السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سناء شعلان قاصة محرومة من الحب

سناء شعلان قاصة محرومة من الحب
9 مارس 2011 19:33
“التاريخ يكتبه المنتصرون وأنا منتصر بمعنى ما ومن حقي أن أكتب التاريخ كما أشاء وها قد شئت”.. “وحدهم الثائرون الذين لهم سير مختلفة ودروب شتى ووجوه باسمة”.. هذان نموذجان مختاران من المجموعة القصصية التاسعة “تراتيل الماء” لمؤلفتها الدكتورة سناء شعلان الصادرة عن دار الوراق للنشر بعمان التي تضم إحدى عشرة قصة رئيسة تدين اغتيال الحلم. وللماء فيما يبدو حكاية ما لدى المؤلفة فهناك ما يقارب خمس مجموعات قصصية تأخذ الكلمة الثانية من عنوانها أو تحوم حولها فهو من وجهة نظرها يتسرب لقصصها ليكون البطل الممثل للجدلية التي تمثل الصراع بين الخير والشر. وتؤكد شعلان أن الإنسان هو البطل في “تراتيل الماء” وأن الحب هو قضيتها في الحياة واعترفت بأنها قاصة محرومة من الحب وفق مفهومها أو على الأصح فلسفتها تجاه هذه العاطفة النبيلة. وفيما يلي تفاصيل الحوار: ? قلتِ في مقدمة مجموعتك “تراتيل الماء” لا جدوى من حفظ سيرة مولانا الماء لأنّها تتبخّر وتتجمّد فما الدلالات؟ ? هذا التقديم يفتح الأبواب على أحقّية الإنسان في أن يشكّك في مصداقية ذلك التاريخ الجبري الذي سجننا قروناً طويلاً كما سجن غيرنا من البشر دون أن تتاح لنا فرصة التأويل الحرّ والتصوّر الذاتي لشكل الحقيقة الذي لطالما تآمر التاريخ المزوّر على طمس ملامحها في الغالب. ? إلى ماذا ترمز عتبة العنوان في المجموعة؟ ? الماء يحمل دائماً بعد التقديس والطهارة والمغفرة والبدايات الجديدة والتعميد كما أنّه مادة الخلق والحياة وفعل الترتيل مقترن في الغالب بفعل قراءة المقدّس من النّصوص، وفي ظلّ هذا المنظور أو الفهم نستطيع أن نتوقّع أنّ التصوّر الجديد أو التاريخ المفترض في هذه المجموعة هو بديل مفترض أو مرتضى في تصوّري للحقيقة والأحداث وهو بالطبع تصوّر قابل للنقاش والفرضيات والأخذ أو الرّد. الخير والشر ? هناك أكثر من عنوان لإبداعات متنوّعة يقترن بالماء فما تأويلك؟ وما علاقتك بالماء؟ وهل الماء بطل في مجموعتك القصصية؟ ? أعتقد أنّ الماء لا ينفكّ يحتلّ مكانه الثابت في الموروث الإنساني حيث يشكّل في أعماق الوعي الإنساني كلّ معاني الحياة والاستمرار والتجدّد والاستقرار، فلا غرو أن نجده حاضراً حيث حضرت دلالاته وهو كذلك يتسرّب إلى قصصي ليكون البطل الممثّل لكلّ تلك الجدلية التي تمثّل الصراع الأبدي بين الخير والشّر في هذه الحياة بكلّ تفاصيلها وأزمانها وجغرافياتها. وفي مجموعتها تقول إن سيرة مولانا الماء هي سيرة الحياة بها أُرّخت الأزمان وكُتِبَت الحقب وفي حصْنه انبثقت الحياة فمولانا الماء هو الحياة فمرحى لسيرة الماء وما أطولها وأشقاها من سيرة. ? في قصة “سيرة مولانا الماء” من هو البطل؟ ? البطل هو الإنسان بكلّ تناقضاته ودوافعه وغرائزه وحاجاته ومفاسده، والماء هو الإنسان في كلّ مكان أو زمان “طوى مولانا حقباً وأزماناً ما عاد يستطيع أن يحصيها ولولا زوجته العرّافة لأخفق في أن يتذكّر كثيراً من الأحداث والوقائع وكثيراً ما سخر من جهله فأنّى له أن يجهل مقدار الزّمن وهو الزّمن نفسه؟!”. صدمة وحرمان ? في قصتيك “المفصّل في تاريخ ابن مهزوم وما جادت به العلوم” و”سِفر البرزخ” تقومين بتوظيف الموروث فما الغاية؟ ? غايتي من ذلك أن أحدث صدمة عند القارئ عندما أهدم كثيراً من مسلماته السّردية وأبني مكانها فرضياتي ومعتقداتي التي تنبع قيمتها من قدرتها على التّمرد والخروج على نظرية القطيع لتؤسّس مفهوماً جديداً من الفهم القادر على تكوين ذاته بناءً على المنطق والعقل والحقيقة، وبعيداً عن هيمنات الإعلام وسلطة تاريخ المنتصرين وادعاءات الكاذبين. ? في قصتك “نفس أمّارة بالعشق” هل تتحدثين عن تجربتك الذاتية؟ أم تتحدثين عن تجربة غيرك؟ ? في هذه القصة أقدّم تاريخاً مفترضاً لسيرتي يختزل مفاهيمي عن الحرمان والعطاء والحبّ والصراع والنّجاح والخذلان بدلاً من استعراض تفاصيل تاريخية سيرية ذاتية لا أظنّ أنّها تفيد القارئ ولذلك أعمّم الحالة التاريخية الذاتية المفترضة لتصبح تاريخاً جمعياً ممكناً ومشتركاً لكلّ حالات الحرمان الإنسانية لاسيما الحرمان النفسي. وفي هذا الشأن تقول حرفيا “لي نفس أمّارة بالعشق ولي قلب لا يَبْرَم بضعفه الآسر ولي ربٌّ وحدَه يغفر خطايا العاشقين ويبدلهم بسيئاتهم حسنات ويدخلهم جنات ونعيمًا ولي سيرة هلاليّة يحفظها كلّ من ركب سَرْجَ قلبه وشنّ حربًا دامية على كائن آخر اسمه حبيبه وسيرتي يختزلها كلّ المؤرخين والمخلوعين في حرفي حاءٍ وباءٍ، وبين منحنيات حروفهما وانزلاقاتها تسكن لعنة العشق التي توهب مجاناً لكلّ من يملك نفساً مثلَ نفسي”. الحب قضيتي ? هل الحبّ قضية في مجموعة “تراتيل الماء”؟ ? الحبّ هو قضيتي الكبرى في الحياة وفي كلّ مجموعاتي القصصية وتجاربي الإبداعية وهو حبّ عملاق يتجاوز المفاهيم الضيقة للعلاقة بين الرّجل والمرأة ليحتوي البشرية جمعاء بكلّ تفاصيله. فسناء شعلان محرومة من الحبّ فكيف أزعم أنّني مشبعة بالحبّ وأنا أعيش في عالم يحترق بأتون حروبه وصعابه وأزماته وعنصرياته الملايين من البشر في كلّ المكان.. الحبّ منظومة عشق إمّا أن تحتوي الجميع وإمّا أن نعيش في عالم قبيح كهذا العالم الذي نعيشه! ? في قصة “حكاياتها” من تُدين سناء شعلان ولمن تنتصر؟ ? أدين كلّ التقاليد والعادات البالية التي تنتصر للرجل وتدوس المرأة بكلّ شكل ولأقبح الذّرائع ثم تسمّي جرائهما باسم واحد أبعد ما يكون عن الحقيقة وهو اسم “شرف”. “تتشابه تفاصيل كلّ الحكايات المأساة إذ تعلّقت بشرف زُعم أنّه هدر على يدي امرأة خاطئة إذ تقول الحكاية دائماً..هكذا خسرتْ شرفها... والشرف المهدور لا يعوّضه إلا الدم المسفوك... فتسلّلّ ذكَرٌ، ما اسمه... في ليلة معتمة... وقتلها... فغسل بدمائها شرفه المطلّخ بالعار وسلّم نفسه للقضاء الذي كان به رحيماً، ولموقفه متفهّماً فحكم عليه بشهرٍ من العمل الشاق وبغرامة مقدارها قرشٌ لا غير... فأرواح المخطئات لا تساوي الكثير”. لحظة انكشاف ? في قصة “خرافات أميّ” أين الحقيقة؟ ? الحقيقة هي في اللحظة الفاصلة بين القصة الحقيقة والخرافة الشائعة فعندما يدرك القارئ أنّه متورط في لحظة الانكشاف التي يدركها يتنقّل بين الخرافة والقصة الحقيقة ندرك أنّنا أمام الوقائع المعيشية التي نعيشها بكلّ تفاصيلها ولا ندرك بشاعتها إلاّ عندما ننظر إليها من عيني الخرافة التي تفضح التفاصيل القبيحة كاملة. ? لماذا تؤسس “تراتيل الماء” للحزن أكثر ما تزرع الفرح؟ ? لأنّ الحزن هو حقيقة معظم البشر أمّا الفرح فهو حالة برجوازية أرستقراطية يعيشها القليل في ظروف استثنائية لا تشكّل حالة جمعية بأيّ شكل من الأشكال. ولا أعرف إنّ كان الماء يحفظ سيرة الحقيقة أم لا ولكنّني متأكدة على الأقل من أنّه شاهد على كلّ الحقائق وأنّه موجود عندما يغيب كلّ شيء حتى عندما يغيب الضمير والعدل والرّحمة والعدالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©