الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطر «الحمائية التجارية» على الأسواق

22 ابريل 2017 21:42
لقد بدأت الحقائق تتضح، وبدأت مظاهر الطفرة الاقتصادية غير المستندة إلى أسباب واقعية، التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، في التلاشي وفقاً لتقارير الصحفيين المتخصصين في الشؤون المالية. وجاء في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» «هناك مؤشرات تدل على أن الرخاء الذي رافق انتصار دونالد ترامب، والآمال التي انعقدت على تعافي النمو العالمي في ذلك الوقت، قد تبددت. وهذا ما كرّس الشكوك في أوساط بعض المستثمرين حول احتمالات بقاء أسعار الأسهم على وضعها المرتفع الراهن على رغم أن الاقتصاد اقترب من تحقيق طاقة مردوده القصوى. وحتى النمو الضعيف سيكون كافياً للدفع باتجاه ارتفاع الأجور والتضخم، وبما يهدد بفقدان المكاسب التي تحققت والإبقاء على الخزينة الفيدرالية في حالة طوارئ تحسباً لاحتمال اضطرارها لرفع أسعار الفائدة. ومن المعلوم أن أسعار الفائدة المرتفعة إذا اجتمعت مع النمو الضعيف يشكلان ازدواجية مرعبة. ولهذا السبب، يتوجب على المستثمرين أن يلتزموا جانب الحيطة والحذر بجدية، وأن يأملوا في أن تكون تلك المؤشرات خاطئة». وعلى رغم أن الهدف المزعوم لترامب هو «التوصل لاتفاقيات أفضل» في التجارة، إلا أن أطروحاته المتعلقة بالتمسك بـ«القومية الاقتصادية» لا تبعد إلا بنحو خطوة واحدة عن الحمائية القديمة التي فاتها الزمن. وهو الذي قال ذات مرة: «إن الحمائية هي التي ستقودنا إلى الازدهار العظيم والقوة». وأنا أقول إن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً لأن شعار «أميركا أولاً» كسياسة تجارية، لن يفعل شيئاً في مجال زيادة فرص العمل في القطاع الصناعي، ولا أن يساهم في تخفيف العجز التجاري بسبب الفارق الكبير بين حجم الواردات والصادرات. وبدلاً من ذلك، فإن هذا الشعار يحمل في طياته خطر إشعال حرب تجارية عالمية يمكنها أن تشكل خطراً على كل البلدان. كما أن الانزلاق باتجاه الحمائية يمكن أيضاً أن يقوّض المؤسسات التجارية الدولية التي بذلت الولايات المتحدة جهوداً ضخمة لدعمها، ومنها «منظمة التجارة العالمية» ذات المساهمات الكبرى في تحقيق السلام والازدهار العالمي. وفي هذه الفترة التي تنشغل فيها إدارة ترامب بوضع الخطة المقبلة، عليها أن تحرص على التمييز بين ما يمكن وما لا يمكن للسياسة التجارية أن تحققه، وأيضاً بين التغيرات التي تطرأ على السياسة الحالية والتي ستكون لها نتائج بناءة، وتلك التي ستثبت أنها ذات نتائج عكسية. وعليها أيضاً أن تدرك أن الحمائية داخل الوطن يمكن أن تؤدي إلى الحمائية خارجه. وربما يتعلق الخطر الأكبر في السياسة التجارية لترامب بأن أي خطأ يمكن أن يؤدي إلى ضرر في نظام التجارة العالمي المفتوح الذي ساهمت الولايات المتحدة في تأسيسه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وهذا النظام هو الذي يحكم السياسات التجارية لبقية الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وعددها 163 دولة، وتتعامل معها الولايات المتحدة في الميدان التجاري. وإذا قررت الولايات المتحدة التنصل من القوانين التي تحكم التجارة العالمية، فإن تلك الدول ستجد أيضاً الحرية الكافية للتحالف ضد الولايات المتحدة، وسيلحق ذلك الأذى ليس بالاقتصاد العالمي فحسب، بل أيضاً بالأميركيين الذين قرر ترامب تمثيلهم بهذه الطريقة. وهناك شيء آخر، هو أن التجارة ليست مصدراً للقلق والحزن، وليست هي المسؤولة عن فقداننا لملايين الوظائف، بل هي في واقع الأمر جزء من الحل كمشروع إصلاح قانون الهجرة، والاستثمار في البنى التحتية، وتمويل البحوث العلمية، وزيادة الخيارات في الدراسات الجامعية، وكل ذلك يندرج ضمن إطار العمل على زيادة النمو. *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©