الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذاق الضجيج

مذاق الضجيج
21 ابريل 2010 20:39
(مشاهد من مسرحية، أثرية، صمتاء: إلى النازحين شغفاً، نحو الخرائط الموصدة!) عبد العزيز جاسم: لا لزوم لي.. افتح تابوتك وطر، من أجل مجهول البحر ومعلومه! ثاني السويدي: ليجف ريق البحر في فمك الأخضر، ودع الأشياء تمر. الديزل.. على مقربة! 1 بسلحفائية متقنة.. تقلع الستارة، ترافقها قافلة من موسيقى. الستارة تستقر في مكمنها الآخر. الموسيقى تواصل إظهار مفاتنها، وامرأة تستقبلها بهيئة ما. امرأة ذات غناء موشوم بالفاجعة. امرأة تمد أناملها نحو السماء.. تأخذ شيئا ما.. ثم تركض، تنعطف وتنحني. تطل عليه، منزو في زاوية مثقوبة. رجل لا يظهر من محتوياته شيء، سوى صوت مطلي بالأنين. المرأة.. تحمل إليه قرص الشمس، ثم تلملم نفسها وتعود لتفعل شيئا آخر. 2 المكان الآن مكسو بالموسيقى ذاتها. الموسيقى تتوزع اسوداداً في الفضاء ذاته، لفترة لا تمت للقِصر بشيء. *** وبينما تمارس الموسيقى طقوسها، المرأة تعود لتفعل الشيء الآخر. المرأة الآن بين أحضان ثوب بلون ترح. المرأة تثقب الثقب، تقفز فيه، ثم منه. المرأة الآن بين أروقة زاوية تضم في أرجائها رجلا لا يظهر من محتوياته شيء، سوى صوت مطلي بالأنين. المرأة الآن لا يظهر من ملامحها شيء، سوى صوت معجون بالقلق. المرأة تقتحم على المحمول إليه وحدته.. تمسك به محاولة انتزاعه منها، ثم تطالبه البوح بشيء ما.. مازال يعتصره، مازال يخنق في داخله، ومازال يجهض في رحم تطلعاته. 3 الزاوية الآن تتفتت. *** الرجل بملابسه الأنيقة الصاخبة الرماد، ينسحق تحت وطأة إضاءة تجثم على جثته الطاعنة في النحول. المرأة كذلك، تتعرض للإضاءة ذاتها. لكن.. ثمة حائط من عتمة، يحول بين امرأة مكتنزة البياض. امرأة ذات تاج حالك السواد. تاج مسترسل في أنوثته، ينتهي به المطاف حتى حدود الركبتين. حائط من عتمة.. يحول بين المرأة، ورجل نبتت في رأسه حشائش من جليد. 4 نظر الرجل.. رآها تحلق في سماء الصمت على جناح الأمنيات، تجرحها الجروح ويتأملها الأمل. رآها كذلك، ثم رآها تطل عليه من ثقب الظلام. قذفته بنبضة لطمته على وجهه: “ماذا تتمنى.. ماذا تتمنى؟” ثم أخرى كادت تخنقه: “أكل ما يتمنى القلب يدركه، أم تأتي الرياح بما لا يشتهي النبض؟!”. إنه ينظر إليها من جديد: قلبها.. نصف على كف، والآخر على الآخر. نصفه حريق، وباقيه نار تشتعل. قلبها ينبض بين عينيها. رآها كذلك، ثم قذفها بدمعة مغلفة بفقاعة. ارتطمت الفقاعة بشيء ما، يصل ما بين موطن قذائفها وموطن قذائفه. الدمعة تحمل شيئا أبيض.. مبحوح صوته، ويئن نبضه: “لم يعد للشمس نهد”.. “بتر النهد، وحملت جثة الشمس فوق أكتاف الظلام”. 5 الموسيقى مازالت تبث انفعالاتها.. تطلق صرخاتها تارة، وهمساتها تارات أخر. الموسيقى تتوزع بين المد والجزر. 6 الرجل الآن على نبضاته يتقرفص، والمرأة مازالت تطل عليه من ثقب في الظلام، وما تزال تقذفه بالشيء نفسه: “ماذا تتمنى.. ماذا تتمنى؟!”. سمع وشم ثم نظر.. فأحس ولمس ثم صاح: ماء.. ماء!! سمعت وشمت ثم نظرت.. فأحست ولمست ثم صاحت: ثقب الإبرة.. ثقب الإبرة!! *** صاح وصاحت.. قام يصلي وقامت خلفه. سمعا شيئا ما، فرددا خلفه: دن، دن، دن...؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©