الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة نقص الطاقة تهدد القطاع الصناعي في مصر

أزمة نقص الطاقة تهدد القطاع الصناعي في مصر
15 مارس 2014 22:42
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ عكست الارتفاعات الكبيرة والمتسارعة في أسعار الإسمنت بالسوق المصرية خلال الأيام الماضية، عمق أزمة نقص الطاقة التي بدأ القطاع الصناعي المصري يواجهها على خلفية تنامي العجز في إمداد المصانع بالغاز الطبيعي، لا سيما في المجالات كثيفة الاستخدام للطاقة. وتمثلت الارتفاعات في قفزة سعرية غير مسبوقة، وصلت بسعر طن الإسمنت إلى 850 جنيهاً خلال أيام معدودة، وبمعدل ارتفاع جاوز 40%، ومرشح لمزيد من الصعود نتيجة اضطرار المصانع للعمل بنصف طاقتها الإنتاجية لانخفاض كميات الغاز التي تتلقاها عبر الشبكة القومية لتوزيع الغاز، بناء على سياسات حكومية تعطي أولوية لتدبير احتياجات محطات توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي على حساب القطاع الصناعي، لضمان عدم حدوث نقص في إمداد الكهرباء المنزلية رغم إجراءات تخفيض الأحمال التي اضطرت وزارة الكهرباء لاتباعها في فصل الشتاء، بما يخفف الضغوط على شبكة توزيع الكهرباء في حدود ألفي ميجاوات يومياً. ورغم وضع الحكومة المصرية الجديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب ملف نقص الطاقة ضمن أولوياتها، ومحاولة البحث عن مخرج، فإن معاناة القطاع الصناعي تزداد، لا سيما بعد أن رفضت وزارة البيئة السماح باستخدام الفحم لتوليد الطاقة في مصانع الإسمنت والسيراميك والحديد والصلب، وغيرها من الصناعات التي تعتمد في إنتاجها بشكل رئيسي على الطاقة. وتتضاءل فرص الاستثمار في توليد الطاقة من المصادر المتجددة، مثل الشمس والرياح والمساقط المائية وغيرها، نظراً للتكلفة المرتفعة لهذه المصادر الجديدة، بما يعني عدم جدواها من الناحية الاقتصادية، إلى جانب عزوف المستثمرين عن الدخول إلى هذا المجال بسبب غياب التشريعات المنظمة لهذه الأنشطة، والكلفة الاستثمارية العالية، وعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية المستقبلية لأوضاع سوق الطاقة في مصر، تسعيراً وإنتاجاً وتوزيعاً، على ضوء الجدل الساخن بشأن اعتزام الحكومة التخلص تدريجياً من دعم الطاقة الذي يعد سبباً رئيسياً في تنامي عجز الموازنة العامة. إمدادات الغاز ويرى خبراء اقتصاديون أن أزمة نقص الطاقة في مصر وصلت إلى مرحلة متقدمة، تستدعي حلولاً سريعة لأن القطاع الصناعي يعاني منذ فترة هذه المشكلة، ولم تعد القضية خاصة بالتسعير - الذي استوعبته المصانع وانعكس على أسعار بيع منتجاتها للمستهلك النهائي- لكن المشكلة أصبحت في الحصول على إمدادات آمنة من الغاز لضمان تشغيل الأفران التي إذا توقفت فإنها تحتاج إلى فترة طويلة لإعادة تشغيلها مثلما هي الحال في مصانع الإسمنت. وكشف الخبراء عن أن أحد أبرز المزايا التنافسية التي كانت تقدمها السوق المصرية للمستثمر الأجنبي في السنوات الماضية هي الطاقة المدعومة رخيصة الثمن رغم بيع المنتجات بالأسعار العالمية في السوق المحلية، وهو ما أدى إلى تكالب الكثير من الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة على دخول السوق وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن وزارة البترول المصرية بدأت إعادة النظر في ملف استيراد الغاز وتحديث بيانات مناقصة الاستيراد التي سبق أن تقدمت لها شركات عدة تابعة لمجموعتي «القلعة» و«أوراسكوم» المصريتين، و«مجموعة الخرافي» الكويتية، وتم تجميدها بلا أسباب معلنة، حيث من المقرر إعادة طرح المناقصة مع بعض التعديلات التي تتعلق بشروط الاستيراد وأسعار البيع وتحديد رسوم نقل الغاز عبر الشبكة القومية، المملوكة للحكومة. ومن المنتظر ربط تراخيص المصانع الجديدة لمستثمري القطاع الخاص بتدبير ذاتي لاحتياجات هذه المصانع من الطاقة، الأمر الذي يزيد معاناة المستثمرين الذين لا يعترضون على الحصول على الطاقة بلا دعم، بالأسعار العالمية، لكن يطالبون بتوفيرها بأي تكلفة، وبالتالي يكون السماح باستيراد الغاز بواسطة القطاع الخاص هو الحل الممكن لتدوير عجلة الاستثمار في ظل وجود طلبات عديدة لإنشاء مصانع للإسمنت والسيراميك والأسمدة والبويات والبلاستيك والبتروكيماويات، وغيرها من الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، إلا أن نقص إمدادات الغاز يقف حائلاً دون إصدار الموافقات النهائية لهذه المصانع الجديدة التي تتجاوز استثماراتها الإجمالية أكثر من 30 مليار جنيه، وكان مخططاً لهذه المصانع دخول دائرة التشغيل خلال العام الجاري 2014 إلا أن مشكلة نقص الطاقة تهدد مستقبل هذه الاستثمارات. الاستثمار الصناعي ويؤكد مدحت إسطافنوس العضو المنتدب لإحدى شركات الإسمنت، أن هناك علاقة وثيقة بين أزمة الطاقة ومستقبل الاستثمار الصناعي في مصر، حيث لا يوجد استثمار، لا سيما في الصناعات التحويلية من دون توافر مصادر آمنة للطاقة، مشيراً إلى أن الحكومات المتعاقبة تأخرت كثيراً في التعامل الجدي مع أزمة نقص الطاقة. وأضاف «الأمر لم يعد ترفاً بل يتطلب خطة متكاملة للمعالجة تضمن حلولاً استراتيجية بعيدة المدى، سواء على صعيد الاستخدام المنزلي أو الاستخدام الصناعي». وقال إسطافنوس إن الدراسات والتقارير كافة تشير إلى تنامي استهلاك البلاد من الطاقة في السنوات القادمة، حيث تقدر بعض الدراسات أن احتياجات مصر من الكهرباء وحدها تصل إلى 40 ألف ميجاوات، بينما المتاح لا يزيد على 28 ألف ميجاوات، وهو ما يعني أنه مطلوب استثمارات بعشرات المليارات من الجنيهات لبناء محطات توليد جديدة تسد هذه الفجوة التي تتنامى مع مرور الوقت بفضل التوسعات العمرانية الهائلة، وبناء أكثر من مليون منزل في المناطق الريفية في السنوات الثلاث الماضية على الأراضي الزراعية التي تستخدم طاقة بطرق مشروعة أو غير مشروعة. وتلعب الإمدادات العربية من الإمارات والسعودية والكويت دوراً ملموساً في التخفيف من حدة أزمة نقص الطاقة في مصر. فرص استثمارية بدوره، أكد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية، أن أهم ما يبادر به المستثمر الأجنبي عند طرح فرص استثمارية في السوق المصرية هو السؤال عن مدى توافر الطاقة، موضحاً أنه لا يمكن النجاح في جذب استثمارات أجنبية قوية في السنوات المقبلة من دون التصدي لمشكلة نقص الطاقة. وقال «يجب تشجيع المبادرات الخاصة بالدخول في مجالات توليد الطاقة من المصادر المتجددة، وتقديم محفزات لهذه المبادرات حتى تخرج إلى النور، إلى جانب الإسراع بتنفيذ المحطة النووية لتوليد الكهرباء بمنطقة الضبعة، خاصة أنها تحتاج إلى سنوات عدة قبل دخول الخدمة، إلى جانب تطبيق الحلول التكنولوجية في مجالات ترشيد استخدام الطاقة، لا سيما في المنازل عبر تقييم نظم المباني الذكية وصديقة البيئة ومنخفضة الاستهلاك للطاقة، خاصة في المناطق العمرانية الجديدة التي تعد ملائمة لتطبيق هذه التكنولوجيا المتاحة الآن في مصر وغير المكلفة، وذلك في إطار استراتيجية شاملة للتعامل مع أزمة نقص الطاقة وتأثيرها على مختلف مناحي الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©