الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله السعدي...يوثّق متاهات العزلة

عبدالله السعدي...يوثّق متاهات العزلة
8 مارس 2015 23:15
إبراهيم الملا (الشارقة) قدم الفنان الإماراتي عبدالله السعدي خلال مشاركته بالدورة الثانية عشرة من بينالي الشارقة مجموعة من الأعمال التركيبية والبصرية ذات العلاقة الوثيقة بالبيئة الجبلية التي ترعرع وسطها السعدي واكتسب فيها حساسية خاصة تجاه مصطلحات فنية بعينها، مثل الكتلة والمنظور والنسق الكاليجرافي لخطوط الكتابة وخطوط الطبيعة، بحيث تمتزج هذه المفاهيم مع الرؤية الخاصة للفنان عند تعاطيه مع الذات ومع الوجود. توزعت أعمال السعدي في بينالي الشارقة على قاعات العرض بالمباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون، بالإضافة إلى عمله اللافت، بعنوان «فزّاعات» في الساحة الداخلية لبيت السركال في منطقة الشارقة القديمة. وجاءت أعماله المعروضة في المباني الفنية كترجمة لمشروع (رحلة الزنوبة) الذي أنتج خصيصاً للبينالي ضمن ترحال طويل ومتواصل للسعدي، بدأه قبل سنوات بعيدة لخلق وشائج وعلاقات روحية بين أمكنة الطفولة، وأمكنة بعيدة سافر إليها وحيداً، مثل اليابان والبرازيل والأرجنتين، وغيرها كنوع من التجوال المضني والممتع أيضا لالتقاط الدهشة البدائية والسحيقة قبل نشأة المعرفة ربما، وقبل نشأة التاريخ والجغرافيا والفن والثقافة. في عمله التفاعلي «رحلة الزنوبة» يستخدم السعدي تقنيات فنية مستقلة ووسائط متعددة لتجسيد مناخات العمل، كما لو كان المتلقي شاهداً بنفسه على هذه الرحلة الجبلية المرهقة، فعلى الجدران ثمة لوحة كبيرة لإحدى الجبال التي مر بها السعدي، بينما هناك عدد من اللوحات الصغيرة المتقاربة أفقياً تبرز فيها تخطيطات لونية لشقوق وأخاديد وطرق ملتوية وسط هذه الجبال، وهناك أيضا علامات غامضة كأنها خارطة متاهات، خبرها الفنان نفسه وسط هذه الجروف الناتئة والوديان الوعرة والسلاسل الصخرية الموحشة. اشتمل العمل أيضاً على مجموعة من الصخور الجبلية التي التقطها الفنان ولونها بمواد مختلفة تعبّر عن التمايزات الشكلية في الخارج، وعن التحولات النفسية والتبدلات المزاجية للفنان نفسه خلال الرحلة، ونرى على الأرضية شاشة عرض صغيرة ترصد حيثيات الرحلة من خلال كاميرا خاصة حملها السعدي بشكل ارتجالي، وبوضعيات ثابتة وأخرى متحركة، وفي الجانب المقابل، هناك منصة زجاجية تحتضن دفتراً دوّن فيه السعدي محطات الرحلة وانطباعاته الشخصية، وملاحظاته وتأملاته كنوع من التعاطي المرهف مع البيئة الخشنة المحيطة به والمغلقة تماما على الصمت والعزلة. حمل السعدي معه في هذه الرحلة عربة وأحذية شعبية كانت تستخدم في الماضي، صنعها بنفسه من المطاط وجلد الماعز، ووضع في عربة الجرّ تلك كل ما يمكن أن يحتاج إليه، ورغم الصعوبات التي واجهته خلال هذا «التجوال الشاهق»، إلا أن قيمة وأهمية هذا العمل تتجلى بشكل واضح في استدعاء الفنان لخبراتنا الفطرية الكامنة، والتعبير عن خزين من الخيالات المتوارية في لاوعينا، إنها الدروب ذاتها التي سلكها الأوائل من سكان هذه الأرض في رحلة بحثهم الطويلة عن ذهب المعنى، وكنز المغامرة. في عمله الثاني «فزّاعات» ـ أو خيالات المآته ـ الذي عرضه في باحة بيت السركال، استلهم السعدي فكرة العمل في العام 2009 عندما زار بلدان أميركا الجنوبية ومكث فيها مدة ثلاثة أشهر، وكان تمثال: «المخلّص» في البرازيل والذي يرتفع 39 مترا فوق سطح البحر، ويطل على مدينة ريو دي جانيرو هو شرارة وبداية التفكير في تنفيذ المشروع: خصوصا وأن هذه الفزاعات بشكلها التقليدي تنتشر بكثرة في بساتين ومزارع المنطقة الشرقية بالإمارات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©