الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمدد الصين الإعلامي... يشمل أميركا

تمدد الصين الإعلامي... يشمل أميركا
25 ابريل 2010 21:40
جون بومفرِت جالفستون -تكساس قُد سيارتك في اتجاه الجنوب الشرقي لدى خروجك من مدينة هيوستون وتجاوز منفذ "ناسا" في اتجاه خليج المكسيك، وستلتقط شيئاً غير مألوف على الراديو بين المحطات التي تذيع موسيقى "الكانتري"، وبرامج الإذاعي المحافظ والمعلق السياسي راش ليمبو، وإيقاعات الهيب هوب، وكل الأشياء المعتاد التقاطها عبر الأثير في أميركا. يقول الصوت الإذاعي: "هذه إذاعة الصين الدولية". بين محطة إذاعية مسيحية ناطقة بالإسبانية، ومحطة رياضية محلية، توجد محطة "كي جي بي سي" من جالفستون، التي تبث برامجها على الموجات المتوسطة، وهي محطة يملكها ويديرها أميركيون بالكامل، لكن محتواها تقدمه على نحو حصري مؤسسة إعلامية عملاقة مملوكة لجمهورية الصين الشعبية. هذه المحطة الموجودة في تكساس قد تكون متواضعة، لكنها تشكل جزءاً من جهود بمليارات الدولارات تبذلها الحكومة الصينية من أجل توسيع نفوذها وتأثيرها عبر العالم. فبموازاة مع صعود الصين كقوة عالمية، يعتقد زعماؤها أن بلادهم تُقدم في كثير من الأحيان بصورة غير لائقة أو قد تكون ضحية لسوء الفهم، وأن الصين في حاجة إلى نشر وجهة نظرها بشأن كل شيء، من الاقتصاد إلى الفن، من أجل التصدي لنفوذ الغرب وتأثيره. وهكذا، جاء رد بكين الجديد كبيرا وطموحا: استراتيجية عالمية بقيمة 6.6 مليار دولار من أجل إنشاء محطات إعلامية كبيرة تتحدى المؤسسات الإعلامية الغربية العملاقة التي تحدد الأجندات مثل "نيوز كورب" التي يملكها روبرت مردوخ، وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وشبكة "سي إن إن" الأميركية. فبينما تنكمش وسائل الإعلام الغربية وتتقلص، تقوم الصين هذه الأيام بتوسيع خدماتها الإخبارية من أميركا إلى زيمبابوي، حيث أنشأت شبكات تلفزيونية، وضخت ملايين الدولارات في صحف باللغة الإنجليزية، واستأجرت محطات إذاعية في كل القارات، وتبث برامج تلفزيونية إلى جمهور عالمي بست لغات. والواقع أن المحطات لا تبث البرامج التي تصنف على نحو واضح وصريح ضمن فئة البروباجندا، وإنما برامج بتركيز ونكهة صينيين، مصممة خصيصاً وفق أذواق المتلقي المحلي. ففي جالفستون، مثلا، تشمل الصيغة الإذاعية المعتمَدة أخبارا دولية لها علاقة بالصين، وبرامج حوارية حول وضع النساء الصينيات، وجرعة صحية من موسيقى الراب... وكل ذلك باللغة الإنجليزية. وفي نيويورك، سينتقل قريباً مقر المكتب الرئيسي لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا" في أميركا الشمالية، من مبنى صغير في حي "كوينز" إلى مجمع كبير في ساحة "تايم سكوير". وقريبا، سيصبح لديها في الولايات المتحدة ضعف ما لدى أي وكالة أنباء غربية في الصين من مكاتب. كما تعتزم شينخوا توسيع شبكتها عبر العالم من حوالي 130 مكتبا إلى ما يقارب الـ200 ، وستزود كل واحد منها بمصور فيديو. وكانت الوكالة قد أطلقت العام الماضي قناتها الإخبارية التلفزيونية الخاصة -باللغتين الإنجليزية والصينية. وإلى ذلك، فإن تلفزيون الصين المركزي، المعروف أيضا بـ"سي سي تي في"، وهو التلفزيون الحكومي الرئيسي، يدير أكبر مكتب له في الخارج في واشنطن. وفي ما يمثل مؤشراً على طموحه المتزايد، من المرتقب أن يطلق تلفزيون "سي سي تي في" تغطية مباشرة للأخبار المالية (بالإنجليزية) من بورصة نيويورك اليوم. يقف وراء هذه الجهود مسؤولو الحزب الشيوعي الذين استغلوا فكرة "القوة الناعمة" باعتبارها هدفاً وطموحاً للصين الجديد في سعيها لأن تصبح قوة عظمى. فقد شدد الرئيس هو جينتاو علناً على هذه الاستراتيجية. وفي 2008، لخص "لي شانجشن"، الزعيم الحزبي المسؤول عن البروباجندا، هذه الفكرة، بقوله: "في العصر الحديث، الدولة التي تملك أكثر وسائل الإعلام تقدماً، والدولة التي تملك أقوى القدرات الإعلامية... هي التي تملك أكبر قوة على التأثير في العالم". والجدير بالذكر أن الصين بدأت الحملة الحالية لتغيير فكرة العالم حولها بعد قمع احتجاجات ساحة تيانانمان في عام 1989 عندما وصلت سمعتها العالمية إلى الحضيض. في البداية، ركزت على الصينيين في الخارج نظراً لأهميتهم كمستثمرين في الاقتصاد الصيني. وفي عام 1992، أطلق تلفزيون الصين المركزي قناةً تلفزيونية فضائية باللغة الصينية تسمى "سي سي تي في 4"، تُنفَقُ عليها حوالي 5 ملايين دولار سنوياً. كما بدأت بكين حملة للتأثير على وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية خارج الصين، حيث نجحت وسائل الإعلام الصينية التابعة للدولة في التنافس مع محطات مؤيدة لتايوان، أو للديمقراطية في الصين، أو لمجموعات محظورة مثل "فالون جونج" الروحية. وفي الولايات المتحدة مثلا، تتميز السوق الناطقة باللغة الصينية بالتنوع، نظراً لوجود عدد كبير من التايوانيين؛ غير أنه حتى هنا، فإن صوت الصين آخذ في الارتفاع تدريجياً، حيث تقوم "سي سي تي في" حالياً بتوزيع أخبارها وبرامجها الدرامية باللغة الصينية بالمجان على العشرات من المحطات التلفزيونية ومحطات الكابل الأصغر حجماً عبر الولايات المتحدة في محاولة لإزاحة البرامج التايوانية وأخذ مكانها، كما يقول بعض المطلعين على القطاع. وفي عام 2000، أطلقت الصين قناة إخبارية فضائية باللغة الانجليزية تدعى "سي سي تي في 9"؛ واليوم، تعتزم القناة التوسع من 10 مكاتب إلى حوالي 50 مكتبا عبر العالم، وذلك بالنسبة لخدمتها الناطقة باللغة الإنجليزية فقط، كما يقول جاك فينسترستوك، المستشار الذي يعمل مع وسائل الإعلام الصينية منذ أكثر من ثلاثين عاماً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©