الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوار البستكية يتنفسون عبق التاريخ المنبعث من أرجاء الحي

زوار البستكية يتنفسون عبق التاريخ المنبعث من أرجاء الحي
23 ابريل 2010 20:20
منطقة البستكية إحدى أهم المناطق التراثية والسياحية في إمارة دبي، وتتميز بطراز عمراني خاص يجعل منها النسق البنائي الفريد من نوعه، وذلك من خلال مبانيها المتراصة وأبراجها الشاهقة وأزقتها الضيقة التي تشير إلى مرحلة هامة في تاريخ العمارة والتطور المدني والحضري للمدينة. و البستكية تقع في الشرق من مدينة دبي في منطقة بر دبي، وتمتد بمحاذاة الخور لمسافة نحو ثلاثمائة متر، وعمقها باتجاه الجنوب نحو مائتي متر. ويعود تاريخ إنشاء منطقة البستكية إلى عام 1890م ، وتنتشر فيها البيوت التقليدية القديمة المبنية من الصخور البحرية والجص، وتتميز هذه البيوت بالأبراج الهوائية والأحواش والطرقات الضيقة بين البيوت والتي تساعد في زيادة سرعة الرياح، بما يؤدي إلى التخفيف من وطأة حرارة الجو خاصة في فصل الصيف. وقد أعيد ترميم هذه المنطقة من نفس المواد التى سبق وأن أقيمت بها مع نهايات القرن قبل الماضي، وهو ما حافظ على طابعها الأصيل، وذلك باستخدام الخامات الأولية التي كانت متوافرة في البيئة المحلية آنذاك كالحجر المرجاني والصدفي، وكذلك الأحجار الرقيقة والأخشاب، بالإضافة إلى الجص. وإعادة بناء هذه المنطقة التاريخية دفع الحياة والنشاط مجدداً إلى تلك المباني، حيث تم توظيف هذه المباني لتمارس فيها مختلف الأنشطة، فقد استخدم بعضها كاستوديوهات لتصوير برامج تليفزيونية، وتم تحويل بعض الأبنية إلى مكاتب حكومية وشبه حكومية، إضافة إلى العديد من الخدمات التي تقدم للسائحين القادمين من أصقاع الأرض، أو من المقيمين على أرض دولة الأمارات، ممن يتلمسون فسحة من الوقت تسمح لهم بتنفس عبق التاريخ المنبعث من أرجاء البستكية، خاصة وأن المنطقة تشتمل على وسائل جذب سياحي كثيرة توفر للزائر لها كل احتياجاته، فيقضى أوقاتاً ممتعة في أحضان التاريخ، وذلك من خلال المطعم والفندق اللذان تم تصميمهما على الطراز التراثي، إلى جانب الأسواق الشعبية والمقاهي، فأصبح المكان وجهة سياحية مهمة لكل زائر. أما عن أصل أسم منطقة البستكية، فيرجع إلى بلدة «بستك» الإيرانية التي انطلق منها عدد كبير من أوائل التجار المهاجرين إلى دبي في بدايات القرن التاسع عشر، واستقروا هناك ومن ثم أخذت المنطقة أسم بلدتهم التي جاءوا منها. وقد تأثر النسق العمراني فى البستكية، بعوامل عديدة ساهمت في تكوين هيكلها الخارجي ومن ذلك. 1- المفردات والعناصر الجمالية للحضارات المعمارية المجاورة، مثل المباني المنتشرة في جنوب إيران وعمارات جنوب شرق آسيا والهند، من خلال اقتباس عناصر معمارية من تلك الحضارات وما تحمله من نسب وقياسات. 2- التأثر بالقيم والعادات والتقاليد الموروثة والمكتسبة في المجتمع والتي ارتبطت بمفهوم وفلسفة الدين الإسلامي عن الجمال والفن معتمدة على مبدأ التجريد. 3- كما يعكس تصميم المسكن مفهوم المعالجات التشكيلية في العمارة التقليدية حيث استخدام الأشكال شبه المنتظمة التي تغلب فيها نسبة الفراغات الداخلية المكشوفة على المساحات المغطاة تحقيقاً لإمكانات التوسع الأفقي إلى جانب تحقيق المعالجة البيئية. وقد روعي في التصميم إلى حد كبير مبدأ الخصوصية والتحديد للمجال العام والخاص بالبيت من خلال تحديد مدى الرؤية البصرية وطبيعة تصميم عناصره. وهذا ما نجده من خلال تصميم المدخل الذي يتميز بانكساره من خلال حاجز عرضي عند المدخل يمنع الزائر من رؤية الفناء الداخلي للمنزل الذي هو أهم عنصر في المبنى ويشكل القسم المنفتح على السماء مباشرة، وعليه تطل الأبواب والنوافذ في طابقين، ولا يدخله تيار خارجي، إذ يصله بالباب الخارجي المطل على الشارع ممر متعرج. ومن ضمن المزايا الكثيرة التي تنفرد بها مباني البستكية نجد أن الهواء في منازلها لا يتسرب إلى داخل الفِناء، وكذلك الرياح والدخان والغبار، ولقد أثبتت التجارب أن حركة الهواء العلوية تبقى محوّمة فوق الفناء لا تتمكن من اختراقه إلا إذا كان الباب الخارجي مفتوحاً! وهذا يعنى أن الهواء العلوي سواء كان حاراً أو بارداً، نظيفاً أو ملوثاً، فإنه لا يؤثر على حرارة جو الفناء وعلى نقاوته. كما روعي في غرف المسكن أن يكون مستوى الأرض فيها أعلى من مستوى أرض الفناء أو الصحن، والسبب أن الهواء البارد أثقل من الهواء الدافئ، ويبقى مستقراً في قعر الفِناء تصده عن دخول الغرف عتبات عالية في أسفل الأبواب. ونجد أن الغرف تصنف إلى غرف علوية صيفية لها عدة منافذ متعددة، فالغرفة تضم ست نوافذ بالإضافة إلى عدة أبواب بغية التهوية أما في الدور الأرضي فتستخدم الغرف أثناء الشتاء، وما يميز المباني التقليدية وجود الإيوان وهو الجزء الرابط بين الفراغات والفناء الواسع وعادة يستخدم المكان لجلوس الزوار من الأقارب، ولا تخلو التصميمات القديمة من وجود المجالس التي تعد من العناصر الرئيسة في المنزل. ونجد أيضاً الخدمات العامة والمتمثلة في المطبخ والمخزن. كما أن البيت يضم بعض العناصر الجمالية التي زينت بها واجهات الغرف المتمثلة في الفتحات والتجاويف والزخارف التي تتسم بالنمط التكراري أو الشريطي.. أما البرجيل فيظل عنصراً وظيفياً مهماً كلاقط للهواء، ويبرز جمالية الفن المعماري للمباني القديمة في الحي.
المصدر: دبى
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©