الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكسيك... عصابات الجريمة وحسابات السياسة

المكسيك... عصابات الجريمة وحسابات السياسة
18 يوليو 2009 01:55
بعد اعتقال أحد أبرز رجالها نهاية الأسبوع الماضي، أطلقت عصابة «لافاميليا» المكسيكية حملة هوجاء من العنف مستهدفة مراكز الشرطة ومخلفة 12 قتيلاً من عناصر الأمن الفيدرالية أعدمتهم على جانب إحدى الطرق، وعلى رغم كل ذلك القتل والتخريب صرحت العصابة على لسان قيادييها بأن كل ما يسعون إليه هو «السلام» و«الهدوء»! ففي برنامج إخباري تعرضه محطة تلفزيونية بولاية «ميتشوكان»، حيث تنشط عصابة المخدرات تلك، أوضح أحد العناصر الذي عرّف بنفسه باعتباره قيادياً في «لافاميليا» أن هجماتهم في الأيام السابقة إنما جاءت رداً على الإجراءات التي اتخذتها الشرطة تجاه عائلاتهم وأصدقائهم، وتابع الرجل قائلاً: «إن كل ما نريده هو السلام والهدوء، إننا نسعى إلى التوصل إلى ميثاق وطني، ونريد من الرئيس فيليبي كالديرون أن يعرف أننا لسنا أعداءه، وأننا نقدره، وأننا أشخاص نعمل بضمير». ومع أنه لم يتسنَّ التحقق من صحة الدعوة التي أطلقتها العصابة، إلا أن رد الحكومة جاء سريعاً على لسان وزير الداخلية «فيرناندو جوميز مونت»، الذي قال: «إن الحكومة الفيدرالية لا تتحاور أبداً مع العصابات، ولا تتوصل إلى اتفاقات مع المنظمات الإجرامية، وليس هناك من بديل آخر عدا الخضوع لحكم القانون»، ولكن هذا الموقف الحازم الذي أبدته الحكومة يهدد بإبعاد الناخبين عن الحزب الحاكم، وبالتالي قد تكون له تكلفة سياسية باهظة. فقد حاز الرئيس «كالديرون» تأييداً شعبياً واسعاً لهجومه على تجار المخدرات، واتخاذه من هدف القضاء عليها جزءاً أساسياً من برنامجه الرئاسي الذي شرع في تطبيقه مباشرة عقب وصوله إلى السلطة في ديسمبر من عام 2006، وأصر على مواصلته وعدم التراجع عنه. وفي هذا السياق أرسل 45 ألفاً من قوات الشرطة الفيدرالية إلى جميع أنحاء البلاد، حيث ينشط تجار المخدرات، ولكن مع ارتفاع وتيرة العنف في عموم المكسيك بدأ التململ الشعبي يظهر وأخذ الشعور بالإحباط يزداد، وهو ما يفسر في جزء منه، حسب المحللين، تراجع حزب «العمل الوطني» الذي يرأسه «كالديرون» خلال انتخابات التجديد النصفي لأعضاء البرلمان أمام غريمه «الحزب المؤسسي الثوري»، الذي حكم البلاد 71 سنة، على رغم أن المكسيكيين اعتقدوا لفترة طويلة أن «الحزب المؤسسي الثوري» متورط في اتفاقيات سرية مع منظمات إجرامية وتجار المخدرات تسمح لهم بمواصلة نشاطهم مقابل تقليلهم من أعمال العنف وتجنب الفوضى. ويوضح هذا الأمر «بروس باجلي»، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة ميامي قائلاً: إن هناك شعوراً متنامياً لدى المكسيكيين بأن «كالديرون» انخرط في معركة أكبر منه وتفوق طاقته على التحمل «فما يشغل بال المكسيكيين ليس تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، بل في المقام الأول العنف الذي تشهده مدنهم وأحياؤهم». وقد أظهر استطلاع للرأي نشرته مؤخرًا الصحيفة اليومية «ميلينو» وأجراه مكتب التواصل الاستراتيجي في العاصمة مكسيكو، أن أكثر من نصف المكسيكيين يعتقدون أن شبكات الجريمة المنظمة تنتصر على الحكومة مقابل 28 في المئة فقط يرون أن الحكومة تحقق مكاسب ميدانية. وكان العنف قد اندلع في ولاية «ميتشوكان» نهاية الأسبوع الماضي بعدما اعتقلت الشرطة الفيدرالية نائب رئيس عصابة «لافاميليا» المعروف باسم «أرنولدو رويدا ميدينا»، حيث ردت العصابة باقتحام رجال مسلحين لمراكز الشرطة في الولاية مخلفين خمسة قتلى. وفي حادث منفصل، تعرض 12 من رجال الشرطة لكمين نصبه لهم عناصر من المنظمة الإجرامية وتم إعدامهم على جانب الطريق في واحدة من أسوأ عمليات القتل التي تشهدها المكسيك منذ صعود «كالديرون» إلى السلطة. وخلال اللقاء التلفزيوني الذي أُذيع ليلة الأربعاء الماضي، قال رجل العصابة الذي شارك عبر الهاتف إن الشرطة الفيدرالية «جاءت ولفقت التهم ضدهم»، وكانت إدارة «كالديرون» قد أطلقت حملة غير مسبوقة ضد الفساد في الولاية معتقلة العديد من المسؤولين الحكوميين بمن فيهم حكام المدن الذين يعتقد أنهم متواطئون مع المنظمات الإجرامية. وفي معرض دفاعه عن «لافاميليا»، أشار رجل العصابات إلى أن المنظمة تحتكم إلى مجموعة من القواعد السلوكية، بحيث تستهدف فقط أصحاب النفوذ السياسي الذين «يرفضون الدفع»، دون أن يغفل القول: «نحن نعرف أن عملنا لا يروق للرأي العام». لكن الحكومة لم تبدِ أي لين في الرد على تصريحات العصابة، وقال وزير الداخلية: «إن الجماعات الإجرامية التي تحاربها الحكومة المكسيكية مكونة من مجرمين جبناء لا أخلاق لهم، إنهم يسعون إلى إخفاء بشاعتهم بتبريرات واهية»، وحسب المسؤولين الحكوميين، فقد ضاعفت المكسيك من وجود القوات الفيدرالية في ولاية «ميتشوكان» يوم الخميس الماضي وأرسلت ألفاً من عناصر الشرطة لتعزيز الأمن وحماية السكان، والمعركة لاتزال مفتوحة، وقد لا تكون نهايتها قريبة. سارة ميلر لانا - المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريسيتان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©