الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حب

21 ابريل 2017 23:22
لماذا لا نلعب دور المربية أو الشغالة؟ أدوار تلعبها هذه المرأة في حياتنا وبمرور الوقت يصبح وجودها ضرورة لتسير أمورنا على ما نتصور أنه مريح. إحداهن لا تعرف كيف تعبر لك عن سعادتها ومقدار شعورها بالفرح لأن في بيتها شغالة تحب أولادها أكثر منها هي أمهم، وكيف أنهم يحبون هذه المرأة أكثر مما يحبونها هي، ثم تستشهد بهذا الموقف «حتى لو أنا ضربتهم قامت هي تدافع عنهم وتحتويهم في صدرها، شوفي كيف أنا قاسية لكن هي حنونة!». الأخرى تسرد حكاية ابنتها عشر سنوات راجية أن يراعي كل من في المدرسة ظروفها «ابنتي مكتئبة لأن مربيتها مسافرة! ثم تأتي ثالثة لتحلف لك أنها تعودت أن تسافر وتترك أطفالها مع مربيتهم التي ينادونها «ماماه» تطعمهم، تذاكر لهم وتنومهم. ومن بعيد تلوح لك إحداهن بطفل رضيع تحمله بين ذراعيها وتهزه برفق، أو تمسكه بعناية وتتمشى في ركن هادئ من المكان، تغني له أحياناً، وتتكلم معه أحياناً، أو تفرك جسده بيدها، تتلمسه، تنظر في عينيه، يلامس وجهه وجهها، وشعرها، تشم رائحته، ويشم رائحتها، وترضعه الحليب. السيناريو نفسه يتكرر ويكبر كلما كبر هذا الطفل، وعلى الرغم من أن الأطفال لا يعرفون مفهوماً كالحب إلا أنهم يعرفون من يقدمه لهم فيبادلونه الشعور ذاته. قد تكون هذه المرأة مظلومة، وقد لا نجد لهذا التصرف الذي يقوم به إنسان غريب لإنسان آخر لا تربطه به سوى علاقة عمل مؤقتة وراتب شهري سوى ما يحدث أحيانا « يحدث أحياناً أن يجد أحدنا نفسه كمن يزرع شتلة صغيرة في أرض بعيدة، ويرحل عنها تاركاً إياها في عراء القلب لاحتمالات الطقس الغامضة وصلاة الاستسقاء» فقرة من قصة «شتلة في عراء القلب! للشاعرة والناقدة والكاتبة الكويتية «سعدية مفرح» أعجبتني فاقتبستها. يحدث هذا دون أن ندرك عاقبته، يتعلم أولادنا الحب من المربية أو الشغالة تؤديه كوظيفة، تزرعه في قلوبهم دون أن تعي أنها تقوم بدور ليس لها، ودون أن نعي نحن كذلك. يظل الحب وظيفة تمارسها امرأة تعيش بيننا بصورة مؤقتة بناء على معرفتها الجيدة لاحتياجات أطفالنا، وأولها حاجتهم له، لتتحول إلى ما يشبه المصدر الرئيسي لتقديمه إن لم يجده أولادنا في تصرفاتنا. علاقة الحب التي تتكون بين الطفل وبين أمه وبينه وبين أبيه تؤهله لممارسته في حياته بشكل صحيح. عندما يأتي دور الحب لاتفكر في أن الشغالة والمربية يمكن أن تعطيه لطفلك، فهي ليست مؤهلة له بالفطرة، وكل ما تحتاجه هو أن تلعب دور هذه المرأة المظلومة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©