الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: فقه الأقليات ضرورة لمــــــــواجهة الإرهاب في الغرب

العلماء: فقه الأقليات ضرورة لمــــــــواجهة الإرهاب في الغرب
12 يناير 2017 22:43
حسام محمد (القاهرة) انتشر في الفترة الأخيرة مصطلح فقه الأقليات الذي يتم إطلاقه على الفتاوى والقضايا الدينية الخاصة بالأقليات المسلمة التي تعيش في دول ذات غالبية غير إسلامية، وأحاطت بهذا المصطلح أقاويل، أطلقها البعض بأنه لا يوجد شيء اسمه فقه الأقليات، على اعتبار أن الأحكام الشرعية ثابتة ولا تتغير، وبالطبع فقد أثارت تلك الرؤية آراء بين مؤيد ومعارض، الأمر الذي يفرض التساؤل حول ما هو فقه الأقليات، وهل يختلف عن الفقه الذي يتعامل به المسلمون في المعتاد، ومتى يكون المسلم ملتزماً بتطبيق هذا الفقه؟ الأحكام الشرعية ويقول الدكتور نصر فريد واصل، مفتى مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: إن المقصود بفقه الأقليات أنه تعبير عن مجموعة الأحكام الشرعية التي تتعلق بالمسلمين الذين يعيشون في مجتمع غالبيته من غير المسلمين، وهو نمط من الأحكام الشرعية لا يختلف عن أحكام الفقه العام، ولكنه يناقش نوعية أخرى من القضايا التي لا تثار في المجتمعات الإسلامية ذات الغالبية المسلمة، بمعنى مختصر أنه ليس فقهاً مستقلاً بذاته وإنما فقه يضع مجموعة من الأحكام الشرعية التي تتعلق بقضايا قد لا تكون مثارة في المجتمع المسلم وتتعلق فقط بجماعة من المسلمين يعيشون وسط جماعة أكبر من غير المسلمين، وتلك الأخيرة هي التي تسود وتسيطر على الأقلية المسلمة فتخصيص المسائل الشرعية المتعلقة بالأقليات المسلمة بنوع فقه هو اصطلاح قابل للموافقة، حيث يعتبره العلماء أنه نوع من الفقه الاجتهادي من قبيل الفتوى لطائفة معينة ويكون حينئذ التطبيق الجلي لقضية تغير الفتوى بتغير المكان الذي هو إحدى جهات تغير الفتوى الأربعة. هوية إسلامية ويضيف د. واصل: يجب ونحن نتعامل مع فقه الواقع أن نعي أن دراسة ومعرفة تفاصيل أحكام هذا النوع من الفقه لا تعني أبداً التنازل عن الثوابت التي وضعها الإسلام أو المساس بما يمثل هوية الإسلام، فنحن نؤكد دوماً أن هذا الفقه - فقه الواقع - لا يخرج عن الإطار التشريعي العام، وهذا الإطار لا ينازع الثوابت أو الهوية الإسلامية، ونحن عندما نؤكد على حتمية معالجة مصطلح فقه الأقليات، إنما نفعل ذلك انطلاقا من اعتقاد البعض في العالم الإسلامي بأن للأقليات الإسلامية أحكاماً تختلف عن الأحكام للمسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية، ويقول: هذا اعتقاد لا أوافق عليه مطلقاً، لأن الأحكام الفقهية هي التي تطبق في النهاية بقواعدها المستقاة من علم أصول الفقه الإسلامي والمتفقة مع مقاصد الشريعة والقواعد الفقهية الكبرى التي يبنى عليها كل أبواب الفقه الإسلامي وغاية ما هنالك أن الضرورات تكثر في البيئات التي يعيش فيها الأقلية المسلمة في وسط محيط غير إسلامي، لكن مع ذلك نؤكد أن الضرورات مهما كانت، فهي خاضعة لأحكام ثابتة سواء كان المجتمع إسلامياً أو غير إسلامي. ولا بد أن يعي كل مسلم أن ظهور هذه الأحكام الشرعية لم يكن وليدة اليوم، وإنما منذ زمن ومن أهم أهداف هذا الفقه أن يعين الأقليات الإسلامية على أداء واجباتها المختلفة الدينية والثقافية والاجتماعية وغيرها دون أن يعوقهم عائق من تنطع في الدين أو تكالب على الدنيا ودون أن يفرطوا فيما أوجب الله عليهم أو يتناولوا ما حرم الله وبهذا يكون الدين حافزاً محركاً لهم ودليلاً يأخذ بأيديهم وليس غلاً في أعناقهم ولا قيداً بأرجلهم، ويجيب عن أسئلتهم المطروحة ويعالج مشكلاتهم المتجددة في مجتمع غير مسلم وفي بيئة لها عقائدها وقيمها ومفاهيمها وتقاليدها الخاصة، في ضوء اجتهاد شرعي جديد صادر من أهله في محله بمعنى أنه لا يجوز لغير العلماء أن يفتوا في أي قضية تتعلق بالأقليات المسلمة في أي مكان في العالم. مفاهيم مشتركة ويقول الدكتور حامد أبو طالب، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: بداية لا بد من التأكيد على أن شريعة الإسلام جاءت حاكمة ومنظمة لحياة المسلمين في كل ظرف زماني ومكاني كانوا فيه وفي كل الأحوال التي يكونون عليها وقد نشأت الحاجة للتعامل الشرعي مع قضايا الأقليات المسلمة بعدما اتضح أن الأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة يكون أمامها، إما الذوبان والانصهار في تلك المجتمعات، وذلك بأن تفقد هويتها وتصبح جزءاً من نسيج الدولة التي عاشت فيها أو تقوم بالتقوقع والانكفاء على الذات وتبالغ في العزلة عما حولها أو يكون عليها التعايش وهذا هو الخيار السليم والصحيح، لكن على أن يكون تعايشاً واعياً بحيث يفهم من يعيشون في تلك الدول أنهم مواطنون فيها وأن عليهم حقوقاً لهذه الدول وحقوقاً للمواطنين من حولهم وحقوقاً للجوار. تفاعل إيجابي وفقه الأقليات - يستطرد د. أبو طالب - له مجموعة من الأهداف والمقاصد التي يسعى إلى تحقيقها في إطار أحكام الشريعة وقواعدها دون الخروج عنها، فمن شأنه مساعدة الأقليات المسلمة على تحقيق المرونة والانفتاح المنضبط حتى لا تنكمش وتتقوقع على ذاتها وتنعزل عن مجتمعها، بل تتفاعل معه تفاعلاً إيجابياً تعطيه أفضل ما عندها وتأخذ منه أفضل ما عنده على بينة وبصيرة، وبذلك تحقق المجموعة الإسلامية هذه المعادلة الصعبة، محافظة بلا انغلاق واندماج بلا ذوبان، كذلك مساعدتها على أن تعيش بإسلامها حياة ميسرة بلا حرج في الدين ولا إرهاق في الدنيا، كما أنه يساعدها على المحافظة على جوهر الشخصية الإسلامية المتميزة بعقائدها وشعائرها وقيمها وأخلاقها وآدابها ومفاهيمها المشتركة بحيث تكون صلاتها ونسكها ومحياها ومماتها لله رب العالمين وبحيث تستطيع أن تنشئ أبناءها على ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©