الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المندوس.. مكانه في صدر البيت ووجدان الناس

المندوس.. مكانه في صدر البيت ووجدان الناس
25 ابريل 2010 21:12
يغلق بابه على أشياء الناس الثمينة، يصونها كحارس أمين ويخفي في حناياه ذكريات الناس الذين يفتحون «مغلاقه» ليضعوا طيه أشيائهم الغالية بقيمتها أو معناها. إنه «المندوس»، الصندوق الخشبي أو المعدني الذي تحفظه بيوت الإمارات وجميع متاحفها نظراً لأهميته البيئية وشراكته للأجداد في حياتهم، فشقوقه الصغيرة تروي حكاية صبر الأجداد وقسوة الحياة التي عاشوها، فكان بذلك شاهداً على الأيام السالفة وحارساً لها. ارتبط المندوس بداية بالعرس وتقاليده، إذ أطلق الأجداد مقولتهم الشهيرة «المندوس قبل العروس» حيث تضع العرس داخله جهازها (ثياب ومصاغ وأدوات زينة وعطور وهدايا عريسها) لتنقله معها إلى بيت الزوجية، ليشاركها الزوج بعد ذاك استخدامه كونه أشبه بالخزانة لكليهما فهو يستخدمه أيضاً في حفظ الملابس والأسلحة والمال وأمانات الآخرين الذين لايمتلكون في بيوتهم صندوق المندوس. يتصف المندوس بجماليات فنية تنمّ عن إبداع صانعها ومهارته الحرفية. إذ يشير محمد أبو عبيد- أحد كبار حرفيي السوق الشعبي في «نادي تراث الإمارات» إلى صناعة المندوس، يقول: «تصنع المناديس من أخشاب متنوعة تجلب من الهند وأفريقيا وزنجبار، من بينها (الساج والسيسم والزان) ويزخرف بأشكال هندسية أو نجوم من النحاس، وتطلى باللون البني أو الأسود، وكانت صناعته تستغرق أحياناً شهراً كاملاً ويكلف روبيات لا تتجاوز عدد أصابع اليدين. بينما اليوم يتم تفصيل المندوس خلال 3 أيام، وهناك مناديس جاهزة تتراوح أسعارها من 500 إلى 5000 درهم، وثمة مناديس يتجاوز ثمنها 50 ألف بحسب الحجم والزخارف. لكن مع الطفرة الحضارية التي شهدتها الإمارات، توارى المندوس قليلاً بسبب غياب ضرورته وندرة استخدامه، إنما نواصل صناعته لأنه لا يزال يزين بيوت أهل الإمارات جميعاً حتى لو اقتصر استخدامه كقطعة ديكور جميل داخل البيوت ليذكّر الأحفاد بتاريخ الأجداد وذكريات حياتهم». من جهته عدد الباحث عبيد راشد بن صندل؛ في كتابه «ملامح من تراث الإمارات» أنواع وأسماء المناديس القديمة، يقول: «يتفق الصناع والمستهلكين على حد سواء بأن مندوس «أبو النجوم» يأتي في المقدمة حيث تختاره الذائقة الجمعية كأجمل وأفضل مندوس ويتجلى ذلك في تشكيلات النجوم الزخرفية التي تغطيه بإبداع قد لايتوفر في أقرانه. يليه «السرتي» الذي يحوي داخله عدة صناديق صغيرة تسمى «سحارات» فتوضع دراهم ومسابح وخناجر الزوج في سحارة، وعطور وأدوات زينة الزوجة في سحارة أخرى. أما «المشج» فهو صندوق تحيط الحبال بالجزء السفلي منه، لسهولة حمله خلال الترحال. وهناك «الغتم» البسيط في تصميمه إذ يخلو تقريباً من النقوش لأنه مخصص لأدوات الطعام من أكواب وصحون وملاعق، فضلاً عن أنواع أخرى منها نحاسي ومعدني وغير ذلك». اليوم في الإمارات هنا؛ يواصل المندوس محاولات ثباته واستمراريته فظهر على هيئة جديدة تتناسب ومعطيات الحياة العصرية وارتدى حلة زاهية من أقمشة (الشيفون والتول الدانتيل والساتان) وتزين أحياناً أخرى بإكسسوارات معدنية وكريستال وحبات لؤلؤ وورود اصطناعية ليحتضن بأحجام الصغيرة والمتوسطة زجاجات العطور ودهن العود وعلب البخور، أو المصاغ الذهبي والحلي الثمينة والمجوهرات التقليدية والساعات الأنيقة، وكذلك ثمة مناديس توضع بداخلها حلوى الشوكولاته ليتم تبادلها كهدايا. فيما تحرص المؤسسات الحكومية وأندية التراث على وجوده في مرافقها ومجالسها إحياءً منها للتراث المحلي. فيما نجد الأنواع القديمة والتاريخية من المناديس بين مقتنيات المتاحف الوطنية في كافة إمارات الدولة.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©