الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصائب الطيران... فوائد للنقل البري والبحري

22 ابريل 2010 01:28
ليس من السهل أن يجد المرء نفسه عالقاً في أحد المطارات بسبب الدخان البركاني الذي لبد الأجواء الأوروبية وأشاع غلالة كثيفة من السحاب الحاجب للرؤية، لكن رغم المصاريف الإضافية التي أثقلت كاهل المسافرين الراغبين في العودة إلى ديارهم بأي طريقة كانت، شكل الدخان البركاني مناسبة للبعض للتربح والكسب السريع. فبينما أمضى مئات آلاف المسافرين عبر العالم يومهم الخامس، بحلول الإثنين الماضي، في الغرف الفندقية وشراء الطعام وإجراء المكالمات الهاتفية، فضلا عن حجز طرق بديلة... متسائلين متى وكيف ستبدأ رحلة العودة إلى الوطن، كان الكثير منهم يتساءلون أيضاً: كيف لهم أن يغطوا كل تلك المصاريف غير المتوقعة؟ والواقع أن الخسائر المادية لم تقتصر على المسافرين وحدهم، بل امتدت إلى قطاعات عديدة، بدءاً من شركات الطيران وليس انتهاءً بالمدارس التي كان عليها البحث عن بدائل للمدرسين العالقين في المطارات، وزارعي الورود في كينيا الذين فشلوا في إيصال منتوجهم إلى الأسواق الأوروبية بعد تعطل حركة الطيران. ورغم الطرق العديدة والمبتكرة التي لجأ إليها البعض لتدبير عودتهم إلى بلدانهم، فإن الكلفة كانت في كثير من الأحيان عالية، فمثلا تعهد "كين" و"ماندي" من إنجلترا لابنهما "ماكس" بتأمين عودته من مدريد لاجتياز امتحانات الثانوية العامة خلال الأسبوع الجاري، وقد تمكنا فعلا من الوفاء بتعهدهما بعدما ركب سيارة أجرة ثم استقل القطار، بل لجآ إلى استئجار قارب خاص لنقله عبر القنال الإنجليزي، لتصل الكلفة ثمانية آلاف جنية استرليني. أما "أيان هاريس"، من شيفيلد بإنجلترا، فقد أكد أنه أنفق ألفي جنيه استرليني لتأمين عودة أسرته من روما، بعدما استأجر سيارة خاصة لهذا الغرض. غير أن القطاع الأكثر تضرراً من مشكلة السحاب البركاني يبقى بدون منازع شركات الطيران التي نزفت في اليوم الواحد، حسب الجمعية الدولية للنقل الجوي، ما لا يقل عن 200 مليون دولار، وهو ما دفعها إلى طلب المساعدة من الاتحاد الأوروبي. وقد أشارت الجمعية في بلاغ لها إلى أن "التقديرات المتوفرة فيما يتعلق بالخسائر، تبقى محافظة لأنها لا تشمل التكاليف الأخرى؛ مثل البحث عن طرق بديلة، أو رعاية المسافرين العالقين في المطارات". ووفقاً للتقديرات، فقد تكبد الاقتصاد بصفة عامة ضرراً بالغاً جراء تعطل النقل الجوي بسبب توقف قطاعات مهمة مرتبطة بحركة الطيران، سواء تعلق الأمر بالأعمال، أو بالترفيه، أو المدارس وغيرها، ليصل إجمالي الخسائر 150 مليون دولار يومياً. وقد بلغ التأثير حد انخفاض سعر البترول بسبب توقف الطائرات عن التزود بالوقود ليصل إلى 81 دولاراً للبرميل. لكن، وفي خضم الأزمة، كانت قطاعات أخرى تتهيأ لجني الأرباح واستغلال المأزق الذي يعرفه النقل الجوي لتعظيم الأرباح، لاسيما وسائل النقل الأخرى مثل القطارات والحافلات والعبارات المائية التي تربط بريطانيا ببقية أوروبا. وفي هذا الإطار، سجلت الدوائر الرسمية ارتفاعاً ملحوظاً في استخدام العبارات المائية وازدهار شركات مثل "بريتاني فيريز" التي تنقل المسافرين بحراً من المملكة المتحدة إلى المدن الأوروبية، حيث أكدت الشركة أن ما لا يقل عن 1600 مسافر حجزوا لديها خلال نهاية الأسبوع الماضي، وهو رقم أعلى بأربع مرات مقارنة بالمعدل الاعتيادي. وفي المقابل، كانت قطارات "يورستار" منهمكة في إضافة قاطرات جديدة إلى أسطولها لنقل المسافرين الذين تجاوز عددهم 50 ألفا مقارنة بالأوقات العادية. ومع تنامي الطلب على وسائل النقل الأخرى عدا الطيران، ارتفع سعر التذاكر، حيث وصل سعر التذكرة من لندن إلى بروكسيل أو باريس إلى 223 جنيهاً استرلينياً في اتجاه واحد بسبب تجمهر أعداد غفيرة أمام شبابيك التذاكر، وهو ما أثار استياء العديد من المراقبين الذين اتهموا شركات النقل البري بالتربح السريع على حساب المسافرين واستغلال أوقات الأزمة الحالية التي يشهدها النقل الجوي لتعظيم الأرباح. لكن ذلك لم يمنع "تيم بروجس" من دفع سعر عال للوصول إلى جزر المالديف للحصول على ما سماه "وظيفة الأحلام"، وهو لهذا الغرض استقل القطار إلى لندن ثم انتظر طويلا قبل الحصول على تذكرة إلى باريس ليجد نفسه أمام طابور طويل في انتظار الذهاب إلى مدريد ومن ثم البحث عن طائرة تقله إلى جزر المالديف. وقد نفى "جون جيلرت" المدير التنفيذي لشركة "يورولاينز"، الأكبر على الصعيد الأوروبي في مجال النقل البري، أن تكون الشركة قد رفعت سعر التذكرة، وإن كان اعترف بالطلب المتزايد على النقل البري والأرباح التي حققتها الشركة في الآونة الأخيرة؛ ففي الأيام العادية تسير "يورولاينز" حسب جيلبرت 700 حافلة في اليوم الواحد ناقلة ثلاثة ملايين مسافر في السنة، وفي الخط الأكثر شعبية الرابط بين لندن وباريس، تسير الشركة عادة عشرين حافلة في اليوم بسعر يصل 50 جنيها استرلينيا للتذكرة، لكن في الأسبوع الماضي سيرت الشركة أكثر من أربعين حافلة في اليوم على نفس الخط، حيث أكد مدير الشركة أن المهم حالياً ليس التركيز على الأرباح لأن هذه الأخيرة متأتية في جميع الأحوال دون الحاجة إلى رفع سعر التذاكر بسبب الإقبال الكبير على النقل البري، بل الأهم هو مساعدة الناس العالقين والتخفيف من الفراغ الكبير الذي أحدثه تعطل النقل الجوي. دانا هارمان - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©