السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يا مصر... من يصنع الأحزان؟

20 ابريل 2017 01:22
لم تكن لحظات التفجير الفاجعة لكنائس إخواننا الأقباط سوى غابة شوك ينزف تحتها جرح القلب، ولم يخطر ببال ضابط الأمن المسلمة التي تقف على باب الكنيسة لتحمي شركاء الوطن، أنها ستكون أولى ضحايا الإرهاب الأسود، ودعت معها مصر نحو 50 شهيداً في الأسبوع الماضي، وفي رجفة الأحزان تحار العقول في معرفة من يصنعون القنبلة التي تحمل الدمار إلى أجواء السعادة والاحتفال، وتتساءل بأي ذنب سالت دماء أبرياء من أوراق الزهور الوارفة التي زيّنت (كنيسة مارجرجس) بمدينة طنطا والكنيسة (المرقسية) في الإسكندرية؟ لم تكن تلك محنة أولى بأرض الكنانة التي تزدحم بها غرف القلب بأصوات من رحلوا، لكن ربما تكون الأخيرة إذا أظلتنا قيم المواطنة الإيجابية التي تعد صمام أمان للمجتمع، والانتماء الذي يجمع بين أفراده في نسيج واحد. بالمواطنة الإيجابية والانتماء ستعود أمّ الدنيا إلى جمالها البريء، عصيّة على الفُرقة، متعمقة في التسامح، فتية على قلب رجلٍ واحد، ينطق أهلها: «كلنا شركاء ورجال أمن وحماة الوطن، لا تُنسينا التحديات أننا جزء من الحل، ننتقل من بؤرة السلبية والانسحابية إلى المشاركة والتعاون والتفاؤل». بالمواطنة الإيجابية والانتماء ستشيّد مصر أهرامات نهضة جديدة بسواعد من ماء وشجر لا تغادرها الحكمة في المجالات الفكرية والثقافية والعلمية والسياسية والدينية والاقتصادية، مثل عقول العقاد، والسنهوري، والغزالي، والشعراوي، ونجيب محفوظ، وزويل، ممن ولدوا ومن لم يولدوا بعد. بالمواطنة الإيجابية والانتماء يتجلى الفكر الوسطيّ ورسالة الإسلام السمحة للعالمين كافة، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107] ليس فقط لعرقٍ أو دمٍ أو أصحاب ديانة بعينها، وأنّ «الإسلام وما جاء به عيسى عليه السلام خرج من مشكاة واحدة»، كما قال النجاشي للصحابة الفارّين من بطش قريش في الهجرة الأولى. بالمواطنة الإيجابية والانتماء يمكن لمصر أن تستثمر في مواهبها المؤسسية وكفاءاتها الوطنية، وأن تحقق رؤيتها التنموية 2030، لتحصد عوائد لا حصر لها من عبقرية الإنسان والمكان، وليرسم شركاء الوطن حروف جدارية «مصر» الثلاثة: ميم (المكانة) وصاد (الصدارة) وراء (الريادة).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©