الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلات برنامج الغذاء

24 مايو 2008 01:36
على غرار ما كان يحدث طيلة السنوات الثلاث الماضية التي قضاها على رأس مكتب البرنامج العالمي للغذاء في كمبوديا، اشترى ''توماس كويسترز'' عدة أطنان من الأرز استعداداً لتوزيعها على الفقراء، ولوهلة اعتقد أنه تخلص من عبء كبير وضمنَ الغذاء لفقراء البلاد، حيث تتكفل الأمم المتحدة من خلال برنامج الغذاء العالمي التابع لها بتغذية 1,8 مليون كمبودي عبر تزويد الفقراء والمرضى واليتامى وغيرهم من الطبقات الهشة للمجتمع بما يكفي من الأرز· لكن ''كويسترز'' لم يكن مستعداً لمواجهة حالة الارتباك التي سادت سوق الغذاء العالمي، ودفعت أسعار الأرز إلى عنان السماء بعد عمليات الاحتكار التي لجأ إليها الموردون والإقبال المتنامي للمستهلك على شراء المزيد· وهكذا عجز خمسة من الموردين الذين تعاقد معهم مكتب البرنامج العالمي للغذاء في كمبوديا على ضمان 4 آلاف طن من الأرز بعدمـــا ارتفعت الأسعار مقارنة مع تلك التي وقعت بموجبها العقود (390 دولاراً للطن الواحد)· وأمام هذا الوضع لم يجد ''كويسترز'' من حل سوى اللجوء مجدداً إلى السوق علّه يوفق في تأمين كميات كافية من الأرز والدخول في سباق مع باقي المستهلكين قبل ارتفاع الأسعار· وهكذا تقدم المكتب الذي يضم تسعين موظفاً من الكمبوديين بطلب عروض لشراء الأرز من الموردين، لكن الأسعار المقترحة وصلت إلى 620 دولاراً للطن، وهو ضعف الموازنة المخصصة لشراء الأرز· ولحسن الحظ وفي محاولة من السلطات الكمبودية لكبح جماح الأسعار وضمان استقرار الأسواق، فرضت الحكومة حظراً على تصدير الأرز، وهو ما ساعد المكتب العالمي للغذاء على تأمين كميات من الأرز بأثمان أقل وصلت إلى 520 دولاراً للطن· ومع ذلك اضطر المكتب إلى خفض حجم المشتريات من الأرز لتناسب الموازنة المرصودة من قبل الأمم المتحدة· ويتوفر البرنامج العالمي للغذاء على 18 مكتباً حول العالم، بالإضافة إلى المئات من العمليات المرتبطة بشراء الغذاء وتوزيعه على المحتاجين· وتقتصر مهام المكاتب والفروع على الاتصال بالموردين ومقارنة الأسعار، ثم عقد الصفقات للحصول على كميات مناسبة من الحبوب وبأسعار معقولة، وبعدها الاهتمام بالوسائل اللوجستية مثل النقل وإيصال الغذاء إلى المناطق البعيدة· وعن طبيعة عملها في المكتب الرئيس للبرنامج بروما تقول ''نيكول ميناج'': ''إننا نحرص على تحليل الأسواق من وجهة نظر الأمن الغذائي والتداعيات السلبية لتقلبات الأسواق على الشرائح الفقيرة في المجتمعات''· والتحدي الأول الذي يواجهه البرنامج العالمي للغذاء- كما تقول ''ميناج''- يتمثل في رصد أماكن إنتاج الغذاء بكميات وفيرة، وتحديد نوعيته، وما إذا كان مقبولاً في مناطق أخرى· وتؤكد ''ميناج'' أن عملية توزيع الغذاء ليست بالأمر الهين، فإذا كانت هناك دول في أفريقيا لا تهتم كثيراً لنوعية الحبوب المقدمة لها ولديها القدرة على تحويلها إلى غذاء يقي أبناءها منالجوع ويخفف عنهم الفقر، فإن بلداناً أخرى في آسيا يرتبط الغذاء عندها بالأرز دون سواه، وهو ما يحد من خيارات الأمم المتحدة· أما التحدي الثاني الذي يواجهه البرنامج العالمي للغذاء، فيتجسد في عامل الوقت، بحيث غالباً ما تستغرق عملية فتح العروض وتقييم الردود أكثر من ثلاثة أسابيع، وهو ما يؤثر على فرص الحصول على أسعار جيدة، فالأسعار لا تكف عن الارتفاع يوماً بعد يوم· وفي هذا الصدد تقول ''سنيجزا لوفاك'' المسؤولة عن تأمين الغذاء في مكتب أميركا اللاتينية: ''علينا أن نتحرك بسرعة لشراء ما يلزم من حبوب، لأن الأسعار تتغير باستمرار''· وما إن يتم قبول العروض والاتفاق على السعر حتى يبرز تحدٍّ آخر لا يقل صعوبة يتمثل في نقل المواد الغذائية وإيصالها إلى المحتاجين، لاسيما إذا كانت الحبوب ستوجه خارج البلد الذي اشتريت منه بسبب الحظر الذي تمارسه بعض الدول على تصدير الحبوب· وعادة ما تلجأ مكاتب البرنامج العالمي للغذاء إلى شراء الحبوب من البلد الذي تنوي توزيعه فيه، لكن وجود أسعار تنافسية في دول أخرى يرغم البرنامج على شراء الغذاء من الخارج· وعلى سبيل المثال، إذا كان المحصول الزراعي في كينيا ضعيفاً بسبب الجفاف، وارتفعت أسعار الذرة نتيجة لذلك، فإن المكتب الإقليمي للبرنامج العالمي للغذاء سيتجه إلى أوغندا المجاورة، حيث سيكون المحصول أفضل والأسعار أرخص، وهو ما تم بالفعل، إذ اشترى المكتب 210 آلاف طن من الحبوب من أوغندا، وقام بتوزيعها على منطقة البحريات العظمى في أفريقيا· دانا هارمان محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©