الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علم البيان «9»

29 مايو 2016 23:36
الشريف الرضي، وهو أبو الحسن محمد الطاهر، ولد في بغداد سنة 359هـ، وتوفي في بغداد سنة 406هـ، كتاب فيما ورد في القرآن الكريم من المجاز، وقد سمي هذا الكتاب (تلخيص البيان في مجازات القرآن)، «قام بتحقيق نصوصه الأستاذ محمد عبدالغني حسن، طبعته ونشرته دار إحياء الكتب العربية في القاهرة عام 1955، والشريف الرضي يقصر الدراسة في هذا الكتاب على البحث في مجازات القرآن، أي في الألفاظ المستعملة في غير ما وضعت له، وأكثر كلامه عن الاستعارات، وهي ضرب عند البلاغيين من المجاز اللغوي، علاقته المشابهة، فذكر في هذا الكتاب ما يشتمل القرآن من عجائب الاستعارات، وغرائب المجازات، فقال إن اللفظة التي وقعت مستعارة لو أوقعت في موقعها لفظة الحقيقة لكان موقعها نابياً». ومن أمثلة كلامه في مجاز السورة التي يذكر فيها «انشقاق القمر» قوله تعالى: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى? أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)، قال: هذه استعارة والمراد - والله أعلم - بتفتيح أبواب السماء تسهيل سبل الأمطار حتى لا يحبسها حابس، ولا يلفتها لافت. ومفهوم ذلك إزالة العوائق عن مجاري العيون من السماء حتى تصير بمنزلة حبيس فتح عنه باب، أو معقول أطلق عنه عقال. وقوله تعالى: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى? أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أي اختلط ماء الأمطار المنهمرة، بماء العيون المتفجرة فالتقى ماءاهما على ما قدره الله سبحانه، من غير زيادة أو نقصان. وهذا من أفصح الكلام، وأوقع العبارات عن هذه الحال. وقوله سبحانه: (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) ولفظ إلقاء الذكر هنا مستعار، والمراد به القرآن لعظم شأنه، وصعوبة أدائه، كالعبء الثقيل الذي يشق على من حمله، وألقي عليه ثقله. وكذلك قوله تعالى: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) وكذلك قول القائل: «ألقيت على فلان سؤالاً، وألقيت عليك حساباً»، أي: سألته عما يستكد له هاجسه، ويستعمل به خاطره. وفي قوله تعالى: (وَتُقَطَّعُوا أَمْرهمْ بَيْنهمْ كُلّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ). قال الرضي: «هذه الاستعارة المراد بها: أنهم تفرقوا في الأهواء واختلفوا في الآراء، وتوسعتهم المذاهب، وتشعبت بهم الولائج، ومع ذلك فجميعهم راجع إلى الله سبحانه، على أحد الوجهين: إما أن يكون رجوعاً في الدنيا، فيكون المعنى: إنهم وإن اختلفوا في الاعتقادات صائرون إلى الإقرار بأن الله سبحانه خالقهم ورازقهم، ومصرفهم ومدبرهم، أو يكون ذلك رجوعاً في الآخرة، فيكون المعنى أنهم راجعون إلى الدار التي جعلها الله تعالى مكان الجزاء على الأعمال وموفي الثواب والعقاب، وإلى حيث لا يحكم فيهم، ولا يملك أمرهم إلا الله سبحانه. وشبّه تحالفهم في المذاهب، وتفرقهم في الطرائق، مع أن أصلهم واحد، وخالقهم واحد، بقوم كانت بينهم وسائل متناسجة، وعلائق متشابكة، ثم تباعدوا تباعداً قطع تلك العلائق، وشذب تلك الوصائل، وصاروا أخيافاً مختلفين وأوزاعاً مفترقين. اللائك: اسم فاعل من لاك يلوك أي مضغ، المقرة: المرة الطعم، الولائج جمع وليجة وهي بطانة الإنسان، وأخياف: بمعنى أمهم واحدة وآباؤهم متعددون. * المرجع البيان العربي - دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى - تأليف الدكتور بدوي طبانه طبعة منقحة 1972م. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©