الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رؤى تحولت إلى حقائق مذهلة

رؤى تحولت إلى حقائق مذهلة
18 يناير 2009 01:19
التنبؤ بما يحمله التطور العلمي في المستقبل من ابتكارات واكتشافات وأدوات جديدة، فنّ معقد لا يجيده إلا القليلون· وهو يعتمد على ثقافة علمية واسعة وإحاطة شاملة بسرعة التطور العلمي في الماضي والحاضر واستنتاج الأحداث التطورية المقبلة· ولهذا الفنّ فوائده الكثيرة، إذ كثيراً ما أوحى المتنبئون بالأجهزة التي يتوقعون اختراعها في المستقبل إلى الوكالات ومراكز البحوث بالسعي لإخراجها إلى حيّز الوجود وبمواصفات أقرب ما تكون إلى تلك التي سبق لهم رسم خطوطها ووصف تركيبها ووظائفها· ومن أمثلة ذلك أن المتنبىء العلمي الشهير آرثر كلارك كان أول من تنبأ بابتداع أنظمة الأقمار الاصطناعية وعربات الفضاء والمكوكات الفضائية قبل أن يفكر أحد ببنائها على الإطلاق؛ وتمكن من وضع الحسابات المتعلقة بالارتفاع الذي يجب أن يوضع عليه القمر الاصطناعي عن الأرض حتى يدور حولها بسرعة مساوية لسرعة دورانها حول نفسها ويبلغ 35600 كيلومتر· وفي هذه الحالة المحددة التي وصفها بكل دقة، يبقى القمر ثابت الموقع بالنسبة لمكان معين من سطح الأرض، وهو شرط ضروري لعمل الأقمار المتخصصة بنقل البث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات اللاسلكية وتحديد المواقع والملاحة على سطح الأرض· كلارك صاحب ''ملحمة الفضاء'' ولد العالم والمتنبىء العلمي البريطاني السير آرثر تشارلز كلارك في 16 ديسمبر من عام 1917 وتوفي في 19 مارس من عام 2008؛ واشتهر خلال مسيرته الحياتية الطويلة بإنتاجه الغزير في ميدان قصص أدب الخيال العلمي؛ وكان أيضاً مخترعاً ومتنبئاً علمياً بارعاً· ومن أشهر أعماله القصصية ''ملحمة الفضاء'' التي ألّفها بطلب من المخرج السينيمائي الأميركي الشهير ستانلي كوبريك عام 2001 والذي أخرجها في فيلم شهير شاهده مئات الملايين عبر العالم· وعمل كلارك أيضاً كمضيف ومعلق في السلسلة التلفزيونية الشهيرة التي بثّها التلفزيون البريطاني في سنوات الثمانينات من القرن العشرين تحت عنوان ''العالم الغامض''· وقد يكمن سرّ تفوق كلارك في مجال الخيال العلمي في تخصصه العملي والجامعي، حيث خدم في سلاح الجو الملكي البريطاني خبيراً في تطوير وتركيب الرادارات بين عامي 1941 و·1946 وفي عام 1945 كان أول إنسان يقترح إطلاق محطات لاستقبال وإرسال الاتصالات اللاسلكية إلى مدار حول الأرض؛ وهو أول من أطلق على هذه المحطات اسم ''الأقمار الاصطناعية''· وفي عام 1963 وبعد أن بدأ السباق لإطلاق الأقمار الاصطناعية بين روسيا وأميركا، فاز كلارك نظير اقتراحه الناجح بالميدالية الذهبية التي يمنحها معهد ستيوارت بالانتين في لندن، وفي عام 1994 فاز بجائزة نوبل للسلام؛ وكان قد شغل منصب رئيس الجمعية البريطانية للكواكب بين عامي 1947 و·1950 وفي عام 1961 فاز بجائزة كالينجا التي تمنحها اليونيسكو نظير عمله الناجح في تبسيط الطروحات والاكتشافات العلمية وتحويلها إلى مادة ثقافية يمكن لمختلف الشرائح الثقافية تداولها وفهمها· وهاجر كلارك عام 1956 إلى سريلانكا حتى يتمكن من ممارسة هواية الغوص في أعماق البحار المليىء بالشعاب المرجانية وبقي هناك حتى توفي عام ·2008 وخلال حياته الطويلة كتب عشرات الروايات والقصص في أدب الخيال العلمي، وكانت أولى الروايات التي حقق فيها شهرته تحت عنوان ''فرقة الإنقاذ'' ونشرت في شهر أبريل من عام ·1946 وبسبب الشهرة الكبيرة التي حققتها هذه الرواية، قرر الانصراف التام للكتابة في هذا الميدان الذي كان يلقى اهتماماً كبيراً من القراء· وكانت أشهر إنجازاته في أدب الخيال العلمي قد تجسدت في سلسلة طويلة نشرت ابتداء من عام 1958 في مجلات وصحف شهيرة وكلها تتعلق بموضوع التنبؤ بمستقبل التطورات التي ينتظر أن تطرأ في ميادين العلم والاختراع·وكتب للغالبية العظمى من نبوءاته أن تتحقق بالفعل إن لم يكن هو ذاته الذي أوحى بتحقيق معظمها· وفي عام 1975 أقرّت وزارة التربية السيريلانكية قصته القصيرة ''النجم'' ضمن منهاج مادة الأدب الإنجليزي للمراحل الثانوية كدليل على ما تحفل به من عناصر التحفيز لمخيلات التلاميذ على الاكتشاف والابتكار· ولم يتوقف كلارك أبداً عن الارتقاء في سلم الشهرة، ففي عقد الثمانينات اخترق برنامجه التلفزيوني العلمي الذي يحمل عنوان ''العالم الغامض لآرثور كلارك'' الآفاق وأصبح حديث الناس· وفي عام ،1986 فاز بلقب ''الأستاذ الأكبر في أدب الخيال العلمي'' الذي يمنح في أميركا· وفي عام 1988 بدأت تظهر على جسمه بوادر الإصابة بنوع متأخر من الشلل جعله لا يقوى على الحركة إلا على كرسي· وفي عيد ميلاد الملكة عام ،1989 فاز كلارك بلقب ''فارس'' نظير عمله في نشر الثقافة الإنجليزيبة في سريلانكا· ومات كلارك عام 2008 بسبب معاناته من ضيق في التنفس بعد أن وضع أسس وقواعد التنبؤ العلمي تاركاً وراءه إرثاً غنياً من قصص وروايات أدب الخيال العلمي· ميشيو كاكو ·· رؤية للعالم حتى عام 2100 ميشيو كاكو عالم أميركي من أصل ياباني متخصص في علوم الفيزياء النظرية وصاحب فكرة توحيد النظريات كلها في نظرية واحدة أطلق عليها اســــــــــــم (نظرية كل شيء) The Theory of Every Thing وأدرجت فيما بعد تحت اسم ''النظريات الموحــــــــدة العظمى'' Grand Unified Theories، وهو أيضاً صاحب نظرية الخيوط الكونية التي تفيد بأن المجرّات والعناقيد النجمية تترتب في الكون على شكل خيوط متلاقية· ولد كاكو يوم 24 يناير من عام 1947 في مدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا، ووضع عدة كتب في مجال اختصاصه قبل أن يضع كتابه الشهير ''رؤى'' الذي يستشرف فيه مستقبل التطور العلمي من الآن وحتى عام ،2100 والذي أصبح الكتاب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة والبلدان الناطقة بالإنجليزية منذ نشر نسخته الأولى عام ·1998 ولكاكو أيضاً مجموعة من الكتب العلمية الرصينة من أشهرها: ؟؟ ''فيزياء المستحيل'' شرح فيه مفهوم السفر عبر الزمن· ؟؟ ''العوالم المتوازية'' تناول فيه المستقبل الفلكي للكون· ؟؟ ''رؤى'' وضع فيه تنبؤاته حول مستقبل العلم حتى عام ·2100 ؟؟ ''ما بعد آينشتاين'' تناول فيه بالشرح والتحليل النظريات المتعلقة بنشأة وتطور الكون بمشاركة الكاتبة العلمية جينيفر ثومبسون· ؟؟ ''كون آينشتاين'' عرض فيه لإنجازات ألبرت آينشتاين في تطوير الإدراك البشري لمفهوم العلاقة بين الفضاء والزمن· ؟؟ ''مقدمة لنظرية المجال الكمومي'' وهو كتاب متخصص يتناول أسس ومفاهيم نظرية الكم· ولا شك أن كتاب ''رؤى'' هو الذي جعل من ميشيو كاكو واحداً من أشهر المتنبئين بمستقبل العلم في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين· يقول كاكو في مقدمة كتابه المذكور: ''قبل ثلاثة قرون، كان الجهل المطبق سيّد الموقف في العالم أجمع· ومنذ مطلع القرن التاسع عشر حلّ عصر الاكتشافات العلمي، وساهمت قفزات مذهلة من التقدم في مجالات العلوم والطب من انتشال ملايين الناس من ربقة الفقر والجهل والمرض وفتحت عيونهم على عوالم جديدة· ومع حلول نهاية القرن العشرين، بلغ العلم نهاية عصر الاكتشاف ليبدأ عصر استغلال تلك الاكتشافات ووضعها في خدمة البشر· وإن لمن الواضح أننا نقف الآن على أعتاب ثورة أخرى بعد أن أصبح الرصيد المعرفي البشري يتضاعف بسرعة عجيبة بعد ابتداع الإنترنت''· ويضع كاكو في كتابه الشرط الأساسي للتنبؤ العلمي الناجح حين يشير إلى أنه يعتمد على المعرفة العلمية وليس على الضرب في الغيب مثلما يحدث في عالم التنبؤات الاجتماعية· ويضرب عن ذلك العديد من الأمثلة؛ ففي النصف الأول من القرن العشرين، كان علماء البيولوجيا متأثرين بقوّة بـ''نظرية القوة الحيوية'' التي تفيد بوجود قوة غامضة تنعش الأحياء وتمنع موتهم· وسرعان ما وجدت هذه النظرية من يتحدّاها حين تجرأ العالم الفذّ شرودينجير في كتاب نشره عام 1944 تحت عنوان ''ما الحياة؟'' على تنبيه العلماء إلى أن من الممكن فهم سرّ الحياة عن طريق الشفرة الوراثية المسجلة على مورثات الخلايا الحية· ويقول كاكو إن هذه الفكرة التنبؤية الجريئة توحي بإمكان فهم سرّ الحياة بالاستعانة بعلم المورّثات؛ وهذا ما يعمل فيه بضعة ألوف العلماء في مراكز البحوث المتخصصة· روبوتات بأحاسيس بشريــــــــة قبل عام 2050 يقول كاكو إن النجاحات العلمية التي ستكون قد تحققت حتى عام 2020 سوف تسمح ببناء روبوتات تملك الأحاسيس المعروفة عند البشر الطبيعيين، ويمكنها فهم اللغات البشرية وترجمتها إلى بعضها البعض، وسيكون في وسعها إدراك الأشياء وتمييزها عن بعضها البعض، وقد تكتسب مَلَكة التعلم من أخطائها· ولا شك بأن هذه التطورات الكبرى سوف تغير تماماً أساليب التعامل والتواصل بين البشر والآلات· وفي ذلك العصر الاكتشافي المميز سوف يتعامل البشر مع أشكال جديدة تماماً من التكنولوجيات المذهلة مثل الموصلا ذات الناقلية الفائقة للتيار الكهربائي، والأجيال الجديدة من أشعة الليزر التي ستستخدم في تقطيع المعادن وإجراء العمليات الجراحية وكأسلحة مدمرة في الحروب، وسوف يكون تفاعل اندماج نظائر الهيدروجين في المفاعلات النووية قد أصبح المصدر الرئيسي للطاقة المستدامة والنظيفة التي تكفي العالم أجمع· وفي ذلك الوقت أيضاً، سوف تكون التكنولوجيا النانوية قد تطورت إلى الحدود التي ستجعل جحافل الآلات المصغرة تغزو المجتمعات بأعداد هائلة وهي تقوم بملايين الوظائف المهمة من دون أن يتمكن أحد من رؤيتها· وليست هذه إلا أمثلة قليلة من مئات التنبؤات التي يسوقها كاكو؛ وهي تفتح من دون شك عهداً جديداً في علم التنبؤ بمستقبل العلم، وقد لا يكون من الحكمة إهمال التمعن بها بالنسبة لكل من يهمّه فهم المصير الذي ستؤول إليه الحضارة البشرية في المستقبل· تنبؤات حتى عام 2020 توقع ميشيو كاكو أن يشهد العالم في الفترة الممتدة من الآن وحتى عام 2020 انفجاراً حقيقياً في النشاط العلمي لم يسبق له مثيل عبر التاريخ· وسوف يشهد العالم خلال هذه الفترة طفرة تطورية كبرى في تطور الكومبيوتر وتحليل الشفرة الوراثية البشرية· وتوقع أن تنشأ صناعات بأكملها على أساس هذه التطورات العلمية· ومنذ عقد الخمسينيات وحتى الآن تطورت قوة الكومبيوتر بأكثر من عشرة ملايين مرة، وبهذا يمكن تقدير قوته خلال السنوات المتبقية حتى حلول عام 2020 · وفي ذلك الوقت سوف تكون الرقائق الحاسوبية السيليكونية قد بلغت الحجم الذي لا يمكن تصغيره بعد ذلك، حيث سيبدأ عصر الكمبيوتر الجزيئي ويأفل عصر السيليكون· وفي عام ،2020 سوف يكون الكمبيوتر قد أصبح قوياً إلى الحد الذي يمكنه أن يؤتمت المفاهيم المكتشفة حول ترتيب جدائل المورثات في قلب الخلية من أجل اكتشاف الشفرة الوراثية الكاملة للبشر· وفي تلك الحالة سوف يتم التحكم بالسرطان والكثير من الأمراض الوراثية الأخرى· مور واضع قانون تطور الأجهزة الرقمية بعد الأعمال الفذة التي أنجزها آرثر كلارك ظهر بعض المتنبئين العلميين القلائل كان من أشهرهم الأميركي جوردون مور صاحب القانون التنبؤي الناجح والشهير الذي يحمل اسمه· ولد مور في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا يوم 3 يناير من عام 1929 ولا يزال حياً يرزق، ويبلغ الآن 80 عاماً من عمره· ولمور سيرة حياة عامرة بالعطاء العلمي والتكنولوجي؛ وهو مؤسس شركة ''إنتيل'' المتخصصة بصناعة الرقائق الحاسوبية ورئيسها الفخري· وفي 19 أبريل من عام 1965 نشر مقالاً مهماً في مجلة ''إلكترونيكس ماجازين'' ضمّنه قانونه الشهير الذي يشير إلى أن قوة الرقاقات الحاسوبية تتضاعف كل 18 شهراً· وهو القانون الدقيق الذي مهّد السبيل لتصور التطورات المقبلة في صناعة الكومبيوتر، وأصبح مرجعاً تهتدي به شركات صناعة الكومبيوتر والبرامج التطبيقية الحاسوبية لوضع مشاريعها وخطط عملها· يحمل مور شهادة دكتوراه الفلسفة في الفيزياء والكيمياء من معهد كاليفورنيا التكنولوجي منذ عام ·1954 وعمل في مختبر شوكلي لأنصاف الموصلات التابع للمعهد· وفي عام 1968 أسس شركة ''إنتيل'' وتقلّد فيها منصب نائب المدير العام التنفيذي؛ وما لبث أن أصبح مديرها العام ورئيس مجلس إدارتها· وفي عام 2001 تبرع مور وزوجته بمبلغ 600 مليون دولار لدعم أقسام البحوث في معهد كاليفورنيا التكنولوجي وخاصة في أقسام الدراسات العليا وقال بهذه المناسبة إنه يتمنى أن يرى معهد كاليفورنيا التكنولوجي وهو يحتل موقعه كأفضل مكان لتطوير البحوث التكنولوجية في العالم· وفي شهر ديسمبر من عام 2007 تبرع وزوجته بمبلغ 200 مليون دولار لجامعة كاليفورنيا من أجل بناء أضخم تلسكوب ضوئي للبحوث الفلكية·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©