الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهرجان الغربية للرياضات المائية.. مرآة للحياة بكل ما فيها

مهرجان الغربية للرياضات المائية.. مرآة للحياة بكل ما فيها
24 ابريل 2010 20:22
في المرفأ.. وتحديداً في مهرجان الغربية للرياضات المائية، الذي تتواصل فعالياته حتى الأول من مايو المقبل، لا يقف الأمر عند حدود الرياضة والمنافسة، لكنه يمتد لينسج مشاهد عديدة، حولت المهرجان إلى مرآة للحياة بكل ما فيها، وقد نجح المهرجان في تغليف رسالته بروح المرح، من أجل أن تصل إلى أكبر عدد من المستقبلين، فالرياضة وسباقات البحر في القوارب الشراعية والكايت سيرف والكاياكي، هي العنوان الأول، ولكن للقصة عناوين أخرى، يتقدمها التراث ومحاولات صونه، وإحيائه وعرضه على الآلاف من الجماهير التي استقطبها المهرجان، وخطفها التراث. وتمثل الأجنحة التراثية في مهرجان الغربية، أهم قطاع في المهرجان، حيث تقع في مقدمة منطقة الاستعراضات، على شاطئ المرفأ، وبما تضمه، وبما يفوح منها أو يتراءى فيها، لديها القدرة على أن تخطفك من أول وهلة، وطالما أنك ولجت خيام التراث، فربما تغنيك عن استكمال الجولة التي أتيت من أجلها، فداخل هذه الأجنحة، ستقطع موعداً مع تاريخ هذا الوطن، وستجالس أشخاصاً يتنفسون الماضي، وستأسرك المعروضات. أما روائح العود والعنبر وغيرها من ألوان العطور الأخرى التي تلف أرجاء المكان، فستتسلل إلى داخلك، لتعتريك رعشة خفيفة، حتى تتخيل لبعض الوقت أنك امتطيت آلة الزمن، وعدت إلى أزمان بكر، وربما ترى الخالة آمنة التي تجلس أمامك ببرقعها التاريخي، فتاة من شبه الجزيرة، ولا مانع عندها أن تستحضر قول الشاعر إبراهيم السهلي: صـادفنـي بالبراقــع وأعجبنــي وأودعن قلبي على حد الممـات صـابني سـهم العيون اللي رمني يرسل سهوم المنايـا بلحظـات بالمخاطــر يقتلـن لا قــابلـنـي ماحلى البرقع على ذيك المهـاة المشهد في السوق الشعبي، من الماضي.. براقع.. سواء تلبسها العارضات أو يعرضنها للبيع، والتللي، والتجوري، والشيلة، والمجبة أو السرود والسف بكسر السين، وحتى «المنز» موجود، وللوهلة الأولى حينما شاهدته أدركت أنه سرير الأطفال في الماضي، وكم هو أكثر فخامة وروعة وحنواً من سرير «المولات» ومحال المفروشات، فهو الوحيد الذي يمنحك «الهدهدة» بمعناها وحتى حروفها وجرس الكلمة وموسيقاها. حرف يدوية وبينما تواصلت الجولة، كانت هناك مصادفة، استوقفتني لبرهة، وإن اكتفيت بتبرير لكونها صدفة، فمعظم العارضات لهن نفس الاسم «آمنة»، من آمنة يوسف أحمد، إلى آمنة عبدالرحمن عيسى، وآمنة أحمد علي الحمادي، وآمنة عبدالله، وقلت: حتى لو كانت مصادفة، فهو أفضل اسم تستحقه كل منهن، فهن فعلاً آمنات، وهن أيضاً أمينات على تراث الوطن، توارثنه عن الأجداد ولا يزلن يؤدين رسالة بتعليمه لبناتهن. البداية كانت مع الخالة آمنة أحمد الحمادي «65 سنة»، ولدت ونشأت وعاشت في المرفأ، وتحرص على المشاركة في مهرجان الغربية منذ انطلاقته، حيث تعرض عدداً من المنتجات التراثية، مثل التللي، والذي يستخدم لزينة العروس والمرأة بصفة عامة، والشيلة، والتجوري، وهو الصندوق التي تضع فيه العروس أو المرأة أغراضها، كما تبيع «المجبة»، وهي «السُفرة» في الماضي، وتصنع من سعف النخيل، وكانت الأسرة تستخدمها للأكل عليها. وأسألها عن السبب وراء مشاركتها في المهرجان، وترد: من أجل أن أعرض تراث بلدي، وأيضاً لـ «الوناسة»، وهي أفضل من «قعدة البيت». وعن الفارق بين زمان والآن، تقول: زمان.. كانت الناس عايشة.. ولكن «بالتعب»، والحين «الله يطور في عمر شيوخنا».. الخير «وايد»، والتطور كبير. وتؤكد آمنة الحمادي أنها تشتغل بهذه الحرف اليدوية، منذ كان عمرها عشر سنوات، وأن لديها ست بنات وستة أبناء، وقد حرصت على تعليم البنات هذه الحرف التي دخلت إليها الآلات الحديثة والماكينات الكهربائية، ولكن ما يصنع باليد يظل هو الأثمن والأفضل. كما تؤكد أن من أحب المهن إليها، كان «قص البراقع»، وتفصيلها، مؤكدة أن «البرقع» له وضعه ومكانته وإن كان استعماله قد أصبح خفيفاً اليوم. أما آمنة يوسف أحمد وعائشة إبراهيم سيف، فيعرضن في جناحهن، صنوفاً مختلفة من المنتجات التراثية، والتي تصنع من سعف النخيل، مثل الزبيل، المجبة، السرود، الطبق، القفة، والحصير. جلسة من الماضي ودعتا هيئة الثقافة والتراث، إلى افتتاح فرع لها في المرفأ وكل مناطق المنطقة الغربية من أجل صون هذا التراث، ومعاونة المشتغلات به، وتوفير معرض لهن أو تسويق منتجاتهن، وتقول آمنة يوسف: نحن نعلم بناتنا، وأحياناً يستعينون بنا في تعليم البنات بالمدارس، ولكن معظم ما ننتجه نضعه في البيت، وننتظر مثل هذا المهرجان لعرض منتجاتنا، ولكن ان توافرت معارض وتبنتا هيئة التراث، ستكون الفائدة لنا ولهذا التراث أيضاً. وتعرض آمنة عبدالرحيم عيسى في خيمتها «المنز»، وهو سرير الأطفال قديماً، وبالرغم من أن هيئته تبدو قديمة إلا أنه استحوذ على اهتمام الكثير من رواد المهرجان الذين سألوا عن أصله وطريقة تصنيعه والخشب المستخدم فيه، كما تعرض أيضاً آمنة أشكالاً من المصنوعات من سعف النخيل، وأحياناً تستعرض مهاراتها في تصنيعها أمام الجمهور. وحول السوق والهدف من إنشائه، تقول غدير المحيربي المنظمة للسوق والمشرفة عليه: يعتبر إحياء التراث، من أهم الأهداف التي يقوم عليها المهرجان، فنحن لا نريد من الجمهور سواء من أبناء الإمارات أو من زوارنا من المقيمين والسائحين أن يعودوا كما أتوا، وإنما نتطلع إلى تعريفهم بتراث بلدنا، ومثل هذه الرسالة تفوق في أهميتها بقية الفعاليات، وكانت من أهم الركائز التي ارتكز إليها المهرجان، سواء في دورته الأولى أو الثانية. أما سلامة المحيربي، وهي من العارضات في السوق الشعبي، فقد اختارت لوناً مختلفاً من التراث، بإنشاء خيمة، تمثل المجلس التراثي النسوي، وكانت شائعة في الماضي، حيث كان للنساء أيضاً مجلسهن الخاص بهن، وتقول سلامة: تراثنا الشعبي ثري وفيه الكثير، وهو لا ينحصر فقط في المشغولات والمنتجات التراثية، وإنما يمتد أيضاً إلى أنماط الحياة الاجتماعية في تراثنا، وكذلك الأكلات الشعبية، والمجلس التراثي يجمع كل ذلك، وهو بمثابة جلسة من الماضي بكل تفاصيله. محمد المزروعي: نسير في التنمية بعين على الحاضر وأخرى على الماضي المرفأ (الاتحاد) - أكد محمد حمد بن عزان المزروعي، مدير عام مجلس تنمية المنطقة الغربية، أن صون التراث والحفاظ عليه يأتي في مقدمة أولويات المجلس، مثمناً الدور الذي يقوم به سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية في هذا الصدد، مؤكداً أن سموه كثير الاعتناء بهذا الجانب، ولهذا كانت توجيهاته في النسخة الثانية من مهرجان الغربية للرياضات المائية بضرورة التوسع في الرياضات التراثية البحرية، وتمت بالفعل إضافة عدة سباقات من الماضي، بهدف إحيائها حتى يتعرف إليها الجمهور، خاصة أنها تمثل فصولاً من الحياة الإماراتية. وأضاف أن التنمية لا تقوم فقط على الأخذ بأساليب العصر والحداثة، وإنما علينا أن نأخذ من الماضي جسراً نعبر عليه إلى المستقبل، وتاريخ الشعوب هو رصيدها الذي يصاحبها في رحلة الحياة والنهضة والتطور، ومن هنا، فنحن نسير في التنمية بعين على الحاضر والمستقبل وأخرى على ماضينا الزاخر والغني. وأشار المزروعي إلى أن المنطقة الغربية غنية بهذا الرصيد من التراث، وتمثل أرضاً بكراً للباحثين عن كنوز الماضي، سواء كانت هذه الكنوز مادية محسوسة أو اجتماعية أو ثقافية أو فنية، ومن هنا كان الحرص على أن يكون التراث ركناً أصيلاً في مهرجان الرياضات المائية، وهو ممتد من الرياضات نفسها التي تقوم عليها المنافسات إلى الشاطئ، حيث السوق الشعبي والأمسيات، وحتى المسابقات التي تنظم للجمهور كل ليلة، تركز على التراث، حتى يصبح أبناؤنا وشبابنا على صلة وثيقة بماضيهم الذي كان جسراً لعبورهم إلى مرحلة النهضة الشاملة التي نعيشها على مختلف الصعد. وثمّن مدير عام مجلس تنمية المنطقة الغربية الدور الكبير الذي تقوم به هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، بوصفها المعني الأول بصون التراث والحفاظ عليه، وهي من الرعاة والشركاء الأساسيين للمهرجان، ورسالتها واضحة وجلية للجمهور، كما أنها دائمة البحث عن كل ما من شأنه القيام بهذه الرسالة الوطنية. جناحهما يستقطب عشاق العطور والبخور «موزة» و «غالية» .. مسك وعنبر المرفأ (الاتحاد) - إذا مررت على خيمة موزة علي البوعينين وغالية جابر ناصر الحمادي، في السوق الشعبي، فلابد أن تتوقف.. فشذا رائحة العنبر والمسك أعظم من أن تقاومها، وهما تراهنان على ذلك، ولذا يجد جناحهما في السوق رواجاً كبيراً من الباحثين عن العطور ودهن العود، والبخور، وغيرها من الوصفات والخلطات العربية التي تقوم موزة وغالية بتصنيع بعضها في المنزل. حول مشاركتهما في المهرجان، تقول موزة البوعينين: نحرص على المشاركة في المهرجان منذ انطلاقته الأولى، وننتظر قدومه مثلما ننتظر قدوم العيد، وهو كذلك بالفعل. وعن المعروضات في جناحهما، تقول موزة: نعرض أكثر من لون من المنتجات التراثية، سواء المشغولات من سعف النخيل، أو أدوات الزينة للمرأة، ولكننا نركز أكثر على البخور العربي ودهن العود والعطور. وتشير موزة البوعينين إلى أنهم يقومون بصنع بعض أنواع البخور في البيت، مثل البخور العربي، والذي هو حسب وصفتها عبارة عن خليط من المسك والعود المطحون ودهن العود والعنبر، ويوضع الخليط على النار، وتضاف إليه دخون عادية أو فرنسية، ويصل سعر العبوة من هذا البخور إلى 50 درهماً. أما غالية جابر الحمادي، فتؤكد أنها سعيدة بهذه المهمة، وترى أن الأمر أكبر من بيع هذه المنتجات، لأنها أيضاً تسوق لتراث بلدها، ولذا لا مانع من التهاون في السعر، لأن سعادتهما الحقيقية تكمن في أن يستطيب الناس ما صنعت يداهما.
المصدر: المرفأ
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©