الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميشلين غلام: الأعمال اليدوية فن يلغي الفوارق الاجتماعية

ميشلين غلام: الأعمال اليدوية فن يلغي الفوارق الاجتماعية
19 يوليو 2009 01:36
الأعمال اليدوية وما تحمله من تشكيلات ورسومات وزخرفة تبقى تعبر عن عصر وعن جيل ما، وتؤرخ لما تحمله دواخل الإنسان من مشاعر، وما يراكمه من أفكار تتبلور على سطح الزجاج فتقاوم شفافيته، أو تلين الحديد فتجعله منساباً مطواعاً يتشكل حسب ما يروج في رأس المبدع من أفكار، أو حفر وتعتيق على الخشب ليشكل لوحات تأسر الناظر، أو الرسم على الحرير فيزيده جمالاً على جمال، ومن قديم الزمان اعتبرت الأعمال اليدوية هي علامة من علامات تحضر البلدان، وتبقى الحرف اليدوية إبداعاً تغلفه الموهبة التي تحتاج الصقل وتطوير المهارات. العشق يحرك الإبداع يحفز الشغف وحب المهنة الفرد للإبداع، وخلق كل ماهو جميل، وهناك من يتفاقم حبه وعشقه لهذه الحرف اليدوية، فيدفعه نحو درسها والتوحّد مع موادها، ليجعلها مطواعة في يده، ويسخرها لخدمته، من هؤلاء ميشلن غلام، سيدة سورية بدأت قصتها مع الحرف اليدوية منذ يناعة أظافرها، تحسست مواهبها عندما كانت المدرسة في سوريا تعلمها كيف تخصص للحرف اليدوية حيزاً من وقتها للإبداع فيها، وهنا بدأت حكايتها حيث تقول: عندما كنت صغيرة السن التحقت بالمدرسة التي كانت تخصص 3 حصص في الأسبوع من أجل خلق إلفة مع الأعمال اليدوية، وكنا نرسم على الحرير أو نشكل من الطين، ونرسم على الزجاج ونصنع السلال من الخوص، وأشياء أخرى كثيرة، شغفت بهذا العمل ونهلت من فيض هذه الإبداعات وكانت هذه الحصص بالنسبة متنفساً، وأسعد جداً بالعمل وأحاول خلق الجديد، وكل مادة لها عالمها الخاص وأسرارها ورموزها، فالزجاج ليس هو الحرير، والحديد ليس هو الطين وهكذا، وكل خامة لها مواد خاصة بها يجب عدم تجاوزها للمادة الأخرى، هكذا علمونا ونحن صغار، لكن حب هذا العمل كان يحركني ومع توالي الأيام عرفت كيف أطوع كل هذه المواد، وأمزجها مع بعضها، وكيف أستعمل الأدوات التي تصلح مثلاً فقط للزجاج، على الحرير، أو على السيراميك، هكذا عرفت سر كثير من الخلطات، وعرفت كيف أزعزع الثوابت، وأكسر القاعدة، ولم تكن لي قاعدة معينة بذاتها، بل جئت بأفكار جديدة، وخلقت أنواعاً جديدة من الإبداعات. إبداع تضيف ميشلين: أقمت الكثير من المعارض في سوريا لاقت استحسان الجمهور، ولأنَّ الموهبة يجب تغذيتها فإنني دخلت الكثير من الدورات لصقل موهبتي وتزخيم مهاراتي، وأتقنت الرسم على الحرير، وقص الزجاج وتطويع الفخار وغيره كثير، وعرفت سر كل مادة على حدة، فمثلاً أشعر أن للفخار روحاً وهو يتجاوب مع المبدع، ويحتمل كل الألوان التي تدخل عليه من الأبيض إلى الأسود، أما الخشب فهو يحتاج من ينقله من قطعة صماء إلى أخرى متحدثة عن طريق التعتيق والكراكلي، بعد ذلك بدأت بالرسم على الحرير، وتعلمت كيف أجعل الرسمة ناطقة، وكيف تزيد هذه الرسومات من جمال الحرير ونعومته، وكيف أدخل الألوان الجميلة البراقة عليه، ولأن الحرير ملمسه ناعم، ويحتاج مرونة وليونة في العمل، ولأنه مرهف تجب معاملته معاملة خاصة، ولم أقتصر على المتعارف عليه من الألوان التي تدخل عليه بل زدت عليها كثيراً ومزجت بينها وخرقت القاعدة التي تخصص كل لون لمادة معينة ولكل مادة خصوصية، وهذا غير صحيح لأن كل مادة تحتمل الإبداع، وليست هناك خصوصية لا يمكن زعزعتها، وذلك مع خبرتي وتزايدها فإنني عرفت سر الألوان والمواد، وبدأت بقطعة صغيرة، أما اليوم فإنني أطبق الرسومات على مساحات كبيرة من الحرير. البيت مدرسة عشقت ما تقدمه، وأحبت مشاركة ما تعلمته مع كل الناس، وتحرير إبداعاتها وإخراجها من الجدران إلى العالم الخارجي، هكذا رأت ميشلين أن تفتح بيتها لتعليم كل من يرغب في ذلك داخل منزلها، وتقول عن ذلك: بعد 15 سنة من الاستقرار في الإمارات وبعد أن غصت جنبات بيتي بالإبداعات وفاضت عليه، قررت أن أتبادل مع الناس فرحة وشغف الإبداع فقررت وضع إعلان لتدريب البعض على اكتساب المهارات، وبالفعل كان الإقبال كبيراً ومن كل الجنسيات وخاصة من النساء، هكذا حقق لي ذلك شعوراً كبيراً بالرضى، ونعمت بالسعادة، ثم قررت أن أتجاوز البيت والبحث عن أماكن أخرى لتحتضن أعمالي، وألقن من خلالها ما تعلمته لآخرين، وبدأت بالمجمع الثقافي حيث قررت تعليم الصغار، وأعطي دورات في كل هذه الفنون من رسم على الزجاج وتعتيق الخشب والرسم على الفخار والرسم على الحرير وغيره من الفنون التي أبدع فيها وأنوي توصيل كل هذه الإبداعات للآخرين، وبدأت بفصل يضم 12 طفلاً، أما اليوم فهو يضم 24 وذلك ناتج عن طريقة التعليم، حيث أحبب لهم المادة، وألقنهم الرسم بطريقة محببة وترفيهية، كما راعيت المواد التي يمكن استعمالها في الرسم، إذ استبدلت الزجاج نظراً لخطورة التعامل معه بالنسبة للصغار بالبلاستيك المقوى، كما أدخلت بعض الرسومات المحببة لهم، والمشهورة كبارني وتوم أند جيري، وغيرها من أبطال الكرتون، ولتوسيع نشاطي أعطي دروساً بمؤسسة التنمية الأسرية، كما أعطي دروساً بشكل يومي في البيت للنساء من كل الجنسيات، وما أود قوله إن الأعمال اليدوية ليست فناً مقتصراً على الصغار أو النساء أو حتى على الرجال..
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©