الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوقائع بأدوات وأساليب حديثة

الوقائع بأدوات وأساليب حديثة
21 ابريل 2010 20:24
بالنسبة إلى السينما الخليجية “اكتشفت أهمية المواضيع التي تطرقت إليها خصوصاً الاجتماعية والتي نقلت نبض الشارع الخليجي وعرفنا من خلالها أشياء لم يكن لدينا دراية بها، وأن هناك أفكارا جميلة لكن بلورتها في النهاية تعطي مدلولات إلى عدم وجود إمكانات مادية ومعرفة بقواعد السينما”. (جيلالي فرحاتي مخرج وممثل وسيناريست مغربي، رئيس لجنة تحكيم مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثالثة). حفل مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثالثة (8 ـ 14 أبريل الجاري) بعدد كبير من الفعاليات والأنشطة والتظاهرات السينمائية، فمن بين 194 فيلماً من 41 دولة، قدم المهرجان أفلاما تقع ضمن المسابقات الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، والأفلام القصيرة، وتنافس في المسابقة الرسمية 54 فيلماً للفوز بجوائز الفيلم الروائي الطويل (7 أفلام) والوثائقي (9 أفلام) والقصير (38 فيلماً)، في حين شهدت مسابقة أفلام الطلبة مشاركة 33 فيلماً من بينها 12 فيلماً وثائقياً و21 فيلماً قصيراً. كما شهدت الدورة تظاهرتين مهمتين من السينما العالمية هما “أضواء” و”تقاطعات”، حيث ضمت كل من هاتين التظاهرتين عددا من الأفلام الأجنبية التي قدمت تجارب مختلفة ومتطورة من السينما العالمية. هذا إضافة إلى ورشات العمل واللقاءات الحوارية بين المشاركين في المهرجان. وهنا إطلالة على جوانب من المهرجان. يقول رئيس المهرجان عبد الحميد جمعة “تمكن مهرجان دبي السينمائي الدولي عبر احتضانه لكثير من ثقافات العالم، من أن يوجد لنفسه مكانة بارزة في عالم المهرجانات الدولية، إن تميز مجتمع دبي بنسيج فريد من أكثر من 200 جنسية جعل منها الخيار الأمثل كنقطة التقاء للثقافات من مختلف أرجاء العالم. وخلال عمره الذي لم يتجاوز السنوات الأربع، تمكن مهرجان دبي السينمائي الدولي من ترسيخ أقدامه كواحد من أهم المحافل العالمية لاكتشاف كل ما هو جديد وفريد في عالم السينما العربية والعالمية. إننا نأمل في أن يسهم هذا المهرجان بكل ما يحمله من أفكار وإبداعات في خلق خطاب عالمي بنّاء من خلال لغة سينمائية راقية تخاطب القلوب والعقول وتناقش أبرز الموضوعات التي تحظى باهتمام إنساني مشترك. ويعكس مهرجان دبي السينمائي الدولي منظومة متناغمة من العمل الجاد تشارك فيها مختلف قطاعات المجتمع بما في ذلك الفنانين وأيضاً رجال الأعمال. إنها منظومة تدور أحداثها على أرض مدينة دبي بكل ما تحظى المدينة من تقدم اقتصادي وحضاري منحها موقعها المستحق كرائدة للتطوير ونبراس التقدم. نرجو أن يأتي مهرجان دبي السينمائي الدولي الرابع ملبياً لطموحاتكم نحو تجربة إبداعية فريدة تخدم في إثراء الحوار الحضاري وتساهم في مد جسور التواصل بين الشعوب. دبي وبغداد لو بدأنا بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة لوجدنا فيها سبعة أفلام، بدأت بعرض الافتتاح للفيلم الإماراتي “دار الحي” للمخرج الإماراتي علي مصطفى، الذي حاز جائزة لجنة التحكيم الخاصة في المهرجان، وحاز الفيلم العراقي “ضربة البداية” للمخرج شوكت أمين كوركي الجائزة الكبرى للمهرجان. فيلم “دار الحي” يغوص في عوالم من مدينة دبي، التي تعج بالبشر من كل الجنسيات والأديان والألوان في خليط بشري ندر أن يراه الزائر لغيرها من المدن في بقعه سكانية صغيرة جدا بالمقارنة مع غيرها من المدن العالمية. وهو يطرح مجموعة كبيرة من الأسئلة حول علاقات هذا الخليط البشري. يلتقي الإماراتي والهندي والألمانية في علاقة تجمعها حادثة سير، حيث راشد الإماراتي الشاب الحائر في مستقبله والذي يجمعه بوالده الثري وصاحب المكانة الاجتماعية خلاف على سلوكه ولامسؤوليته وعدم إدراكه ماذا يريد من الحياة ويتسبب له صديقه “خلفان” الطائش والمتهور بكثير من المشاكل التي تضع علاقته بوالده على المحك. أما “باسو” الهندي فهو سائق التاكسي الحالم بالغناء والشهرة في مدينة تمنح سكانها أمانيهم وأحلامهم، وهي شهرة تضطره للعمل في أحد بارات المدينة راقصا ومؤديا لشخصية هندية مشهورة ما يتسبب في طرده من عمله كسائق تاكسي. أما الحكاية الثالثة فتضعنا في عالم مضيفة الطيران الألمانية “ناتاليا” التي تعمل على الخطوط الجوية الإماراتية وتعيش في دبي، حيث تقع في غرام ألماني يدير شركة للإعلانات التجارية، وتعتقد أن علاقتها بابن بلدها ستحقق حلمها بالارتباط والإنجاب لكنها تكتشف أنه يخونها مع صديقتها في العمل ليكشف عن وجهه القبيح بعد أن يدرك حملها ورغبتها في الاحتفاظ بجنينها. أما فيلم ضربة البداية الذي سبق وشاهدنا نسخة منه في مهرجان دبي السينمائي، وكان قد حاز على جائزة المسيرة الجديدة من مهرجان بوسان الدولي للسينما، فهو ملحمة سينمائية أعاد المخرج صياغتها مجددا للمشاركة في هذا المهرجان، تدور أحداث الفيلم في ملعب عراقي لكرة القدم يعاني من الدمار، تعيش فيه 300 عائلة من اللاجئين، قاموا ببناء بلدة صغيرة من أكواخ الصفيح. حيث “آسو” هو الابن الأكبر لإحدى العائلات الكردية، وهو شاب مثالي يؤمن بالقيم النبيلة، يقوم بتنظيم مباراة لكرة القدم بين الصبية الأكراد والعرب من العراقيين الذين يعيشون في المخيم، وذلك سعياً للترفيه عنهم وعن أخيه الصغير من ناحية، ونيل إعجاب جارته الجميلة “هيلين “ من ناحية أخرى. ومع حلول الموعد المنتظر، تتحول حياة هؤلاء إلى فوضى رهيبة إثر حادث مأساوي. الرعب الخليجي من بين الظواهر اللافتة، شهد المهرجان عرض فيلمين من أفلام الرعب الخليجية الروائية الطويلة، هما السعودي “الشر الخفي” والإماراتي “لعنة إبليس”، الحكاية في “الشر الخفي” أبدعها وصاغها المخرج السعودي محمد هلال والذي يعمل في فيلمه منتجاً ومصوراً ومونتيراً وموسيقياً في تقليد اعتاد عليه أرباب السينما التجريبية، وحاول قدر الإمكان أن يختصر منها ليضعها في قالب مدته 94 دقيقة كأغلب أفلام الرعب العالمية. فيروي ثلاث قصص لثلاث عائلات تسكن في فيلا مسكونة بالأشباح، بعد بنائها هذه الفيلا على مقبرة إحدى العائلات، وكيف تتكاتف العائلات لمواجهة الأرواح الشريرة. ويقدم ماهر الخاجة في فيلمه “لعنة إبليس” حكاية مجموعة من السينمائيين تتوجه إلى الجزيرة الحمراء لاستكشاف المنطقة، لكن اختفاءهم يثير ضجة إعلامية في الصحف والمجلات والقنوات المحلية التي يصل مراسلوها إلى المكان بحثاً عن المفقودين. هناك، يبدأ الصراع بين الإنس والجن، والبحث عن الحقيقية المدفونة. وكان المخرج ماهر الخاجة قد فاز بتنويه خاص عن فيلمه “الغرفة الخامسة عويجة” في الدورة السابقة من مهرجان الخليج السينمائي. عالم السينما الحديث ضمن تظاهرة خاصة بالمخرج السينمائي الفرنسي فرانسوا فوجيل، شاهدنا 16 فيلما قصيرا تتراوح بين خمس وعشر دقائق، تمزج بين أساليب صناعة السينما التقليدية والوسائط الرقمية المعاصرة، ويعد فوجيل مصوراً رقمياً لامعاً بقدر ما هو مخرج سينمائي، حيث يتميز ببراعته في استخدام المساحات المكعبة، والمناهج ثلاثية الأبعاد، والعناصر حرة الحركة. تميزت أفلامه بقدر عال من التجريب في استخدام الكاميرا، حيث الأسلوب الغرائبي في تحريك المشهد واللعب بالثوابت الكلاسيكية للسينما. ويشتهر فوجيل بإبداعاته المتميزة ومهارته الكبيرة في التلاعب بالمساحة بين الموضوع والكاميرا، حتى عندما يستكشف في فيلمه فكرة جدية مثل عبثية الحروب. ولا شك أن أفلامه ستكون بمثابة نقطة مرجعية في عالم صناعة السينما الحديث، وستشكل مصدر إلهام لصناع السينما في المنطقة، للنظر إلى ما هو أبعد من الحدود السائدة، ولكن عدم استيعاب تجربته قد يدفع المغامرين إلى العبث واللاجدوى، لصعوبة التوصل إلى هذا النمط الجديد من العمل. فهناك ملحوظة بارزة بين متابعي عروض المهرجان من الأفلام الخليجية، إذ يرى رئيس لجنة التحكيم جيلالي فرحاتي أن نقطة الضعف الأساسية في أعمال السينمائيين الخليجيين المشاركة في المهرجان “هي عدم التحكم في الأدوات السينمائية كما قلت، أما عنصر السيناريو فأرى أنه ليس مشكله الفيلم الخليجي فقط بل هو سمة عامة للفيلم العربي، فالسينما فيها مكونات متعددة مثل الإيقاع والتركيب والحكاية والتمثيل والصورة التي هي منبع الأساس للعملية كلها، وبطبيعة الحال تنويه الصورة يعني أن يكون الحوار قصيرا، لكن ملاحظتي على الأفلام الخليجية أنها وقعت في فخ الثرثرة التي يجب التخلص منها والاهتمام بالصورة ثم الصورة التي تعتبر اللغة الأولى في صنع أي سينما”. ومما يلفت الانتباه أيضا تنويه لجنة التحكيم ورئيسها بالصورة أو التعامل مع الموضوع أو الأداء، ومن ضمن التنويهات السلبية التي يجب على صانعي الأفلام الالتفات إليها، قيام شخص واحد بأكثر من مهمة (الإخراج، كتابة السيناريو، التصوير، المونتاج) وهو موقف صعب يعبر عن عدم وجود التخصص الذي يضفي على العمل أكثر من مهارة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©