الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصروف الأبناء.. صداع مزمن في رأس الأسرة

مصروف الأبناء.. صداع مزمن في رأس الأسرة
13 يوليو 2009 00:59
يعتبر المصروف اليومي للطفل مجالاً جيداً لتدريبه عملياً على أخلاقيات البذل والعطاء، والسلوك الاقتصادي الإيجابي، ومعرفة قيمة المال وأوجه صرفه والاستمتاع به بشكل صحيح. ومن أثقل وأهم المسؤوليات على الآباء والأمهات، تدريب الصغار على معرفة الأهمية الحقيقية للنقود في حياتنا، ويبقى مصروف الجيب الذي تعود الآباء والأمهات على مر الأجيال منحه للأبناء، عادة جيدة استطاع آباؤنا أن يغرسوا فينا من خلالها قيماً حميدة مثل الادخار والتصدق على الفقراء والإقراض الحسن، خاصةً أن المصروف كان ولا يزال مرتبطاً في الأذهان «بالحصّالة» رمز الادخار والملكية الخاصة عند الصغار. احتياجات شخصية في السابق كانت ريما سمير تتقاضى مصروفاً بشكل يومي ووجدت نفسها تنفقه عن آخره وفي الوقت نفسه لا تستطيع ادخار جزء منه لشراء احتياجات شخصية، كتبديل هاتفها المتحرك أو شراء قطعة اكسسوار، أو نظارة شمسية، فطلبت من والدها كما تقول «أن يمدني بمصروف شهري». وريما ليست الوحيدة التي تأخذ مصروفاً شهرياً، بل هناك سعود وحسين وشادية وسوسن أبناء في مقتبل العمر، يحصلون على مصروف ما بين «يومي وشهري»، ولا يهمهم قدر التعب والمعاناة لحصول والدهم عليه سوى أن تكون طلباتهم مجابة، مما قد يتسبب المصروف في بعض الأحيان في إثارة الغضب والجدال المستمر بين الوالدين والأبناء عندما يطلبون زيادة المصروف دون أن يفهموا الظروف المالية لأسرهم. محمد منذر الطالب بكلية تقنية المعلومات كان دائماً يرتبط ويهتم ببرامج الكمبيوتر والإصدارات الحديثة من الهواتف النقالة، ويقول: «نظراً لأنني عاشق للكمبيوتر، فكنت أنفق إلى وقت قريب كل مصروفي على هذه الأوجه، إلا أنني منذ فترة قريبة استطعت الاعتماد على نفسي والعمل، ومن ثم توقفت عن تلقي المصروف من والدي»، إلا إنه يشعر بفارق كبير بين الحالتين، والسبب كما يقول: «أصبحت أتمتع بحرية واسعة في شراء برامج الحاسوب من الإنترنت والتي تصل تكلفتها إلى 500 درهم شهرياً، بالإضافة إلى تحديث الموبايل كل عدة أشهر وتزيينه بالكريستال اللامع». أما فدوى عمران طالبة في الثانوية فتتقاضى 500 درهم مصروفاً شهرياً، وتنفق منه 100 درهم لشراء بطاقات الموبايل، والباقي تنفقه خلال إجازة نهاية الأسبوع في المراكز التجارية على اكسسواراتها الشخصية وبعض المصروفات الأخرى. وتضيف: «المصروف لا يكفي، لكن أمي تمدني بزيادات استثنائية في نهاية الشهر لمعرفتها بظروف الغلاء والأسعار». يحصل تامر حماد على مصروف شهري يبلغ في بعض الأحيان 1500 درهم ، ويذهب هذا المصروف كما يقول: «على الترفيه عن نفسي مع أصدقائي، أو دخول السينما نهاية الأسبوع، وبالطبع هذا المبلغ لا يكفيني، وأضطر للاقتراض من أصدقائي، وأتجنب الاقتراض من والدتي لكي لا أضايقها أو أحملها فوق طاقتها». تعترف أم شيخة التي لديها ثلاثة أولاد، أن أبناء اليوم أصبحوا لا يقدرون قيمة المال، ولكنها بحسب ما تقول «أعطي أولادي المال كلما طلبوه»، لكن أقدمه لهم على حسب الضرورة، وعلى قدر الحاجة، كما أقوم بتحديد مصروف شهري لهم، يتحملون مسؤولية وكيفية صرفه، في أوجه معروفة ومهمة، ولا يحصلون على أي مبلغ آخر إلا بعد انتهاء مدة المصروف، ومن خلال هذه التجربة التي أثمرت بالنجاح، «وجدت أن أبنائي تعلموا كيف يتصرفون بالمال، وكيف يجزئون مصروفهم الشهري على حسب احتياجاتهم». تعب ومعاناة ليلى سالم ـ ربة بيت معاناتها أكبر مع أبنائها الثلاثة، وتقول: «لقد تعبت كثيراً بسبب عدم قدرتي على ضبط الوضع مع أبنائي في مسألة المال، حيث يطلبون في كل حين فمرة عند الذهاب إلى السوق، ومرة اللعب في الألعاب الإلكترونية الموجودة في المركز التجاري، ومرة دعوة الأصدقاء على الغداء، ومرة أخرى يريدون أن يكونوا مثل فلان، وكأن الأم تجلس على «تل من المال لا ينقص أبداً». وتصمت ليلى قليلا وتقول: «لا أعرف ماذا أفعل معهم، فهم لا يريدون أن يدركوا أن والدهم يتعب في جلب المال للأسرة»، وحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أمنع عنهم النقود، لأنني أخاف من النتائج السلبية لذلك، والذي زاد اطمئناني عليهم «أنهم لم ينفقوا يوماً على أشياء تضر بحياتهم.» إن المصروف المخصص للأبناء أصبح بنداً ثابتاً في ميزانية أي بيت، ويقول مبارك أحمد رب أسرة مكونة من أربعة أبناء: «الكثير من الأسر تخصص بنداً لمصروف الأبناء في الميزانية الشهرية للأسرة، والآن أبنائي في سن صغيرة»، لذا أمنحهم مصروفاً محدوداً بشكل يومي. مؤكداً أنني سأغير هذه السياسة عندما يكبرون، حيث سيكون المصروف بحساب وبشكل شهري حتى يتعودوا على إدارة مصروفهم وتوزيعه على أيام الشهر خاصة وأن الغلاء المعيشي أصبح فاحشاً، وسأحرص على متابعة مشترياتهم، فالمال الكثير في أيدي الأبناء خطر عليهم»، والكثير من الجرائم والانحرافات التي تحدث هذه الأيام سببها المال الكثير في أيدي المراهقين». بينما يؤكد محمد رمضان - رب أسرة ـ على أن المصروف أصبح مثل» الماء والهواء» لأبناء هذه الأيام، ويبرر ذلك قائلا: «الزمن الذي ينتمي إليه أبناؤنا غير الزمن الذي نشأنا فيه»، فهناك الكثير من الإغراءات المحيطة بأبنائنا، من مطاعم ووسائل ترفيه، وبالتالي لا يمكن لأي أسرة أن تمنع المصروف عن أبنائها أو حتى أن تقلله. فالظروف الحالية أجبرتنا على أن يكون المصروف بحساب، وعلى قدر عمر الابن وتوفر المال، فمن الخطأ أن نترك لهم الحبل على الغارب».
المصدر: هناء الحمادي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©