الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي شراب: العقل يعمل بالرموز..و«التنويم» يشعل الصراع بين الوعي واللاوعي!

علي شراب: العقل يعمل بالرموز..و«التنويم» يشعل الصراع بين الوعي واللاوعي!
12 يوليو 2009 00:30
يعد «العلاج المعرفي» أرقى الأساليب العلاجية وأحدثها في مجال علم النفس، وتختلط لدى الكثيرين المفاهيم الصحيحة لما يعرف بالإيحاء، والتنويم الإيحائي أو العلاج بالإيحاء وكثيراً ما تتداخل التسميات، ونسمع عن التنويم المغناطيسي، والطاقات الخفية، والقوة الذاتية، والقوى الخفية، وغيرها من مسميات نقف منها موقف الحيرة أو التوجس والشكوك، أو القناعة والحماس، وما بين هذا وذاك يغيب الفهم العلمي الصحيح، وتنحرف الممارسات، ونكتشف استغراقنا في جهل الحقيقة في معظم الأحوال• الدكتور علي عوض شراب خبير العلاج الإيحائي المتمرس في علم البرمجة اللغوية العصبية، والمتخصص في أسرار القوة الذاتية يحاول من خلال حواره مع «دنيا الاتحاد» أن يفك هذا الغموض، بالإجابة عن تساؤلاتنا الشائكة، بداية من كيفية التخلص من سلبيات الماضي وتأثيراتها؟ وكيف نتمكن من الإقلاع عنها؟ وإلى أي حد يمكن أن ننمي قدراتنا ونكتشف الطاقات الخفية إن وجدت؟ وما حقيقة التنويم الإيحائي؟ وما علاقته بالتنويم المغناطيسي؟ وهل كل الناس لديهم قابلية واستعداد للتنويم بالإيحاء؟ وما الأعراض المرضية التي يمكن علاجها بهذه الطريقة؟ ? ما المقصود بـ «التخلص من سلبيات الماضي» التي تؤثر على مسار حياة الشخص؟ - معلوم أن الإنسان وسلوكياته بكل أنواعها تبدأ وتنبع من العقل، وهناك المدرسة المعرفية في علم النفس التي تتبنى قضية العقل تحديداً، وأن السلوك البشري لا يعاد صياغته إلا من خلال إعادة صياغة العقل والتفكير، وأن العلوم الحديثة أوجدت آليات وتقنيات وأساليب جديدة في التعامل مع الإدراك البشري بطريقة أكثر فعالية مما كان عليه في السابق. ومن خلال هذا التساؤل، هل أصبح الإنسان قادراً على أن يتحكم في فكره، وتصوراته، وبالتالي يتحكم في مشاعره، ومن ثم يتحكم في سلوكياته؟ إن الإنسان يتكون بطبيعة الحال من فكرة تقوده إلى شعور، تقوده إلى سلوك في النهاية، فإذا استطعت السيطرة على الفكرة سيطرت على السلوك. ? هل هذا ما يعرف بالعلاج المعرفي في علم النفس؟ - نعم.. إنه من أقوى المدارس التي ظهرت في علم النفس الذي استهل مسيرته بالتحليل النفسي، ثم تطور إلى المدرسة السلوكية، وبدأت الطرق المعرفية في توسيع آفاقها، وتسارعت الدراسات أسرع من النمط التقليدي الموجود في علم النفس العيادي، فخرج اتجاه جديد من علم النفس المعرفي بعلوم التغيير السلوكي للتأثير السريع، واستندت هذه العلوم أساساً على دراسة تركيب المخ وتشريح الأعصاب، ودراسة آلية العمل، ووجدوا أن العقل البشري قادر على الاستجابة السريعة بشكل أفضل مما هو عليه الحال في الطرق التقليدية المعروفة، ومن أبرز هذه العلوم الحديثة ما يعرف باسم «علم برمجة العقل باللغة»، وعلم «التنويم الإيحائي» وغير ذلك من علوم مشابهة. وهذه العلوم تعتبر داعماً قوياً وفعالاً في عقل الإنسان، بحيث إنها تقوده إلى السيطرة على أحواله النفسية وما يعتريه من اضطرابات مثل القلق والخوف والخجل والتوتر، وغيرها مما تولد نتيجة ضغوط هذا العصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وهذا باختصار المدخل العملي لهذه العبارة، فهي أساليب سريعة وفعالة تستطيع أن تقدم للإنسان مساعدة خلال دقائق معدودة بدلاً من تقديمها خلال أسابيع. التنويم الإيحائي ? وما معنى التنويم الإيحائي؟ - قد يتفق أو يختلف الكثيرون حول مصطلح التنويم، وأنا أرى أن أفضل تسمية هي «العلاج بالإيحاء» فليس من الضرورة أن يصل الإنسان عندما نتعامل معه إلى حالة من «الغشية»، أو النوم، أو الاسترخاء العميق حتى تتم عملية «الإيحاء» له، وهذا النوع من العلاج يعتمد على منهجية صاحبها الدكتور منتول إيريكسون، وهي طريقة لا تعتمد على «إغلاق الوعي بالكامل، وفتح اللاوعي بالكامل»، بل أصبحت أبسط من هذا بكثير من جانبها العلمي، أما جانبها العملي فإننا، عادة ما نستخدم في حياتنا اليومية الإيحاء، وهي كلمة تشير بدلالة واضحة ومباشرة إلى كل العبارات والمصطلحات التي نريد أن يتأثر بها الطرف الآخر بشكل عميق وفعال، فنحن نمارس أعمالاً وتصرفات لا إرادية « لا واعية ولا شعورية»، وهي جزء من حياتنا اليومية، وهذه التصرفات تمثل جوهر حياة الإنسان، وأكثر ما يسيطر عليه، فالوعي لدينا وعي محدود لا يتجاوز نسبة 3 - 5 في المائة من سلوكياتنا، والنسبة الباقية في مجملها تصرفات وأفعال لا شعورية، تصدر عن منطقة اللاوعي، ونعبر عنها بكلمات بسيطة، أو لغة معينة، وعندما نمارس الإيحاء، فإنه يؤثر بشكل كبير على اللاوعي، فتحدث استجابات سريعة وعميقة، ومن خلال هذه الاستجابات تتأثر النسبة المتبقية الأكبر التي تصل إلى 95 في المائة من أفعالنا اليومية اللاإرادية، ويصح تأثر الإنسان بالفعل أو السلوك اللاإرادي• فإذا كان الإنسان لديه شعور بالتردد، أو الخوف، أو القلق مثلاً فإنه يصدر عنه سلوك لا إرادي، وبالتالي حتى نمارس عملية التغيير بشكل أسرع، لابد أن نتقن لغة الإيحاء التي من خلالها نستطيع أن نتعامل مع هذه الأفعال، أو هذه الحالة الشعورية، فيكون التأثير أكبر وأسرع. حقائق ومفاهيم ? هل تتطلب عملية العلاج الإيحائي تنويم المريض كما هو في التنويم المغناطيس، وهل هناك فروق أخرى بين الحالتين؟ - في السابق كان الاعتماد في التنويم الكامل على «إغلاق الوعي كاملاً، وفتح اللاوعي كاملاً»، وكانت الأعراض التي يعالجها المعالج تزول ومن ثم تعود بعد فترة ما، تطول أم تقصر، وتسمى بالانتكاسات، لأن العلاج تركز على منطقة اللاوعي فقط، ويكون هناك رفض من الوعي نفسه، وعندما يعود الشخص إلى الوعي ويمارس سلوكاً لم يعرفه من قبل، يحدث صراع بين الوعي واللاوعي، وعلى الرغم من قوة وتأثير اللاوعي تحدث الانتكاسة ويعود الشخص إلى ما كان عليه• الآن يتم التعامل مع الوعي، ويترك الشخص ليقوم بعملية التغيير بنفسه، وفي حالة من الوعي الكامل، والمعالج يساعده فقط من خلال العبارات المناسبة. استنفار القوة الذاتية ? وماذا عن برنامج «برمجة اللغة العصبية»، وكيف تتم البرمجة اللغوية؟ - إنني أفضل تسميته ببرمجة العقل باللغة، وهو أحد الأساليب التي يستطيع المعالج من خلالها التعامل مع العقل الواعي واللاواعي، على خلاف لغة الإيحاء في عملية الاتصال ومن ثم كان تأثيرها القوى وأصبحت من أقوى علوم الاتصال والتأثير، وعندما تستخدم هذه البرمجة فإنها تستهدف استنفار القوة الذاتية داخل الإنسان ليغير نفسه وتساعده على التخلص من المشكلات والضغوط النفسية التي يتعرض لها، والبرمجة اتباع نظام معين للوصول إلى نتائج محددة، فالعقل البشري هو موطن النظام والأوامر والتعليمات للمشاعر والأحاسيس والسلوك، وبرمجة العقل تستخدم كوسيلة آمنة وسليمة وصادقة مع الإنسان، وهذا التغيير والبرمجة تتم برغبته هو، وبموجبها سيمتلك أداة قوية جداً وهائلة لتغيير نفسه، ومشاعره، وسلوكياته. ? هل هي إعادة تغذية العقل بمعلومات جديدة؟ - نعم.. هذا كذلك، إنه تشبيه دقيق لما يحدث، كما هي الحال في أنظمة الحاسب الآلي، فالفكرة أساساً تعتمد على العقل الذي يعتمد بدوره أو يعمل بطريقة الرموز والشفرات. الاستجابة للعلاج ? هل كل الناس لديهم نفس القابلية للعلاج بالإيحاء؟ - هناك 60 في المئة من الناس يستجيبون للعلاج بشكل متوسط، 20 في المائة منهم يستجيبون بشكل عميق، و20 في المائة يرفضون، وهؤلاء ممن تنقصهم الرغبة في التغيير، وما دام الشخص يفتقد الرغبة، فإن العلاج بهذه الطريقة يصبح عقيماً• ? ما الأمراض التي يستجيب فيها أصحابها للعلاج أكثر من غيرهم؟ - المرضى النفسيون الذين يعانون مشاكل الاكتئاب، والقلق، والحزن، والخوف، والتردد، والخجل، وضعف الثقة بالنفس، الشكوك، الوسواس القهري، الاضطرابات الشائعة في النطق والكلام والأمراض والاضطرابات ذات المنشأ النفسي. ? نسمع كثيراً عن طرق ومسميات كثيرة للعلاج ويلاحظ أنها تسكن الأعراض ولا تعالج الأمراض؟ - لكن هناك نسباً معتدلة تشير إلى عكس ذلك، وأعنى بالنسبة المعتدلة، أنه ليس هناك وسيلة علاج معينة تناسب جميع الحالات والأمراض والأعراض، إنها مسألة نسبية، ولكن أيهما أكثر تأثيراً من غيره في ظروف معينة، وقوة تأثير معينة، واستجابات معينة لدى الأفراد، العلاج يتوقف على المرسل، والمستقبل، والوسيلة، وليس هناك أسلوب وحيد. الاستبطان ? هل تعتمدون على»الاستبطان» أحياناً؟ - الاستبطان اتجاه محترم، ومدارس التحليل النفسي الحديثة تعتمد عليه إلى حد كبير إسوة بالاتجاه القديم للمدرسة نفسها، وليس هناك ما يمنع من الاستفادة بأي أسلوب أو طريقة تفيد في فهم المريض، وكل المدارس والاتجاهات تستفيد من بعضها بعضاً. ? هل هناك علاقة بين العلاج بالإيحاء وما يسمى بالتخاطر؟ ومن جانب آخر ما علاقته بالعلاج بالطاقة؟ - التخاطر يُعنى به ما يسمى بعلم نفس الحاسة السادسة، و»الباراسايكولوجي»، وكلاهما معني بتنمية العقل البشري، وتنمية القوة في عقل الإنسان وتدريبه، وتجعله قادراً على الوصول إلى أكثر من ما هو موجود، أما علاقته بالعلاج بالطاقة، فإن كلاهما يكمن في منطقة العقل، فالطاقة تركز على الأفكار والتفكير، ولا تتحرك الطاقة الكونية إلا من خلال أفكار الإنسان وطريقة تفكيره.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©