الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمم فاشلة... واحتباس حراري متفاقم

قمم فاشلة... واحتباس حراري متفاقم
16 يوليو 2009 00:15
في الأسبوع الماضي شد انتباهي عنوانان تصدر أحدهما الصفحة الأولى لجريدة «وول ستريت جورنال» وجاء فيه: «قادة القمة يبحثون عن اتفاق حول المناخ»، وعلت العنوان صورة ظهر فيها عشرة من قادة الدول المشاركين في قمة مجموعة الثماني وهم يبتسمون. ولكن خلافاً لمشهد القادة المبتهجين في الصورة أشار المقال أسفلها إلى فشل هؤلاء القادة أنفسهم في وقف التغير المناخي بعدما عجزت المجموعة عن الاتفاق على أهداف قصيرة المدى لتحديد سقف للانبعاثات، كما أخفقت أيضاً في التوصل إلى طريقة تعوض بها الدول النامية جزاء التزامها بالأهداف البيئية، بل إنهم لم يستطيعوا حتى وضع معايير يتم من خلالها تقييم تلك الأهداف ولا كيف سيتم حسابها. غير أن الأهم من ذلك كله هو العنوان الآخر الذي أثار اهتمامي في الصحيفة نفسها حيث يقول «الرياح تعصف بالطاقة النظيفة»، متصدراً مقالا في الصفحات الداخلية ترافقه صورة للملياردير «بون بيكنز» أحد أساطين النفط الذي قرر تأجيل استثماره في مشروع كبير لتوليد الطاقة عن طريق الرياح بولاية تكساس، إذ يبدو أن انخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات متدنية أطاح بوعود الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، هذا ناهيك عن تراجع قدرة البنوك على الإقراض بسبب الأزمة المالية ليفشل المستثمرون ورجال الأعمال مرة أخرى في تسخير المبادرة الحرة والتكنولوجيا لوقف التغير المناخي والاضطلاع بدورهم في هذا الإطار. وحتى أكون واضحة لست من الذين ينكرون حقيقة التغير المناخي فلطالما أدركت الدور الذي يعلبه الوقود الأحفوري في تسريع وتيرة الاحتباس الحراري، كما أنني أقر بالحاجة إلى بذل جهود كبيرة لخفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون والتقليل من اعتمادنا على النفط والغاز الخارجي لما يمثله ذلك من خطورة سياسية، ولكني مع ذلك أشك في قدرة ثمانية، أو عشرة سياسيين عالميين، على حل هذه المعضلة خلال اجتماع، أو مؤتمر سواء عقد في إيطاليا، أو في أية دولة أخرى، بل إنني أشك بقوة حتى في مقدرة مئات السياسيين ومعهم مستشاروهم العلميون وجماعات الضغط المدافعة عن البيئة على حل مشكلة التغير المناخي في قمة كوبنهاجن القادمة، المقرر عقدها في شهر ديسمبر المقبل. ويفترض أنه بحلول ذلك التاريخ سيتمكن الموقعون الأصليون على بروتوكول «كيوتو» من تجديد وعودهم القديمة، كما يفترض بالولايات المتحدة أن تطأطئ رأسها وتنضم إلى الجوقة بوعودها المتجددة، لتتفق الوفود المشاركة في الأخير على تحديد سقف جديد للانبعاثات سيبقى، هو الآخر، مجرد حبر على ورق شأنه في ذلك شأن الأهداف السابقة التي لم يتحقق منها شيء. والحقيقة أن انبعاثات الكربون لن يتم خفضها من قبل بيروقراطيي العالم مهما حسنت نواياهم، ومهما اجتمعوا في الغرف ووقعوا على البيانات الختامية، ولن تُقلص أبداً بالانخراط في حملات الدعاية والعلاقات العامة وإنتاج البرامج الوثائقية، وأهم من ذلك أنها لن تُخفض بالتوصل إلى معاهدة معقدة ستعجز الأمم المتحدة، أو أية هيئة دولية أخرى، عن مراقبتها؛ غير أن هذه الانبعاثات يمكن الحد منها بجهود رجال الأعمال والمستثمرين من أمثال «بون بيكنز»، فلو تمكن هو وآخرون من التوصل إلى طريقة مجدية اقتصادياً لإنتاج الطاقة النظيفة فإن المشكلة ستُحل من تلقاء نفسها دونما حاجة إلى مؤتمر دولي واحد. ولذا يتعين على السياسيين الأميركيين الذين يهتمون فعلا بمعضلة التغير المناخي -وأنا أعتبر أن الرئيس وأغلبية الكونجرس يفعلون ذلك- القفز على القمم والمؤتمرات، وأن يطرحوا على أنفسهم السؤال التالي: ما الذي دفع أسعار النفط والغاز الطبيعي التي بدأت ترتفع قبل عدة سنوات إلى الانخفاض مجدداً، حتى لو كان هذا الانخفاض وهمياً؟ أجل إنه انخفاض وهمي لأنه لا يعكس أبداً التكلفة الحقيقية سواء السياسية، أو البيئية التي يتعين دفعها مقابل هذا الانخفاض. فالأسعار المنخفضة حالياً لا تعكس تكلفة التواجد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، ولا أيضاً تكلفة علاج الأمراض المرتبطة بالجهاز التنفسي، ولا تعكس بالتأكيد تكلفة إنقاذ بعض أجزاء ولاية فلوريدا من ارتفاع مستويات البحر، ولو أردتم معرفة السعر الحقيقي للنفط والغاز الذي يعكس تلك الأكلاف افرضوا الضرائب على الوقود الأحفوري وحينها سيرى مشروع «بيكنز» وغيره من مشاريع الطاقة النظيفة النور. ولاشك أن الوقت قد حان أيضاً بالنسبة للسياسيين الدوليين الذين يعتنون حقاً بالتغير المناخي مثل الأوروبيين ومعهم الكنديون لكي يتوقفوا عن إلقاء المحاضرات على «العم سام» ولومه بعدما انضمت إليهم الولايات المتحدة إلى الركب، واعترفت بخطورة الوضع، وبدلا من إلقاء اللوم على الآخرين والانخراط في جدالات عقيمة يحسن بهم العودة إلى بلدانهم ومواجهة ناخبيهم بشجاعة، وأن يفرضوا الضرائب على الوقود الأحفوري. فإذا كنا فعلا نهتم بمصير الكوكب علينا ادخار وقود الطائرات وعناء عقد المؤتمرات والتركيز بدلا من ذلك على توفير الشروط الاقتصادية المشجعة على الاستثمار في الطاقة البديلة، وهنا فقط نكون قد وصلنا إلى حل لمشكلة الاحتباس الحراري. آن أبلباوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©