الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بولتون و«مجاهدو خلق».. وحدود تغيير النظام الإيراني

27 مارس 2018 22:04
أدى تعيين الرئيس دونالد ترامب لجون بولتون، مستشاراً جديداً للأمن القومي، إلى إثارة ضجة بين خبراء السياسة الخارجية الأميركية. سبب الضجة يرجع إلى أن الرجل معروف بآرائه التي تعكس قدراً كبيراً من التشكيك في المؤسسات الدولية (بما في ذلك الأمم المتحدة، حيث عمل سفيراً للولايات المتحدة في إدارة جورج دبليو بوش)؛ وأنه دعا إلى توجيه ضربة استباقية ضد كوريا الشمالية، واقترح مراراً وتكراراً «تغيير النظام» - وهو ما يعني الحرب- في طهران. وبما أن القضية الأخيرة، هي واحدة من أكثر القضايا التي تواجه إدارة ترامب من حيث التعقيد، فإنها تستحق منا أن نلقي عليها نظرة عن كثب. تعكس وجهات نظر بولتون المتشددة حول إيران، آراء إسرائيل، بالإضافة إلى أحد شركائه الأيديولوجيين الرئيسيين، وهي منظمة «مجاهدي خلق». و«مجاهدو خلق» الحالية تحمل شبهاً ضئيلاً، بمجاهدي خلق السابقة عندما كانت قوة معارضة شديدة التنظيم، وقوية النفوذ في إيران، سعت لإطاحة الشاه خلال ثورة 1979. في البداية تعاونت المنظمة مع الحكومة الدينية الجديدة، بل انضم العديد من أبناء كبار مسؤوليها إلى صفوفها. عندما أصبح من الواضح، أن «مجاهدي خلق» لم تعد قادرة على التعايش مع نظام الجمهورية الإسلامية، انسحب بعض أعضائها منها، وسُجن آخرون. وبعد خروجهم من السجن، تبرأ بعضهم من المنظمة وعادوا إلى صفوف المجتمع، ومن لم يفعل ذلك جرى إعدامه. أما هؤلاء الذين نجحوا في الإفلات من قبضة السلطات، فقد فروا إلى العراق، حيث وفر لهم صدام حسين- الذي كان قد غزا إيران في عام 1980- المأوى والملاذ. وحمل الكثيرون من أعضاء المنظمة في العراق السلاح، وحاربوا مواطنيهم الإيرانيين، الذين أطلقوا عليهم اسماً غير رسمي هو «المنافقين». وهذه التسمية ما زالت ملتصقة بالمنظمة، ومعظم الإيرانيين داخل البلاد، بغض النظر عن ميولهم السياسية، يستخدمونها في الإشارة للمنظمة، التي يكرهها معظمهم بسبب الخيانة التي ارتكبتها عندما قاتلت إلى جانب العراقيين، ضدهم. لكن النشاطات التي مارستها المنظمة في العقود التي تلت ذلك، هي التي عززت سمعتها كطائفة مرتبكة. لعقود كان مركز القيادة التابع للمنظمة في محافظة ديالى العراقية، حيث كان يعيش أكثر من 3000 فرد من أعضائها في الأسر. وقال عدد قليل من الذين تمكّن من الفرار منهم، إنهم قد فصلوا عن عائلاتهم، وأجبروا على زيجات مدبرة، وتعرضوا لعمليات غسيل مخ، واعتداءات جنسية، وتعذيب. وقد جرى تنفيذ كل هذا تحت إشراف قائدي المنظمة مسعود ومريم رجوي، الزوج والزوجة، اللذين يحتلان قمة هرمها. ومسعود رجوي مفقود منذ الغزو الأميركي عام 2003، ويفترض أنه قد مات؛ أما مريم، فهي التي ما زالت تدير شؤون المنظمة، وتجري لقاءات علنيةً منتظمةً مع أصدقائها الأقوياء في الغرب - مثل بولتون. ومع أن «مجاهدي خلق» ظلت لفترة طويلة على قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية، لأنها قتلت مواطنين أميركيين؛ فإن بولتون وآخرين نجحوا في الضغط بنجاح من أجل إلغاء هذا التصنيف في عام 2012؛ وإن لم يكن لذلك تأثير كبير في تغيير الطريقة التي ينظر بها الإيرانيون العاديون إليها. في السنوات السبع التي أمضيتها في إيران، كان العديد من الناس يعربون عن انتقاداتهم للمؤسسة الحاكمة- وهو ما كان يمكن أن يشكل خطراً سياسياً كبيراً عليهم. كان البعض من هؤلاء يأمل في تغيير النظام بالقوة العسكرية، وكان آخرون يحلمون بعودة النظام الشاهنشاي، في حين كان يرغب كثيرون في الانتقال السلمي إلى بديل علماني لحكم الملالي. ولكنني وطيلة السنوات التي قضيتها هناك، لم ألتق شخصاً واحداً كان يرى أن منظمة مجاهدي خلق، يمكن أن تقدم بديلاً قابلاً للتطبيق عن النظام الديني القائم. وقد فشلت جهود عديدة في عرقلة الاتفاق النووي مع إيران. وعلى الرغم من القائمة الطويلة من الأفعال الشنيعة التي لا تزال ترتكبها طهران، فإن أكبر تهديد كانت إيران تشكله على الأمن الدولي – وهو تهديد اتفق حلفاء أميركا وقوى عالمية أخرى على ضرورة مواجهته- قد جرى تحييده بالفعل. ومن يرون أن هذا الاتفاق لا يجري الالتزام به، يرون أن تغيير النظام في طهران، يبقى هو الحل الوحيد. وبالنسبة إلى «مجاهدي خلق، وبولتون، إذا ما أُخذت كلماته حسب ظاهرها، فإن الطريق الوحيد لتغيير النظام في طهران يمكن أن يكون هو الحرب. و«مجاهدو خلق» ظلت لفترة طويلة على استعداد للقيام بكل ما يتطلبه هذا الأمر، بما في تقديم معلومات استخبارية زائفة، عن برنامج إيران النووي. من ضمن الفوائد التي خرجنا بها من خلال مفاوضاتنا المطولة مع إيران، أنه قد بات لدينا الآن المزيد من المعرفة حول الجمهورية الإسلامية والسكان الذين تحكمهم؛ وهو ترف لم نكن نتمتع به عام 2003، عندما كانت شخصيات من المنفى مثل أحمد الجلبي، قادرة على إقناع إدارة بوش بأنهم يمكن أن يساعدوها على تحويل العراق إلى ديمقراطية مزدهرة. نحن نعلم عن إيران الآن ما يكفي من معلومات، وهو ما يجعلنا نؤمن بأننا لا نستطيع خداع أنفسنا، إلى درجة تصديق أن منظمة «مجاهدي خلق» يمكن أن توفر بديلاً صالحاً للنظام الحالي. فهذه المنظمة هي، في نهاية المطاف، جماعة من جماعات الهامش، التي يمكن أن تقيم مخيماً عبر الشارع مقابل البيت الأبيض، وتوزيع منشورات. وهذه هي أميركا – التي تسمح للمعارضين بالحديث كما يشاؤون. هذا حقهم، ولن أقترح أبداً منعهم من القيام بذلك، لكن إعطاء منظمة مجاهدي خلق صوتاً في البيت الأبيض فكرة غريبة في الحقيقة. ولكن في شخص مثل جون بولتون، يمكن أن يصبح لديها، من يمكن أن يحقق لهم ذلك. *صحفي أميركي من أصول إيرانية عمل مديراً لمكتب واشنطن بوست في طهران من 2012- 2016 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©