الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تتحول إلى استيراد الفحم لتلبية احتياجاتها من الكهرباء

الصين تتحول إلى استيراد الفحم لتلبية احتياجاتها من الكهرباء
23 ابريل 2010 21:07
تتجه معظم البلدان الآسيوية وعلى رأسها الهند والصين إلى استيراد الفحم بأنواعه المختلفة بعد أن كانت مصدرة له. وقد أصبحت الصين العام الماضي مستورداً للفحم للمرة الأولى، حيث اشترت بكين 104 ملايين طن من نوعين من الفحم هما الفحم الحراري المستخدم في محطات الكهرباء كوقود، وفحم الكوك المستخدم في صناعة الصلب، بينما صدرت 80 طناً من الفحم عام 2003. وهذا التحول يساعد على إنعاش صناعة الفحم. فبعد تهميشه لعقود في العالم المتقدم زاد الطلب على الفحم نتيجة إقبال الصين والهند عليه بجانب وارداته الهائلة أصلاً في مناطق أخرى من آسيا، منها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. وكانت سرعة زيادة الطلب على الفحم مفاجأة للعديد من الدوائر، لاسيما أن صناعة الفحم غير مؤهلة لذلك، إذ أن المصاعب بالدول المصدرة للفحم من شأنها إعاقة قدراتها على تأمين الزيادة المطلوبة. وظلت صناعة التعدين في انتظار قوة الدفع الصينية الجديدة هذه للاستفادة من زيادة الأسعار. وتكاد تجمع جميع الدوائر على أن الصين سيلزمها شراء كميات ضخمة من فحم الكوك من الخارج من الآن فصاعداً وربما أيضاً من الفحم الحراري. وستكون آثار ذلك على الصناعة كبيرة وكذلك على مبادرات تقليص انبعاثات الكربون. وينتظر أن تبلغ أحجام سوق الفحم المنقول بحراً مليار طن في العام في منتصف هذا العقد تقريباً وهي زيادة هائلة مقارنة بخمسين مليون طن في أوائل سبعينيات القرن الماضي. وهذه تعتبر بشرى طيبة بالنسبة لشركات تعدين مثل اكسترانا، أكبر شركة تصدير فحم في العالم، وشركة بي تي بومي ريزورسز الأندونيسية وأنجلوا أميركان آند ريو تنتو. لقد بدأت بالفعل معركة تأمين مناجم الفحم التي ستصدر إلى الصين وهو ما تظهره الحرب الدائرة بين نوبل جروب المتمركزة في هونج كونج وبيبوي إينرجي، شركة التعدين المتمركزة في الولايات المتحدة للسيطرة على شركة ماكارثر كول شركة التعدين الأسترالية. كما أنه من المنتظر أن تستفيد بيوت التجارة العالمية (مثل جلنكور أكبر شركة في العالم في تجارة كل من السلع والفحم) من تزايد الطلب الصيني على الفحم. وكان تأثير ذلك على الأسعار كبيراً بالفعل حتى إن كانت الأزمة الاقتصادية العالمية قد خففت حدة الأسعار مؤقتاً. إذ ارتفع سعر الفحم الحراري في أستراليا هذا العام إلى أكثر من 100 دولار للطن الواحد، كما أبرمت شركات التعدين عقوداً لعامي 2010، 2011 لإمداد شركات خدمات منافع باليابان بسعر 98 دولاراً للطن بزيادة 40 في المئة عن العام الماضي. وبشأن فحم الكوك أبرمت شركات التعدين وشركات تصنيع الصلب عقوداً لشهري أبريل إلى يونيو بسعر 200 دولار للطن، وهو ثاني أكبر مستوى سعري ربع سنوي تشهده الصناعة. البنى التحتية غير أنه وسط هذه الخطط الواعدة ترتب على الافتقار إلى الاستثمار في البنى التحتية اللازمة معاناة أكبر موانئ فحم في العالم من مخانق عنق الزجاجة في السكك الحديدية والسفن. ولذلك حتى لو زادت المناجم إنتاجها فإن مرافق التصدير المحدودة الإمكانات لن تتيح بيع مزيد من الفحم إلى الخارج. ويبدو أن بكين متوجهة نحو زيادة اعتمادها على الواردات من أجل الحفاظ على احتياطياتها من الفحم المحلي التي لا تزال ثالث أكبر الاحتياطيات العالمية بعد الولايات المتحدة وروسيا. واستوردت الصين العام الماضي 104 ملايين طن من الفحم وهو ما يعد قدراً ضئيلاً بالمقارنة مع حجم الفحم الذي تستخرجه الصين محلياً البالغ نحو 3.3 مليار طن مسجلاً أعلى إنتاج على مستوى دول العالم. ويتزامن تحول بكين من تصدير الفحم إلى استيراده مع تشديد الرقابة على عمليات التعدين غير القانونية وغير الآمنة الذي أجبر مئات من المناجم الصغيرة على الإغلاق. وفي إقليم شانكزاي الذي تحتوي مناجمه على أسهل احتياطيات الفحم استخراجاً هناك مبادرة مدعومة من الحكومة الصينية المركزية إلى تعزيز الصناعة في هذا الإقليم مع تقييد استخراج الفحم من مناجمه حرصاً على الاستثمار طويل الأجل من جهة وحفاظاً على البيئة من جهة أخرى. وقد انتقلت هذه المبادرة إلى هنان، إحدى أكبر الأقاليم إنتاجاً للفحم. ومن المنتظر أن ينتهج إقليما شاندونج ومنغوليا الداخلية نفس الحذو في مسعى للنهوض بكفاءة الإنتاج طويل الأجل. وقالت وزارة الطاقة الأميركية إن أكبر ثلاث شركات فحم صينية تنتج أقل من 15 في المئة من مجموع الإنتاج المحلي، وإن في الصين عشرات الآلاف من مناجم الفحم الصغيرة المحلية التي يعيبها عدم كفاءة الإدارة ونقص الاستثمار وقِدم المعدات وتردي السلامة، الأمر الذي يعوق الاستغلال الكامل لمناجم الفحم. ويتزامن ذلك مع عزم بكين على النهوض بمعايير السلامة والمحافظة على البيئة ثم تأتي بعد ذلك زيادة الإنتاج. غير أن العديد من خبراء الصناعة في العالم لا يعتقدون أن الصين ستعود إلى الاكتفاء الذاتي. ويقول جوتشم برينكسما من سيتي جروب إن الصين تطرق كافة الأبواب لتأمين الفحم. ويضيف أنها اشترت الفحم في بادئ الأمر من أستراليا وأندونيسيا ثم استوردت مؤخراً من دول بعيدة عنها مثل كولومبيا. احتياجات الهند بيد أن الصين لا تشكل القوة الوحيدة المتسببة في تزايد المطلوب من الفحم. فاحتياجات الهند الضخمة والمتعاظمة من الفحم لا تقل أهمية. إن “الصيند” (يعني الصين والهند معاً) في الواقع تعيد رسم الخريطة الصناعية. ويقول خبراء إن الفحم هو وقود المستقبل لآسيا. كما يتوقع خبراء أن الهند ستسبق كوريا الجنوبية في احتلال مركز ثاني أكبر مشتر للفحم في العالم قبل نهاية هذا العقد. وتأتي زيادة الطلب بالتزامن مع استمرار نيودلهي في زيادة سعة توليد الكهرباء باستخدام وقود الفحم. ووفقا للبنك الدولي فإن 40 في المئة من مساكن الهند لا تزال دون كهرباء. وترى السلطات الهندية في الفحم أداة لتخفيف الفقر عن طريق نشر الكهرباء في كافة أنحاء البلاد. كما أنه من المرجح أن يعمل نمو كوريا الجنوبية وتايوان على دعم سوق الفحم نظراً لتحول هذين المركزين من النفط إلى الفحم. وفي ذات الوقت أشارت فيتنام التي تعد مصدراً متوسط الحجم للفحم إلى احتمال تحولها إلى مستورد له خلال ثلاث إلى خمس سنوات نظراً لأن تسارع بناء المدن والمصانع يزيد الاحتياجات من الفحم. ويقول خبراء إن فيتنام قد تحتاج إلى استيراد 100 مليون طن فحم سنوياً بحلول عام 2020. أما في أوروبا واليابان والولايات المتحدة فيبدو أن وهن سوق الفحم راجع إلى عواقب الركود المؤقتة. غير أن مؤسسات المنافع العامة وشركات الإسمنت ومصانع الصلب تستعد لشراء كميات أكبر من الفحم هذا العام رغم توجه الدول المتقدمة طويل الأجل إلى اجتناب الفحم سعياً إلى تقليص انبعاثات الكربون. وزيادة استهلاك الفحم في دول صاعدة، خصوصاً الصين والهند تثير القلق في شأن البيئة، خصوصاً أن محطات الكهرباء الجديدة المستخدمة للفحم ستستهلك هذه السلعة على مدى الثلاثين إلى الأربعين سنة المقبلة. وقد تتحمل إندونيسيا أعباء تلبية زيادة الطلب نظراً لأنها ثاني أكبر مصدر فحم في العالم وأن مشاكل موانئها أقل حدة من المصاعب التي تعاني منها أستراليا وجنوب أفريقيا. نقص الإمداد ومع ذلك ستظل كافة العوامل التي تشمل نقص الإمداد وزيادة طلب دول أخرى مهمشة بالمقارنة مع تعاظم نمو الصين وأيضاً الهند، ولكن بدرجة أقل. وذكر أحدث تقرير لوكالة الطاقة العالمية أن الصين تتوقع أن تظل المؤثر المهيمن على سوق الفحم العالمية نظراً لتحولها من مصدر إلى مستورد. ولم تكتف الوكالة هذه المرة بالاعتراف بقوة دفع الصين، بل تضيف أن الصين والهند اللتين لم تستهلكا سوى خُمس إنتاج العالم من الفحم عام 1980 المستهلكتين حالياً نحو نصف انتاج العالم منه ينتظر أن تلتهما ثلثيه بحلول عام 2030. ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم في مطلع عام 1994 أصدرت وكالة الطاقة الذرية الدولية إحصائية لم تلق اهتماماً يذكر، ولكن من شأنها بعد سنوات أن تغير أسواق النفط والاقتصاد العالمي. إذ قالت الوكالة آنذاك إن الصين قد أضحت مستورداً للنفط للمرة الأولى منذ عام 1960. وأصبحت التداعيات واضحة مؤخراً حيث تعتبر الصين اليوم نظراً لاحتياجاتها الهائلة إلى الطاقة ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، الأمر الذي ترتب عليه رفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية قاربت 150 دولاراً للبرميل عام 2008. وبكين التي كانت تستورد فقط 30 ألف برميل نفط يوميا عام 1993 (ما يساوي النفط الذي تستورده أيرلندا يوميا) تشتري حالياً 5 ملايين برميل نفط يعادل مجموع إنتاج الكويت وفنزويلا يوميا. ويقول خبراء إن تحول عام 1993 كان مثالاً على “قوة دفع الصين” وعلى ما يحدث حين تتحول أكبر دول العالم سكاناً من مصدر إلى مستورد لسلعة مهمة معينة. وعادة لا يكون التأثير على الأسعار مباشراً، ولكن مع الوقت ومع تعاظم احتياجات الدولة من الواردات تزيد الأسعار زيادة ضخمة. عن “فايننشال تايمز”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©