الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلسفة اللبن

فلسفة اللبن
13 يوليو 2009 00:59
ثمة شيء غير مفهوم في اللبن.. أنت تعرف أن له طابعاً معيناً يوحي بالطهر، وقد ارتبطت الجنة بأنهار اللبن والعسل.. الاتصال بالشياطين والعياذ بالله يتضمن استعمالاً معيناً للبن لا أجرؤ على ذكره.. أي أن إهانة اللبن خرق للمقدسات.. لكني أضيف كذلك أنه سائل فلسفي.. هناك ذلك الإلهام المتدفق الذي تشعر به مع اللبن.. أنت في المطبخ.. زوجتك تتكلم مع صديقتها على الهاتف.. توصيك بأن تراقب اللبن الموضوع على الموقد.. تقلبه من وقت لآخر وتهشم طبقة الدهن المتخثرة على سطحه كي تضمن خلوه من الحمى المالطية.. تتذكر الحمى المالطية.. كان لك صديق أصيب بها واستغرق أكثر من عام كي يشفى.. بعض الأنواع تكون خطرة فعلاً. الحمى المالطية هي البروسللا.. اكتشفها بروس الضابط البريطاني.. اكتشفها في جزيرة مالطة وكانت تصيب الجنود البريطانيين.. مالطة!.. كان لك صديق قضى شهر العسل في مالطة وقال إنها رائعة، رغم أن زوجته لم تكن رائعة بالقدر ذاته، وسرعان ما دب بينهما الخلاف وتم الطلاق بعد عامين.. من يدافع عن قضية خاسرة يقال إنه يؤذن في مالطة.. هل حقاً لا يوجد مسلم واحد في مالطة؟.. أنت تؤذن في مالطة عندما تكتب عن الوعي العربي، لكنك تأمل في أن يبلغ صوتك واحداً يأتي لتلبية الأذان... صديقك كان اسمه (صالح).. ديفيد بروس كان بريطانياً.. بريطانيا احتلت مصر فترة طويلة لكنها لم تترك علامة ثقافية واضحة كما تركت فرنسا في تونس والجزائر.. لا يوجد بلد عربي احتله الألمان. فقط ظهر الألمان فترة قصيرة جداً ممثلين في الفيلق الأفريقي وقائده رومل.. خطوط الإمدادات لم تتناسب مع سرعة تقدمه لذا خسر الحرب.. لا بد من كتابة مقال عن هذا الموضوع.. يجب ألا تسبق طموحاتك إمكاناتك.. تهرع لتحضر ورقة وتدون عليها بعض الأفكار.. هناك فيلم جميل اسمه (فالكيري) يحكي عن مؤامرة اغتيال هتلر.. هل كان روميل في المؤامرة؟.. لا بد من البحث عن هذا الجزء.. هنا تسمع صوت (طش !)... تهرع للمطبخ لتكتشف أنَّ اللبن فار فغطى الموقد وأغرق الأرض كلها.. لم تعد منه قطرة في الإناء الساخن.. تدرك هذا وأنت تسمع صوت خطوات زوجتك قادمة عبر الصالة وهي تقول: ـ»أشكرك كثيراً.. أرجو ألا أكون قد أثقلت عليك بهذا الطلب!!» أترك ما حدث بعد هذا لخيالك!.. نعم.. اللبن سائل غامض ملهم وسيظل كذلك.. لا تنس أنه مصدر إلهامي بهذا المقال الذي أرجو أن يكون قد راق لك!! د. احمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©