الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطاب المراجعة

19 يوليو 2009 22:52
قبل وفي أعقاب الخطاب الذي ألقاه الرئيس أوباما في جامعة القاهرة في الرابع من يونيو الماضي، كتبت عدة مقالات هنا في «الاتحاد»، أبديت فيها الترحيب بخطاب الرئيس الأميركي خاصة جزءه المتصل بحل الصراع العربي -الإسرائيلي على أساس رؤية إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية. وقد أوضحت أن دعوة الرئيس أوباما للمصالحة التاريخية العادلة يمكنها الاعتماد على المبادرة العربية للسلام التي أطلقها القادة العرب عام 2002 وراحوا يؤكدونها قمة بعد الأخرى، وأنه في نفس الوقت سيصطدم بمواقف الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها اليمينية الحالية التي يؤمن معظم أحزابها بأطماع التوسع في الأرض المحتلة ويصممون على الجمع بين التوسع والسلام بعيداً عن قاعدة الأرض مقابل السلام والتي أقرها المجتمع الدولي في مؤتمر مدريد منذ عام 1991. وقد طالبت الرئيس الأميركي أن يتبع خطابه في القاهرة حيث المستمعين ممهدين بالمبادرة العربية، بقبول فكرة مقايضة الأرض بالسلام، وذلك عبر خطاب يلقيه في إسرائيل ولا يوجهه فقط لمواطني دولة إسرائيل اليهود، بل يوجهه الى جميع يهود العالم، تماماً كما فعل عندما وجه خطابه من القاهرة إلى جميع مسلمي العالم. إن الكاتب لا يحظى بسعادة لأي عائد يحصل عليه مقابل أفكاره أعلى من السعادة التي يحققها له قبول تلك الأفكار من أصحاب الشأن الذين يخاطبهم خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحياة الناس وحقوقهم. من هنا فإني أنظر الى الأخبار التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 2009/7/14 حول عزم أوباما زيارة إسرائيل وإلقاء خطاب موجه إلى الإسرائيليين لحفزهم على اتخاذ مواقف مواتية لعملية السلام، باعتبارها أخباراً تحقق لي أعظم أجر يتلقاه الكاتب عن عمله. فقد ذكرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي اجتمع في 2009/7/13 مع ستة عشر زعيماً من زعماء اليهود الأميركيين والمنظمات اليهودية الأميركية ليأخذ رأيهم في فكرة الزيارة، وأنهم جميعاً أكدوا لأوباما أن زيارته لإسرائيل من شأنها أن تسهم إسهاماً كبيراً في تعزيز الشعور لدى الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة ورئيسها ما زالا يلتزمان بالحفاظ على الأمن الإسرائيلي. إن إحدى أهم الإشارات التي ذكرتها الصحيفة نقلا عن الحاضرين في اللقاء، تتمثل في قول أوباما لمستشاريه ومساعديه في لهجة آمرة: «عليكم بشد الرحال إلى إسرائيل»، وهي العبارة التي فسرها اليهود الحاضرون على أنها قرار نهائي من جانب الرئيس بإجراء الزيارة. لقد قمت فور مطالعتي للخبر بمتابعة المصادر الأميركية للتأكد من الخبر فوجدت بياناً للبيت الأبيض يشير بالفعل إلى اجتماع أوباما بالزعماء اليهود، وأن الاجتماع تناول مجموعة من القضايا في مقدمتها الملف الإيراني وملف السلام العربي الإسرائيلي. ويؤكد صدقية «يديعوت أحرونوت» ما أعلنه مالكولم هونلين نائب الرئيس التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية، من أن أوباما وضح في الاجتماع المذكور حدوث تقدم في المفاوضات الجارية بين أميركا وإسرائيل حول تجميد الاستيطان وذلك في اللقاء الأخير بين المبعوث الأميركي ميتشيل ووزير الدفاع الإسرائيلي باراك. من ناحية أخرى ذكرت صحيفة «هآرتس» حول الاجتماع المذكور أن الرئيس أوباما أكد للزعماء اليهود التزامه بأمن إسرائيل، لكنه يطالبها بمحاسبة النفس في القضية الفلسطينية. إن الخطاب الذي سيلقيه أوباما يمكن أن يكون متوازنا إذا اعتمد طرحاً يطمئن الإسرائيليين من ناحية، ويطالبهم بمراجعة تاريخ العدوان الوحشي ضد الشعب الفلسطيني من ناحية أخرى. ونتذكر أن المفكر الصهيوني «احادها عام»، زعيم تيار الصهيونية الروحية، كان قد كتب مقاله الشهير «الحقيقة من أرض فلسطين»، قدم فيه تفسيراً مفاده أن انتقال اليهود من نير العبودية والاضطهاد الأوروبي إلى فلسطين قد وضعهم في حالة نفسية أقرب إلى العبد الذي يتحول إلى مسلك يحاكي فيه المضطهد المعتدي. وهذا ما يسميه علم النفس الحديث «التوحد بالمعتدي». إن هذه المراجعة الإسرائيلية تحتاج لمعالجات أخرى تبين وجهة النظر العربية للرئيس أوباما. د. إبراهيم البحراوي Ibrahim@bahrawy.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©