة متوترة، خاصة مع كل ما له علاقة بالجنس، إلى جانب الاكتتئاب والإحباط وفقدان الثقة في كل من حوله، والعزلة والانطواء، وممارسة الشذوذ الجنسي، ويجد فيه نوعاً من المتعة فيستمر في تلك الممارسات غير السوية ويمارسها مع نفسه أو مع الكبار، وهذا بالتأكيد يمثل خطورة على المجتمع”. أرقام ومؤشرات عالمية ? تقدر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 40 مليون طفل دون 15 سنة يعانون سوء المعاملة والإهمال، ويحتاجون إلى رعاية صحية واجتماعية. ? أوضح مسح أجري في مصر أن 37 في المئة من الأطفال يفيدون بأن آباءهم ضربوهم أو ربطوهم بإحكام، وأن 26 في المئة أبلغوا عن إصابات مثل الكسور، أو فقدان الوعي، أو إعاقة مستديمة نتيجة لذلك. ? أبلغت 36 في المئة من الأمهات الهنديات الباحثين القائمين بالمسح بأنهن ضربن أطفالهن بشيء ما خلال الأشهر الستة الماضية، وأفادت 10 في المئة أنهن ركلن أطفالهن، و29 في المئة بأنهن جذبن أطفالهن من شعورهم، و28 في المئة بأنهن ضربن أطفالهن بقبضة اليد، و3 في المئة بأنهن عاقبن أطفالهن بوضع الشطة الحمراء في أفواههم. ? أوضح مسح أجري في الولايات المتحدة أن 5 في المئة من الآباء الذين تناولهم البحث اعترفوا بأنهم يؤدبون أطفالهم من خلال واحدة أو أكثر من الطرق التالية: إصابة الطفل بشيء ما، وركل الطفل، وضرب الطفل، وتهديد الطفل بسكين أو مسدس. نزاعات وحروب وضحايا يتعرض ما بين ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف طفل كل عام للقتل أو بتر الأعضاء بسبب الألغام الأرضية. ويقدر عدد الأطفال الجنود بنحو 300 ألف - من البنين والبنات الأقل من 18 سنة، وهم متورطون في أكثر من 30 نزاعاً على مستوى العالم، حيث يستخدم الأطفال الجنود كمحاربين، وكمراسلين، وحمالين، وطباخين، ولتقديم الخدمات الجنسية. ويتعرض البعض منهم للتجنيد القسري أو الخطف، وآخرون يدفعهم الفقر وإساءة المعاملة والتمييز إلى الانضمام، أو السعي للثأر بسبب العنف الذي تسلط عليهم وعلى أسرهم. كما تتعرض الفتيات والنساء إبان النزاعات المسلحة لمخاطر الاغتصاب، والعنف المحلي، والاستغلال الجنسي، والاتجار، والإذلال والتشويه الجنسي. ولقد أصبح استخدام الاغتصاب وغيره من أشكال العنف ضد النساء استراتيجية في الحروب تستخدمها كل الأطراف. كما يكابد الأطفال في النزاعات المسلحة عادة أحداثاً مؤلمة عاطفياً ونفسياً مثل الموت الشنيع للآباء أو أقرب الأقارب، والانفصال عن الأسرة، وهم يقتلون أو يعذبون، والنزوح من الديار والمجتمع، والتعرض لأعمال القتال والقصف وغيرها من الأوضاع التي تهدد الحياة، وحالات إساءة المعاملة مثل الاختطاف والاعتقال والاحتجاز والاغتصاب والتعذيب، والإخلال بالنظام المدرسي وبحياة المجتمع، والفقر المدقع والمستقبل الغامض. بل وقد يشارك البعض منهم في أعمال العنف ذاتها. مسوحات ميدانية ? تُشير المسوحات الميدانية للمنظمة العالمية للطفولة إلى أن ما بين 30 إلى 35 في المائة من إجمالي العاملين في أنشطة جنسية في إقليم ميكونغ دون الإقليمي في جنوب شرق آسيا تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، كما تفيد وكالة الخدمة الاجتماعية في المكسيك بأن هناك أكثر من 16 ألف طفل متورطون في الدعارة، حيث توجد أعداد غفيرة منهم في المقاصد السياحية بتلك المناطق. أما ليتوانيا، فيعتقد أن ما بين 20 إلى 50 في المائة من العاهرات من القصر، وهناك أطفال لا تزيد أعمارهن على 11 سنة يعرف عنهن العمل كعاهرات، وقد جرى استخدام الأطفال من الملاجئ، تتراوح أعمار بعضهم بين 10 و12 سنة، للاشتراك في أفلام إباحية. ? أوردت التحقيقات الصحفية التي أُجريت عقب الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 أن جميع الإناث تقريباً ممن تزيد أعمارهن على 12 سنة الباقيات على قيد الحياة تعرضن للاغتصاب، وإبان النزاع الذي دار في يوغوسلافيا السابقة، أشارت التقديرات إلى تعرض أكثر من 20 ألف أنثى للاعتداء الجنسي. كما تؤدي النزاعات إلى تشتيت الأسر، الأمر الذي يضع مزيداً من الأعباء الاقتصادية والعاطفية على المرأة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©