الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى····· وعن الأدوية

سِقْط اللِّوَى····· وعن الأدوية
28 مايو 2008 02:54
سبق لنا أن تحدّثنا، عن اللغة الطّبّيّة عند العرب، وأنّهم لم يكادوا يغادرون شيئاً من الأمراض التي كانت منتشرة بين الناس على عهدهم إلاّ وضعوا لكلّ اسماً واحداً على الأقلّ، وكيف أنّهم كانوا يدقّقون في إِطْلاقَاتِهِمْ إلى حدّ أنّهم كانوا يُطْلِقون على شُقَاق جِلْد الكَفِّ الخارجي اسماً، وشُقاقه الدّاخليّ اسماً، (فيطلقون: الزَّلَعَ على تشقُّق ظاهر اليد، قد تزلّعتْ يده؛ في حين أنّهم يطلقون الكَلَعَ على ما يكون بباطنها من تشقُّق، ويكون الزّلَع في القَدم أيضاً، كالكفّ· فكأنّه تفطُّر الجلْد؛ وأنّ للأنف عندهم ومنخريْه وما يفصل بين المنخرين وما يسيل منه المخاط أو دم الرُّعاف أسماء كثيرة تزيد عن الحاجة! مثل إطلاقِهِمُ الرَّوْثَةَ (وهي الأرْنَبَة أو الْخِنَّابَة أيضاً) على مقدَّمِة الأنفِ· ونودّ اليوم أن نعرض لبعض الأدوية التي كان الأطبّاء العرب يعالجون بها حيث تعنينا الإطلاقاتُ اللغويّة التي كانوا يصطنعونها لها· وإذا كنّا لاحظنا أنّ مثال فُعَال كثيراً ما يدلّ على الأمراض التي كانوا يطلقون عليها مصطلح ''الأدْواء''، فإنّا لاحظنا أنّ كثيراً من الأدوية التي كانوا يعالجون بها كانت تَرِدُ على مثال ''فَعُول''، وذلك مثل إطلاقِهِمْ مصطلحَ السَّعُوطِ (ويقال أيضاً: الصَّعُوط بالصاد) على الدّواء الذي يُناوَلُ المريَضَ في أنْفِه من مِنْخَرَيْهِ، أي يُصَبّ فيهما من خلال أنبوبٍ ربّما اتّخَذه الأطبّاءُ العربُ من قصبة صغيرة؛ وإطلاقِهِمْ مصطلحَ الوَجُورِ: على الدَّواء الذي يتناولُه المريضُ من فَمه؛ والرَّقُوءِ: على الدواء الذي يُرْقِئُ به الطبيبُ الدَّمَ فيَقِفُ نزيفَه؛ والدَّقُوقِ: على دواء يُدَقّ للعين الرَّمْداءِ؛ والسَّنُونِ: (وهو معجون الأسنان باللّغة المعاصرة، وهي تسميَة تدُلّ على جهل الناس بالعربيّة الصحيحة، لأنّ لفظ ''المعجون'' وإضافتَه إلى الأسنان يعني لا تنظيفَها مِن قُلاَحٍ، ولا شِفاءَ لِثَاتِها مِن عِلّة)، على ما يقَع الاِسْتِنَانُ به من دواءٍ لتقْويَة الأسنان وتَطْرِيَتها، وتنظيفِ اللِّثَاتِ ومُعالجتها· ويقال: سَنَّ أضراسَه سَنّاً: إذا سوَّكها، كأنّه صقَلها حتّى يذهبَ قُلاحُها (والقُلاح ما يعلَق بالأسنان من صُفْرة أو وسَخٍ من قلّة تنظيفها)؛ والغَسُولِ: على الْغِسْل (بكسر الغين المعجمة) الذي يُغْسَل به الشَّعرُ وهو المكوَّن من مادّة نباتيّة (مثل الْخِطْمِيّ الذي كان يُغسَلُ به الشعرُ على العهد النبويّ، وكان النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نفسُه يغسِل به شعرَه، كما ورد ذلك في الحديث)، مضافاً إليه موادّ أخرى، وهو الذي يُطلق عليه اليوم كثيرٌ من النّاسِ، عِيّاً وقُصوراً منهم، اللفظةَ الأجنبيّة القبيحة: ''الشامبو''! والعَقُولِ: على الدّواء الذي يَعقِل البطنَ الْمُسْتَطْلِقَ ويُمْسِكه فيذهب إسهالُه؛ وهلمّ جرّة من إطلاقات كثيرة للأدويَة وردت على هذا المثال، وعلى أمثلة أخرى·· وما جئنا به هنا مجرّد غيضٍ من فيضٍ، أم أليست العربيّةُ أيسَرَ وأدقَّ مما يظنّ بعض الذين لم يتعمّقوا درْسَها، أو أنّهم يَأْبَوْنَ أن يُقِرّوا بكفاءتها العلميّة: مُكابَرةً وعِناداً ؟···
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©