الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ترفيه وتطرف.. وتجاهل!

2 يونيو 2016 01:11
أحمد مصطفى العملة في كل رمضان، يعلو صوت منتقدين كثر يقولون بدهشة واستياء.. لماذا يصر الإعلام العربي على تقديم وجبة هائلة من المسلسلات وبرامج الترفيه والتسلية، المفرطة في خفتها، خلال شهر رمضان، دون عن بقية العام؟! ولهم حق في التساؤل، فالظاهرة السنوية «غير الطبيعية» تبقى دوماً محل تعجب، لكن العكس أيضاً يستحق الدهشة.. كيف؟! تفرد الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون خلال الشهر الفضيل مساحات واسعة للقصص والأخبار والتغطيات المتعلق بالدين، من فتاوى وأحكام إلى تفاسير وأحاديث، لكن على مدار العام، تبدو المواد الدينية شبه غائبة تقريباً عن معظم الإعلام العربي.. إلا من رحم ربي. طبعاً لا يمكن القول إنها غير موجودة على الإطلاق، لكن حجم ما ينشر أو ما يعرض من مواد دينية (صفحة أو برنامج كل يوم جمعة في أحسن الأحوال) ربما يشير إلى قلة اهتمام بمتابعة الشأن الديني على مدار 11 شهراً كل عام مقارنة بحرص الإعلام على تغطية الاهتمامات الأخرى للجمهور، ناهيك عن غياب شبه كامل لما يمكن اعتباره صحيفة أو مجلة دينية متخصصة أسبوعية أو شهرية. والمفارقة الغريبة هنا، هو أن هذا التجاهل يأتي في توقيت تصاعدت فيه مستويات الاهتمامات الدينية عند قطاعات كثيرة، سلباً وإيجاباً، وصارت قضية الدين بكل تجلياتها وأبعادها حاضرة بقوة في الفضاء العام، عربياً ودولياً، بل إن حروباً ونزاعات دموية تدور هنا وهناك، محورها الأساسي تأويلات وأفكار ذات صلة قوية بالدين بشكل أو بآخر. والأخطر، هو أنه في مواجهة حالة عدم الاهتمام من جانب وسائل الإعلام التقليدية بالشأن الديني، كثف المتطرفون حضورهم الإعلامي، ببث رسائلهم الشريرة بعدما مكنتهم التكنولوجيا الحديثة من الترويج لمشروعهم بعيداً عن الإعلام التقليدي، وبضغطة زر واحدة سرعان ما تنتشر مقاطع الفيديو وفتاويهم وأفكارهم المغلوطة بين الآلاف عبر مختلف وسائل التواصل، ثم يحاول الإعلام التقليدي أن ينظم صفوفه ليرد ويدحض ويفند! وهنا يقع الخطأ الثاني، فالإعلام العربي يبدو وكأنه مقتنع تماماً بأنه يستطيع محاربة الإرهاب والمتطرفين.. بالمثقفين، على الرغم من اختلاف جمهور الفريقين. وهناك نظرية شائعة تقول إن جمهور المثقفين هم المثقفون أنفسهم.. وبالتالي فإن الاعتماد المتزايد عليهم لمحاربة أفكار الإرهابيين والمتطرفين قد لا يثمر كثيراً حسبما يرى البعض، وربما كان الأجدى الاعتماد أكثر على رجال الدين المعتدلين أصحاب الرؤى الوسطية المتزنة للترويج لشريعة الإسلام السمحة الناصعة وبيان وفضح أكاذيب المتطرفين. ويستلزم ذلك فتح مساحات أكبر في الصحافة والتلفزيون لهذا النوع من رجال الدين لأن جمهورهم هو على الأرجح الجمهور نفسه الذي يستهدفه المتطرفون. لكن لتحقيق النجاح المنشود يجب ألا يكون الأمر موسمياً، لأن المعركة مع التطرف مستمرة قبل وبعد رمضان، ويتعين أيضاً أن يتم ابتكار أشكال وأفكار جديدة لعرض التغطيات الإعلامية ذات البعد الديني بطرق أكثر جاذبية في الصحافة المرئية والمطبوعة لاستقطاب وإثارة اهتمام جمهور الشباب، الذي يحاول التطرف خداعه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©