الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميدفيديف وليس بوتين... محل عناية أوباما

ميدفيديف وليس بوتين... محل عناية أوباما
12 يوليو 2009 00:51
لننسَ اتفاق الترسانة النووية، ولننس الخطاب، ولننس حتى عدم اهتمام الروس بميشيل أوباما. فالمفاجأة الحقيقية بخصوص زيارة الرئيس أوباما إلى موسكو هذا الأسبوع، تكمن في حقيقة أنه قضى معظم وقته في الحديث مع الرئيس الروسي ميدفيديف، بينما لم يمضِ سوى نحو ساعتين في زيارة مجاملة مع رئيس الوزراء والرئيس السابق بوتين. في كل مكان آخر من العالم تقريباً، يندرج هذا الأمر ضمن المسائل البروتوكولية. وبصفة عامة، فإن الرئيس الأميركي يمضي معظم وقته مع نظرائه رؤساء الدول حين يسافر إلى الخارج، على أن هناك استثناءات في حالة البلدان التي يكون فيها زعماء الدول يشغلون مناصب سياسية شكلية. وفي هذه الحالة، يقوم الرئيس الأميركي بزيارة مجاملة لهم، ثم يقضي الجزء الأكبر من زيارته مع المستشار أو رئيس الوزراء. والواقع أن أوباما لو اتبع هذا النسق في روسيا، لأمضى معظم وقته مع بوتين. صحيح أن ميدفيديف هو الرئيس، وصحيح أن الدستور الروسي يمنح الرئيس نصيب الأسد من السلطة؛ غير أنه منذ انتخابه العام الماضي (عقب اختياره من قبل بوتين ومحاكاةٍ ساخرة لحملة انتخابية)، بات من الواضح جداً أن الرئيس الروسي ليس هو من يمسك بزمام الأمور. فبعد غزو جورجيا في أغسطس لماضي، كان بوتين هو من ظهر على التلفزيون وقاد المفاوضات في الكواليس، وليس ميدفيديف. ثم خلال أزمة الغاز التي اندلعت مع أوكرانيا، الشتاء الماضي، كان بوتين هو من تحدث باسم روسيا، وليس ميدفيديف. والواقع أن الذين يرون الرجلين معاً ينبهرون بمدى الاحترام الاستثنائي الذي يكنّه ميدفيديف لرئيس الوزراء؛ فقد أخبرني شخص شارك في اجتماع معهما قبل بضعة أشهر أن بوتين هو من كان يتحدث طيلة الاجتماع، بينما كان ميدفيديف منشغلا بأخذ الملاحظات. غير أن ميدفيديف قرر خلال الأشهر الأخيرة لعب نوع من لعبة «الشرطي الطيب»، مقابل دور «الشرطي الشرير» الذي يؤديه بوتين، حيث خص آخر صحيفة معارضة متبقية في روسيا بمقابلة صحفية؛ وقال أشياء جميلة عن الديمقراطية والإصلاح الانتخابي؛ بل ظهر مبتسماً في بعض الصور التي التُقطت له مع الزعماء الأجانب. غير أنه لا شيء من ذلك أدى إلى تغييرات عميقة في السياسة الخارجية أو السياسة الاقتصادية أو سياسة حقوق الإنسان، مما دفع معظم المراقبين للذهاب إلى أن ميدفيديف يلعب دوره في حملة علاقات عامة معَدٍّ لها بإحكام. وبالتالي، فإن قرار تركيز زيارة الرئيس الأميركي على ميدفيديف بدلا من بوتين يمكن أن ينطبق عليه وصف الموظفين الحكوميين البريطانيين -«جريء جداً»- لأسباب ليس أقلها أنه إذا لم تتحدث مع الشخص الذي يمسك بزمام الأمور فعلا، فإنه لا يمكنك أن تتوقع تحقيق الكثير. غير أنه حسب فهمي، فإن القرار اتُّخذ جزئياً على الأقل لاعتبارات براجماتية: ذلك أن الاجتماعات مع بوتين هذه الأيام تميل إلى التحول إلى صخب حول تظلمات وشكاوى روسيا (إفطار هذا الأسبوع بين بوتين وأوباما لم يكن استثناءً على ما يبدو)، مما لا يترك كثيراً من الوقت لإقامة حوار إيجابي وبناء. ثم إن بوتين لم يكن ليتطرق لموضوع المناورات العسكرية الروسية الأخيرة على الحدود مع جورجيا، لو أن ميدفيديف كان يستطيع فعل شيء بخصوصها. وبالتالي، فإن إدارة أوباما يبدو أنها توصلت إلى أنه لا فائدة ترجى من التعاطي مع الموضوع. وبدلا من ذلك، فإنها آثرت التعاطي مع مواضيع أقل إثارة للجدل مثل خفض الأسلحة النووية (والذي كان سيحدث في جميع الأحوال) ومنح القوات الأميركية المقاتلة في أفغانستان حقوق التحليق فوق أراض روسية (وهو أمر لطيف في الواقع، لكنه ليس جوهرياً)... إنها مواضيع قد يستطيع ميدفيديف في الواقع التعاطي معها. إيجابيات هذه السياسة تتمثل في أنها قد تجعل ميدفيديف أكثر قوة، وإن كان ذلك أملا ساذجاً وضئيلا بالأحرى. أما السلبيات، فتتمثل في أن بوتين قد يعتبر تجاهله إهانةً له؛ غير أنه لما كان بوتين يشعر بالإهانة دائماً على ما يبدو، بغض النظر عن اللطف الذي يحدّثه به الرؤساء الأميركيون، فإن مبعث القلق هذا يبدو غير مبرر في الواقع. وعلى أي حال، فإن هذا النوع من الحسابات أفضل من التجول وسط الغابة والعناقات والخرجات التي يتم التحضير لها بعناية، وميزت علاقات كلينتون بيلتسين، وبوش ببوتين. ثم إنه أفضل من استعارة «لنبدأ صفحة جديدة مع روسيا» غير المقنعة التي كانت تستعملها إدارة أوباما خلال أشهرها القليلة الأولى في البيت الأبيض. صحيح أن أسوأ المشاكل لم يتم حلها هذا الأسبوع، وصحيح أن كل الملفات الصعبة والشائكة -من جورجيا إلى الدفاع الصاروخي ضد إيران- طُرحت جانبا حتى إشعار آخر؛ إلا أنه على الأقل ليس ثمة من يدعي العكس. آن آبلباوم كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©