الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوالف صيف...

14 يوليو 2009 00:47
للنساء طرقهن وأساليبهن الخاصة في تخليص أمورهن وتسيير شؤونهن أحياناً، منها الفطري، ومنها المكتسب، أو الجيني المتوارث! وجدت أنَّ هناك بعضاً من الأمور تتفوق فيها النساء على الرجال، ومنها مهارة وفن «المْكاسر»، أو التفاوض على سعر سلعة معينّة مع الباعة. في سويسرا، وأثناء تجوالنا بين مدنها الجميلة، توقفنا صدفة عند بازار، عادةً ما يقام في عطلة نهاية الأسبوع، كان في إحدى حدائقها العامة المواجهة للبحيرات. كان في معيتنا بعض من النساء، اللاتي لهن حسبتهن، وتقديرهن، وتقييمهن الخاص للبضائع. البازار كان فقيراً، وكان مفاجأة لنا، إذ صُعقنا بما هو معروض على بعض «بسْطات» العارضين، كانت المعروضات عبارة عن «سْكراب»، أو مخْلفات لحروب غابرة، أو بقايا بيوت قد رُدمت على رؤوس ساكنيها! ولكنك ربما تلمح شيئاً يستحق التفحص والتقليب، ويلفت الانتباه، في بسْطة هنا أو هناك، فتقع عيناك مثلاً، على قطعة ثمينة نادرة، وجدت طريقها مصادفة إلى هذا البازار الفقير، يغريك بالنضال لأجلها حتى آخر رمق! ليلمع لحظتها كومضة البرق، مخزن بيتك الذي أشبه بصندوق الحاوي، الذي فيه من السْكراب والكراكيب ما يدعوك إلى التحسّر عليها، واسترجاع قيمتها أمام ما رأيت، وقتها تتيقن بأنّ «لكل بضاعة سوق ومشترٍ»، ولولا شماتة «إخوان شمْا»، لنصبت بسْطتك أنت الآخر، التي تنافس بسْطة هذا السويسري «الجلف» بآلاف المرات! ما علينا، وقعت عينا إحداهن على قطعة لماري إنطوانيت، عبارة عن صندوق صغير لحفظ المجوهرات، كان قفله مكسوراً، هنا بدأت «الحرمة» تحوص، وتحوم حول البسْطة، تريد أن تظفر بهذا الصيد الثمين ولكن بسعرها هي، كان أنف السويسري ما ينقصْ بسيف، ولا تقف عليه ريشة، عاقد الحاجبين، لم تستسلم لعجرفته، ودخلت معه في جولات من المفاوضات، ومحاولات من الكرّ والفرّ، لإقناعه وثنيه عن سعره المبالغ فيه، لكن بلا جدوى، استخدمت كل أسلحتها وحّيلها المجربة معه، إلا أنها باءت جميعها بالفشل، بعد تأكده من أنّ القطعة وقعت في نفسها، وأثناء انصرافنا من أمام بسْطته، وعلى بُعد متر واحد فقط، تناهى إلى مسامعنا، همهمات بلهجة تعرفها جيداً، فعادت أدراجها مُسرعة وسألته: «أنت عربي؟!»، فأجابها «أيّوه»! فردّت عليه بغضب: «ولُوَا يلوْي بوزك إن شا الله! نشفّت ريجي من الصبح، ولا قلت حرمة بكبر أمي براعيها شوي، وبعْطيها الصندوق دامنْه في خاطرها، يكفي إنّ قفله مكسور، هو هذا قدر العربي عند أخيه العربي؟!» فأجابها متهكماً بلهجة مغاربية خالصة: «تريدي نعطوك الصندوق بخساره، ونقعدو إندوروا نشْحت إهنايا، هْاكاّ يرضوا العرب؟!!» فاطمة اللامي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©