الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مساعٍ لسد الفراغ في التشريعات المنظمة للإعلام الجديد

مساعٍ لسد الفراغ في التشريعات المنظمة للإعلام الجديد
16 مارس 2014 23:30
أبوظبي (الاتحاد) - تتكاثر الخلافات حول الإعلام بأطرافه وأشكاله، الجديدة والقديمة، المرئية والمسموعة والمكتوبة. وبينما لم تنتهِ بعد الكثير من الدول من تشريع الوضع الإعلامي الجديد، الذي فرضته شبكة الإنترنت والعالم الرقمي، فإن دول المنطقة عامة لم تخرج أيضاً بعد من إشكاليات وقضايا الرقابة على الإعلام التقليدي، من صحافة مطبوعة وإذاعة وتليفزيون. في بعض الدول التي قطعت شوطاً في تنظيم الإعلام الجديد قانونياً، تم الاعتماد على تعديلات أُدخلت على قوانين الصحافة المكتوبة حتى تشمل الصحافة الإلكترونية. وهنا يظهر يوما بعد يوم أن المقاربة المجتزأة أو المطابقة بين الاثنين، ليست الحل للإحاطة بكل الإشكالات والخلافات، التي يطرحها الإعلام الإلكتروني، الذي يتطلب إفراد تشريع خاص به، ومستقل عن تشريع وسائل الإعلام التقليدية بنظر الكثيرين. كما أن التطور الإعلامي الجديد، الذي أصبح أمراً واقعاً في العالم بات بدوره يتطلب تعاطياً جديداً مع وسائل الإعلام التقليدية. وقائع متشعبة في ضوء هذه التراجع “التشريعي” من جهة، والتداخلات وعدم التمييز بين الأصناف والاستخدامات من جهة أخرى، من البديهي أن تكثر الحوادث الخلافية على ضفتي الإعلام، ومعها يكثر الجدل، وتتكرر الحيرة، وربما الشكاوى الملتبسة، ويُخشى أن تنتهي هذه المناقشات والقضايا دون أن يتمكن المعنيون من الاقتراب من الحلول القانونية والقضائية. وفي الأسبوع الماضي شهدت وسائل الإعلام العربية مسلسلاً طويلاً من الأخذ والرد شمل ملاحقة القضاء في لبنان للمدون عماد بزي لأنه علق على شارب أحد الوزراء السابقين. وفي شأن آخر، ولكن في وسيلة تقليدية هذه المرة، كاد رأي (في شأن تفصيلي تاريخي ديني شخصي) أدلى به أحد المحللين الإعلاميين في برنامج حواري مع المقدمة ديما صادق أن يتحول إلى أزمة سياسية وقضائية لن يعرف أحد كيف سيتم التعامل معها والخروج منها. وفي شأن متصل، أقدمت المؤسسة اللبنانية للإرسال (إل بي سي آي) على الاحتجاب عن بث برنامجها التليفزيوني الصباحي “نهاركم سعيد”، قبل ظهر الخميس الماضي احتجاجاً على ما سماه رئيس المؤسسة بيار الضاهر الضغوط التي تمارسها الطبقة السياسية على وسائل الإعلام. ولفت الضاهر إلى أن عدداً كبيراً من السياسيين والمرجعيات الدينية تلجأ إلى القضاء لمحاسبة وسائل الإعلام، وإلى نصوص مكتوبة كانت تصلح في أربعينيات القرن الماضي، موضحاً أن ثمة نصوصاً “حجرية” يعتمد عليها القضاة أصبحت غير مقبولة ولا تتلاءم مع تطورات العصر، وما دخل على عالم الإعلام من تغيـيرات. وطالب بإعادة النظر “في كل النصوص والمواد الــتي تتعلق بوسائل الإعلام والصحافة”. لكن احتجاب حلقة ذلك البرنامج واتشاح شاشة المحطة بالسواد لم يعجب الإعلامية الدكتورة مي شدياق، التي كانت تعرضت قبل بضع سنوات لمحاولة اغتيال، وهي التي كانت إحدى أشهر مذيعات المحطة التليفزيونية نفسها، فكتبت على صفحتها الخاصة عن الصورة السوداء على شاشة القناة صبيحة 14 مارس اعتراضاً على الضغوط السياسية التي تمارس على الإعلام: “هل هي أفضل وسيلة للاحتجاج على الضغوط؟” وتساءلت: “ما دخل “إل بي سي آي” هل صحيح أنّ الحريات لا تتجزّأ، إلكترونية كانت أم مرئية أم مكتوبة أم مسموعة؟ وهل التضامن واجب ظالمٌ كان أخاك أم مظلوماً؟” في تلك الأثناء كان الادعاء العام اللبناني، ومحكمة المطبوعات ينظران في العديد من قضايا النشر التي تصنف في باب التطاول على مقامات رسمية أو القدح والذم، منها ما يخص مغرداً شاباً على “تويتر”، عاد وقدم اعتذاراً بعدما صدر بحقه حكم بسجنه لمدة شهرين. إرهاصات وخطوات يكاد الجميع يعاني من ضغط الفراغ أو القصور في التشريع وقوانين النشر الصحــفي، التقليدي أو الإلكتروني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وعندما كتب الدكتور عبدالرحمن عزي كتابه الجديد “قوانين الإعلام في ضوء الإعلام الاجتماعي (قراءة معرفية في النظام الأخلاقي)”، الذي صدر العام الماضي عن الدار المتوسطية للنشر بتونس، لاحظ افتقار مكتباتنا إلى النظر لهذا الموضوع من “الزاوية القانونية الأخلاقية”. وعبر كتابه هذا عمل عزي إلى وضع قانون للإعلام في سياق أخلاقي، “أي أن القانون يعكس رؤية معرفية واجتماعية وحضارية وليس أداة ضبط “سلطوية” فحسب، آملاً أن يعد هذا المشروع “بمثابة دستور للنظام الأخلاقي في المجتمع”، معتبراً أنه كلما كانت الصلة بين “القانوني” و”الأخلاقي” حاضرة كان القانون فاعلاً حضارياً في الممارسة الإعلامية. كذلك سبق للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم “الإيسيسكو” أن قررت تكوين لجنة علمية لإعداد مشروع قانون للإعلام الجديد، تضم ممثلين من دول العالم الإسلامي كافة، لتبادل الخبرات والمزج بين الخبرات الإعلامية والقانونية لسد النقص التشريعي في هذا المجال. ورغم استشعار أهمية سد هذا النقص منذ سنوات، استمرت وانعقاد الكثير من المؤتمرات المتخصصة، التي انعقدت لمواجهة هذا التحدي، وانتهت إلى توصيات اعتبرت أساساً واضحاً لقوانين، تصدر تباعاً وتخفف الجدل القائم بهذا المجال، لكن حتى الآن، تستمر قضايا الحريات في الإنترنت والإعلام الجديد بإثارة العديد من الإشكالات والجدل وتتحول في أحيان كثيرة إلى قضايا رأي عام، ومعها تُطرح يومياً تحديات قانونية وشكاوى وقضايا قد لا تستطيع التشريعات المطبقة على الإعلام التقليدي التعامل معها، أو معالجتها بما يكفي لإقناع الأطراف المختلفة ويرضي الأسئلة المحيرة. ولعل من المفيد التذكير بالاجتماعات الإقليمية التحضيرية لمنظمات المجتمع المدني العربية، التي سبقت التحضيرات للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، ومن تلك الاجتماعات ما عقد منها في بيروت قبل تسع سنوات وصدرت عنه توصيات منها: - تأكيد الديمقراطية واحترام حرية الصحافة، وتطبيق المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتأكيد أهمية دور الدولة في إدارة المواقع الإلكترونية وتنظيمها من دون المساس بالحريات الأساسية. - إيجاد قانون واضح للمطبوعات ينظم عمل شبكة الإنترنت بالتشاور مع أصحاب المصلحة من منظمات وهيئات مجتمع مدني. - حض المؤسسات القانونية المختلفة، بما فيها نقابات المحامين على توفير القوانين والتشريعات عبر الإنترنت، بشكل يمكن الأفراد من معرفة حقوقهم والتزاماتهم. وتعتبر هذه المهام تحدياً لجميع المعنيين بالحريات والإعلام بكل أشكاله، وبالتالي فإن استمرار التقصير والنقص والغياب هو بشكل ما إدانة لجميع هؤلاء أو لنقل عجز عن تحمل مسؤولية، حيث التردد والخوف من التشريع والتنظيم يعني تأخير قيام الإعلام والصحافة بكل أشكالها وشبكة الإنترنت بوظائفها على أفضل وجه. تعاون عربي أوروبي في الأسبوع الماضي، كان موضوع “التشريعات الصحفية والإعلام الخاص والحكومي” في صلب محادثات حاتم زكريا الأمين العام للاتحاد العام للصحفيين العرب مع جوسيلين جرانج، خبير الإعلام في الاتحاد الأوروبي، لدى زيارة الأخير للقاهرة للاطلاع على منظومة الإعلام في مصر بهدف تبادل الآراء حول التشريعات الإعلامية والمساعدة في تقديم الخدمة الإعلامية الحكومية، حتى تتمكن من منافسة الإعلام الخاص، ضمن برنامج مدته 4 سنوات تموله وتشرف عليه اللجنة الأوروبية لدول منطقه جنوب البحر المتوسط وعبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويشمل 7 دول، هي المغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والأردن، ولبنان، وفلسطين. وفي مطلع مارس الجاري؛ صدر عن مجلس نقابة الصحفيين تعديل لافت للائحة القيد بالنقابة، “حيث سيتم إجراء اختبارات في اللغة العربية والإنجليزية، كشرط للقيد بجداول النقابة، بالإضافة إلى إجراء اختبار في التشريعات الصحفية للزملاء المتقدمين للقيد، واجتياز دورات كمبيوتر”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©