الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جمال مطر: كلمة الحق جارحة كالرصاص

جمال مطر: كلمة الحق جارحة كالرصاص
24 مايو 2008 23:52
مشاكس في التأليف، متحرر في الإخراج من قيود العلبة المسرحية· جريء في المزج بين التجريب والعمل الشعبي· يصر في أعماله على الأفكار المغايرة وكسر القواعد ليؤكد على أهمية ربط الخشبة بالواقع وقضايا المجتمع· قدم للمسرح الإماراتي نخبة من الأعمال المتميزة منها: ''جميلة''، ''قبر الولي''، ''عبلة وعنتر''، ''غاب القط''، ''الميدان يا حميدان''، ''راعي البوم عبرني''، ''دار الهوى دار''، ومسرحية موليير ''مريض الوهم''· ولا تزال في بال المهتمين بالحركة الثقافية مسرحيته الشهيرة ''جميلة'' التي قدمها في الهواء الطلق قبل عقدين من الزمن، متخذاً من الشاطئ الرملي لمنطقة الخان بالشارقة مسرحاً مشرعاً لفكرة لم يسبقه اليها أحد· أما ''قبر الولي'' التي تسببت له في انتقادات لاذعة فتقدم نموذجاً واضحاً ليس فقط على جرأته في تناول القضايا المختلفة، بل وعلى وعيه المتقدم والعميق بدور المسرح وأثره على الناس، المسرح الذي يرى أنه مرآة تعكس هموم الناس وهواجسهم، وفي ذلك يقول: ''أنا مقتنع بالفكر الذي أوصله من خلال أعمالي، ولا أتأثر بردات الفعل السلبية لأنني أعلم مسبقاً أن كلمة الحق جارحة تماماً كما الرصاص''· مسرح وكرة قدم ومطر الذي حقق سابقة للمسرح الإماراتي في مسرحيته الأخيرة ''الميدان يا حميدان''، والتي تحدثت عنها الأوساط الثقافية في العالم العربي، تمكن بإبداعه المسرحي وجرأته على التجريب المدروس من تحويل لعبة كرة القدم إلى حدث درامي لا يخلو من القفشات الكوميدية· وكان أول مخرج يقدم مباراة لكرة القدم على خشبة المسرح، حيث لعب الممثلون أمام شبكة المرمى، واستعرضوا نوعاً مختلفاً من فنون الأداء والإبداع المسرحي· أما جديده فمسرحية بعنوان: ''خلَّكْ على مجنونك''، وهي من نوع المنودراما يقدم فيها أسلوبا مختلفا من الأداء المسرحي فضل أن يتركه مفاجأة لجمهوره، ليضيف بصمة جديدة إلى رصيده المستمر منذ عشرين عاما· يقول جمال مطر: ''أعتمد في استمراريتي على البساطة وتقديم السهل الممتنع، لأن المسرح أولا وأخيرا رسالة إنسانية يجب أن تبنى على الوضوح لتصل الى أكبر شريحة من الناس· وفي الوقت نفسه أنتقد بشدة من يتعاملون مع المسرح وكأنه لغز تاركين للجمهور تحليله''· وهو كمخرج، يشجع الممثلين على الارتجال، لأنه ينظر للارتجال بوصفه لغة صادقة تصدر من القلب الى القلب· يضيف: ''لا أرى مشكلة في المرونة في التعامل مع النص لأنني على ثقة بأن الراحة في الأداء تولد النجاح· وأنا مؤمن بأن الممثل يبدع على المسرح حينما يستحضر المفردات والمصطلحات الشعبية· ولا أوافق المتزمتين الذين يدعون إلى أو يشترطون التقيد الحرفي بالنص، والذين يخشون -غالباً- من الوقوع في سوء الفهم''· مسرح في الهواء ومن منطلق إدراكه لقواعد العمل المسرحي من الناحيتين الفنية والفكرية، يقدم مطر أعماله معتمدا على ''الفرجة الشعبية''، وعلى التواصل مع الإعلام الذي يحترم دوره معتبرا إياه الوسيلة الفضلى لربط المسرح بالجمهور: ''لأن المسرح يخاطب كل شرائح المجتمع، وهو أولا وأخيرا من الشعب وإليه· ولا أنكر هنا أنني أميل لتنفيذ أعمالي في الهواء الطلق، فطبيعة المكان تفتح أمام المخرج آفاقا جديدة· والمسرح ليس مجرد خشبة، وانما نص وإخراج وإضاءة ومؤثرات، والأهم من ذلك كله أنه اذا حضر الممثلون والجمهور يتشكل المسرح بشكل تلقائي''· باستثناء 3 مسرحيات قام بإخراجها لكتاب مختلفين، يعرف عن جمال مطر أنه يؤلف ويخرج أعماله، وردا على الاتهام الذي يساق في مثل هذه الحال من أن المؤلف المخرج يصاب بأحادية النظرة، يقول مطر مدافعاً: ''هذه المقولة تصلح للمبتدئين فقط، بحيث يصعب على المؤلف عديم الخبرة أن يتحرر من النص ليقوم بعملية الإخراج· أما مع وجود الخبرة، فإن التحدي الكبير هو القدرة على الفصل بين الإحساس بالنص عند كتابته وبين الرؤية العامة للإخراج، وذلك بمجرد الانتهاء من التأليف والوقوف خلف الكاميرا· شخصياً أتعامل مع الإخراج كتفسير لما يوحيه النص وما قبله وما بعده من أحداث، ولا أتقيد حرفياً بالسيناريو''· وعن توجه عدد من الشباب في الامارات إلى مجال السينما والمسرح، يصرح مطر: ''نرى اليوم عدة أسماء جديدة في التمثيل والتأليف والإخراج، بعدما كان المهتمون في هذا المجال يعدون على الأصابع، كما أن نسبة المشاركة الاماراتية في المهرجانات السينمائية داخل الدولة ترتفع بنسبة ملحوظة· وهذا دليل خير لأن تراكم الخبرات يفرز إبداعا، على أن نقوم بعملية تقويم شاملة بعدما تنضج هذه التجارب''· ويوضح أن معظم الأفلام التي تشارك في المهرجانات أو المسابقات هي بالحقيقة أفلام فيديو تستعمل فيها الكاميرا التلفزيونية ولا يمكن اعتبارها صناعة سينمائية، ولهذا ''لا بد من التفريق بين الإخراج للفيديو والإخراج السينمائي· ونحن في الدولة تنقصنا الأفلام الروائية السينمائية التي تحتاج الى تراكم خبرات من جهة، ودعم من الحكومة للانتاج المالي والفني من جهة أخرى''· أما لجوء الشباب إلى إنتاج أفلام الفيديو مستعملين الكاميرا التلفزيونية، فسببه تكلفتها الإنتاجية المنخفضة، وهي في متناول المخرج ويمكن التحكم فيها حسب الميزانية· بينما التصوير بكاميرات سينمائية تكلفته باهظة جدا بحيث قد يتطلب إنتاج فيلم مدته 45 دقيقة أكثر من مليون درهم· وعن تراجع القيمة الحقيقية للفن الراقي بغض النظر عن شكله ونوعه، يوجه مطر أصابع الاتهام الى بعض الفنانين الذين يساهمون في إغراق الثقافة بقبولهم الأعمال الهابطة مقابل الكسب المالي· ويقول: ''لا أنكر على أحد حقه في تحسين ظروفه الاجتماعية ولكن ليس على حساب المسرح الذي هو أبو الفنون جميعاً· وأنا شخصيا غير متعاطف مع أي فنان يساهم في انحدار مستوى الفن لأنني أشبهه بمن يبيع أرضه ووطنه''· ويرى أنه على الرغم من وجود محاولات فردية متواضعة هنا وهناك لإيجاد أعمال مشرفة، الا أن الفن لم يشهد بعد نهضة ثقافية حقيقية بالمعنى المطلوب· ويتساءل: ''هل سيأتي يوم يصبح فيه الفن هاجسا لكافة أفراد الأسرة الفنية؟''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©