الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

عدت طفلاً

24 ابريل 2010 23:07
تعودنا أن نقول “راحة من العمل”، ولكنني كنت أعرف وأتوقع مسبقاً أنه بالرغم من أن تغطية مهرجان الغربية للرياضات المائية تحتاج إلى جهد للإلمام بكافة فعالياته إلا أنني كنت على يقين أنني في انتظار فترة نقاهة أيضاً، فالمهرجان، يأخذك إلى حياة اجتماعية متكاملة وثرية، يهواها كثير من أهل الريف أمثالي ممن تربوا على “شط الترعة”، وتعودوا وهم صغار النوم في القيلولة تحت ظل شجرة وارفة، آمنين مطمئنين، ويستيقظون ليغسلوا وجوههم قبل الماء بلون الطبيعة التي تكحل الناظر وتمايل أشجار الصفصاف والكافور والتوت. هنا في المرفأ أستعيد ذات المشاهد، ويقفز الطفل من داخلي، ينطلق مرحاً على الشاطئ، ويطوف أرجاء المكان، فيغريه مشهد الشجرة التي تستحم في الماء، والشمس حين تميل للغروب لا تحجبها بناية أو برج شاهق، والماء حين يعلو موجه، فيبدو وكأنه يطير إلى السماء يريد أن يسر إليها بإحدى حكاياه. في المرفأ، أستعيد أيام الصبا، وإن لم يكن من شيء غير ذلك، فهو يكفي. أتجرد من الكثير من الأمور والحساسيات، وإشارات المرور، وصخب النادي السياحي، وحتى الناس هنا ليسوا كغيرهم، فللطبيعة دوماً أثرها في نفوس البشر، ومن تربى على الضفاف وبين الأشجار وفي الصحارى البكر، ليس كمن عاش عمره في بناية شاهقة تطبق عليه من كل جانب، ويقضي سنوات عمره، وربما لا يعرف من يسكن بجواره، ويلتقي بالجيران في المصعد لقاء الغرباء. منذ أن زرت المرفأ في المهرجان الأول، وأنا أمني النفس بزيارة أخرى، حتى عندما مرضت هنا ذات ليلة، وذهبت إلى مستشفاها، هيأني مظهرها الخارجي للاستشفاء وأشاع في وجداني بهجة، تصاعدت معها الأجسام المضادة في كرات الدم، وكان للمشهد مفعول السحر، حتى وإن كان مستشفى. الكل هنا يحتضن المهرجان، ويشعر أنه صاحب العيد، بعد أن شمله سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية برعايته، وحضر الافتتاح، فأطلق بحضوره شلالات الفرح، وطاف بين الناس في ود وحميمية يستمع إلى مشاكلهم ويحثهم على العمل، وعلى صون التراث. وكل يوم يتواجد على الشاطئ، جنود المهرجان، يقودهم محمد حمد بن عزان المزروعي مدير عام مجلس تنمية المنطقة الغربية، الذي لا يترك الشاطئ من أجل الاطمئنان على كل صغيرة وكبيرة، وعبيد خلفان المزروعي مدير المهرجان، وعبدالله بن بطي القبيسي مدير نادي أبوظبي للسيارات والدراجات، والكثير من الأسماء والشخصيات التي انخرطت مع الناس في كرنفال جميل ومبهر، يمتد من الصباح حتى المساء، من منافسات البحر، سواء قوارب شراعية أو البراشوت الطائر، أو الكاياك، وامتداداً إلى الشاطئ، حيث بقية الألعاب، وحيث الآلاف من أهل المرفأ وأهل الإمارات وضيوفهم من حول العالم، ليعلو صوت المرح، لكنه ذلك المرح البريء والطفولي الذي يوقظ البراءة فينا، ويعيدنا إلى العمل من جديد وإن كنا لم نتركه بنفس جديد.. لا زالت تشرق فيها شمس المرفأ والمنطقة الغربية. كلمة أخيرة: دائماً يسكن في حنايانا الطفل .. يختفي خلف ألف قناع.. يستحثنا على الخروج، فالعالم أفضل لو صرنا أطفالاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©