الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أردوغان.. وأسباب الغضب الشعبي

17 مارس 2014 00:32
اندلعت الاضطرابات في المدن التركية هذا الأسبوع على نطاق لم يسبق له مثيل منذ مظاهرات الصيف الماضي. ففي إسطنبول، انطلق عشرات الآلاف في جنازة لتشييع الصبي الذي قتل إثر إصابته بقنبلة مسيلة للغاز أطلقتها قوات الشرطة. وكان «بركين إلفان»، 15 عاماً، قد فارق الحياة متأثراً بجراحه في صباح الحادي عشر من مارس الجاري بعد أن أمضى 269 يوماً في غيبوبة. وكانت وفاته بمثابة صرخة جامعة للأتراك الذين يقولون إنه لا يجب مساءلة الشرطة عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين. وهتفت الحشود منددة بـ «رجب أردوغان القاتل»، في إشارة إلى رئيس الوزراء، وطالبت بـ«استقالة الحكومة»، مرددة أن «بركين سيظل خالداً». وتساءل عامل متقاعد جاء لحضور الجنازة ويدعى «أتيلا أزمير ليوغلو»: «كم من الناس يجب أن يموتوا بعد لكي يستقيل أردوغان؟» مضيفاً «أمنيتي الوحيدة هي وقف هذه الفاشية بدون إراقة نقطة دم أخرى». وقد وقعت هذه الاحتجاجات في 36 مدينة تركية، بينما ردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه. وفي إسطنبول، حيث انضمت جماهير غفيرة إلى موكب جنازة الصبي، التي بدأت بموكب سلمي وانتهت بوقوع اشتباكات مع الشرطة التي أرادت منع المتظاهرين من الوصول إلى وسط المدينة. وكان الغضب الناتج عن وفاة «بركين»، والذي لم يتم التحقيق في قضيته نهائياً، موجهاً في المقام الأول لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وذكرت والدة الصبي، «جولسوم إلفان» أن أردوغان هو المسؤول عن مقتل ولدها الذي كان يبلغ من العمر 14 عاماً عندما أصيب خلال المظاهرات التي اندلعت في شهر مايو الماضي اعتراضاً على خطة الحكومة لبناء مركز للتسوق على حديقة بوسط إسطنبول. ويعتبر «بركين» هو الشخص الثامن الذي يلقى حتفه نتيجة الاضطرابات - التي استمرت لمدة ثلاثة أسابيع وتلتها احتجاجات أصغر متفرقة - والرابع الذي يموت كنتيجة مباشرة لممارسات الشرطة. وذكرت الجمعية الطبية التركية أن حوالي ثمانية آلاف شخص قد أصيبوا، بينما فقد 11 شخصاً على الأقل بصرهم نتيجة إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وفي الوقت الذي يدافع فيه أردوغان عن استجابة الشرطة للمظاهرات، ويصف الضباط بـ«الأبطال» ويندد بالمتظاهرين ويصفهم بـ «المخربين» تصر عائلة «إلفان» على أن الصبي غادر المنزل في اليوم الذي قتل فيه لشراء الخبز، وليس للتظاهر. واليوم، يعلق العديد من الناس في إسطنبول أرغفة الخبز على أبواب منازلهم في علامة على التضامن. ويقول «توجلا يوسيل» طالب يعد رسالة الماجستير في الفلسفة، «إنني غاضب من الحكومة لأن طفلًا قد مات، ولم تفعل شيئاً للعثور على القتلة»، وأضاف «لقد قتل على يد الشرطة، ولكن ليس هناك دعوى قضائية، ولم يتم اتخاذ إجراء قانوني، لا شيء». وكان «فتح الله جولن»، وهو من الأئمة المؤثرين ويعيش في منفى اختياري في ولاية بنسلفانيا، والذي برز بوصفه الخصم الرئيسي لأردوغان في الأسابيع الماضية، وكان من بين الشخصيات التركية العديدة ورجال السياسة الذي تقدموا بالعزاء في وفاة الصبي، قد ألقى باللوم في وفاة الصبي على خطاب «أردوغان» العدواني ضد المظاهرات المناهضة للحكومة التي اندلعت الصيف الماضي. «بدلًا من اتخاذ خطوات لنزع فتيل الأحداث التي أثارها هاجس بناء مركز للتسوق، تم استخدام لغة الاستقطاب للتحريض على زيادة هذه الأحداث تأججاً، وقد نتج عن ذلك مقتل عدد من الشباب»، حسبما جاء في بيان جولن. ولم يعلق أردوغان على مقتل «بركين» أو على الإضطرابات الأخيرة. ويتهم أردوغان جولن بأنه القوة الدافعة وراء التحقيقات الجارية بشأن الكسب غير المشروع وكذلك سلسلة من التسريبات لمكالمات هاتفية تفضح الفساد المستشري داخل الحكومة. ومن بين التسجيلات التي تم تسريبها مؤخراً، والتي ندد بها أردوغان بوصفها تسجيلات وهمية، تسجيل يظهر مناقشة لأردوغان من ابنه «بلال» حول كيفية إخفاء ملايين من الدولارات عن محقق الشرطة. «إن أبناءهم يسرقون الملايين وأبناءنا يموتون عندما يذهبون لشراء الخبز»، كما جاء في بيان «اتحاد» نقابات الحرف الثورية في تركيا (ديسك) الذي يضم 300 ألف عضو، وأحد الاتحادات التي دعت للقيام بمظاهرات رداً على وفاة بركين. وعلى الرغم من الأزمة الراهنة التي تواجه حكومته، يحتفظ حزب أردوغان بتفوقه في استطلاعات الرأي على الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في نهاية الشهر الجاري. ويعترف الكثير من الأتراك بفضل رئيس الوزراء باعتباره المسؤول عن عقد من الاستقرار السياسي الذي شهد بزوغ تركيا كقوة إقليمية كبرى. كما يكنون له التقدير لأنه خفف من القيود الدينية التي كانت تفرضها الحكومات العلمانية السابقة بالبلاد. وعلى الرغم من ذلك، يتهم أتراك آخرون أردوغان بأنه يميل إلى التسلط ويهدد أنماط الحياة العلمانية. وفي الأسابيع الأخيرة، قام بتمرير سلسلة من القوانين تفرض قيوداً على حرية استخدام الإنترنت، وتحد من استقلال القضاء وتمنح صلاحيات جديدة واسعة لوكالة الاستخبارات الداخلية. وقد برزت كل هذه القضايا في الشوارع خلال هذا الأسبوع لتحفيز الغضب الشعبي. «لفترة طويلة، بدت الأمور وكأن الدولة أصبحت أكثر ديمقراطية، وأننا في سبيلنا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكننا الآن نرى أن هذا ليس هو الوضع الحقيقي، لقد كانت الحكومة تتظاهر فقط بالديمقراطية»، حسبما جاء على لسان طالب الماجستير. ‎الكسندر كريستي إسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©