الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

التسول في الأردن مهنة عصابات منظمة

التسول في الأردن مهنة عصابات منظمة
10 يوليو 2009 01:47
ينتشرون على قارعة الطريق بثياب رثة بالية، يحملون وثائق مزورة تدلل على عوزهم للطعام أو العلاج.. يستعطفون بالأدعية للحبيبة والزوجة وطول العمر. يغيرون أماكن وجودهم بحسب طبيعة الموسم، فتراهم في شهر رمضان أمام المساجد، وفي الصيف في الأماكن السياحية التي تعج بالخليجيين. التسول في الأردن يحمل معه كثيراً من الأسرار، وكثيراً منهم ينعم بثروة كبيرة ويعيش شخصيات متعددة، فتراه متسولاً في الشارع وفي حيه يملك عمارة وسيارة. ومن أغرب حكايات التسول إلقاء وزارة التنمية مؤخراً القبض على عجوز سبعيني ينام في مغارة قريبة من الساحة الهاشمية وسط العاصمة عمان، واكتشفت التحقيقات أنه «أب لستة أطفال يمتهنون التسول، يشترى بحصادهم اليومي المشروبات الروحية ويعتدي عليهم جنسياً مهدداً إياهم بالقتل في حال عصى أحدهم أوامره». وبحسب مدير مركز استقبال المتسولين في وزارة التنمية الاجتماعية خالد الرواشدة فإن «التفكك الأسري أحد أبرز أسباب التسول بين فئة الأطفال، ففي بعض الحالات يكون الأب مدمناً للكحول أو المخدرات أو صاحب سوابق، ومهملاً في حقوق أسرته، ويقع على عاتق الطفل واجب الإنفاق على الأب المدمن». ويكشف الرواشدة أن غالبية المتسولين «لا يرون في مهنتهم عيباً، فهم اكتسبوا المهنة منذ طفولتهم والتسول ثقافتهم التقليدية». ويشير إلى أن «المتسولين قناصون مهرة، يختارون الأوقات المناسبة لأداء عملهم، ويتقنون قراءة ملامح وجوه الناس الذين يقبلون بالدفع لهم، فهم يعرفون فريستهم تماماً» . وتعد الأماكن الراقية الأكثر رغبة لدى المتسولين، ووفقاً للرواشدة «تراهم في أحياء عمان الغربية، الصويفية، عبدون، والأماكن الترويحية والسياحية، الإشارات الضوئية، المستشفيات الخاصة، ومجمعات السفريات والمساجد». وامتهان التسول قضية تقلق السلطات الأردنية لأنها بحسب مسؤولين تشوه الصورة السياحية للبلاد، وتسعى السلطات عبر أجهزتها إلى محاربة الظاهرة لكن جهودها غالباً ما تبوء بالفشل. ويقول الرواشدة «ألقينا القبض على عجوزين أكثر من خمسين مرة وعوقبا بالغرامة والسجن إلا أنهما عاودا التسول». وينص قانون العقوبات الأردني على حبس المتسولين لأول مرة «مدة لا تزيد على 3 أشهر أو أن تقرر المحكمة إحالته إلى مؤسسة مختصة من قبل وزير الشؤون الاجتماعية للعناية بالمتسولين لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات. وفي المرة الثانية أو ما يليها يعاقب المتسول بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة». ووفقاً للدراسات الاجتماعية والاقتصادية التي تجريها وزارة التنمية الاجتماعية على المتسولين فإن أبرز أسباب التسول هو «الامتهان» وليس الحاجة المادية. وبحسب مركز استقبال المتسولين التابع لوزارة التنمية الاجتماعية فقد عثر مع أحد المتسولين العام الماضي، لحظة احتجازه، دفتر حساب بنكي بقيمة (70) ألف دولار. ووجد في جيب متسول آخر كفيف عشرة آلاف دولار. وكشفت دراسة حالة متسول ثالث بأنه «يملك سوبر ماركت بقيمة 45 ألف دولار و 3 باصات خصوصية صغيرة». ويؤكد الرواشدة وهو أيضاً، مسؤول برنامج مكافحة التسول والتشرد في وزارة التنمية، أن ظاهرة انتشار المتسولين تزداد في موسم الصيف. وبين الرواشدة أن عدد حالات التسول التي ألقي القبض عليها منذ بداية العام الحالي بلغ (800) حالة تسول. وأحيلوا إلى المحاكم المختصة والحكام الإدارية لاتخاذ الإجراء القانوني الملائم. وقال إن «الطرق التي يتبعها المتسولون متعددة، بدءاً من ادعاء المرض وإظهار عاهات حقيقية وأخرى مصطنعة، وتقارير طبية بعضها حقيقية وأخرى مزورة. وصولاً إلى التستر ببيع السلع التافهة كالعلكة بين المارة والسائقين بطريقة مزعجة. وحول طبيعة المتسولين، أفاد الرواشدة أن 75% من المتسولين ممتهنون للتسول، و50% من النسبة السابقة هم شريحة من الشرائح التي تعتبر التسول جزءاً من ثقافتهم التقليدية التي لا تجد في التسول عيباً. أما بقية الـ 75% فهم نتاج بيئات فقيرة جاذبة للتسول. وكان الرواشدة قد كشف العام الماضي عن وجود عصابات منظمة للتسول يديرها «زعيم « ويقسم العمل بين أعضائها من أطفال ونساء على الإشارات المرورية والمساجد والأسواق. وفي نهاية اليوم يقاسمهم الأموال في مقابل حمايتهم وتوكيل محامين لهم في حال القبض عليهم. ولكبح جماح التسول، تنفذ الدوائر الحكومية حالياً حملة الصيف لمكافحة التسول للعام الحالي، والتي تنتهي في شهر تشرين الثاني المقبل. وتتضمن الحملة انتشار حافلات حكومية غير معروفة في الفترات الصباحية والمسائية. واجتماعيًا تفسر ظاهرة التسول في شهر رمضان بأسباب عديدة يشرحها الدكتور علم الاجتماع محمد جرابيع بأن «خصوصية الشهر الفضيل والمعاني الدينية والروحية القائمة على الإحسان والتراحم تضاعف انتشار هذه الفئة، فتعد فترة استثمار وكسب جيدة لتضاعف دخلهم وكسبهم غير المشروع، فيما «يفرق الشرع الإسلامي بين المتسول المحتاج وغير المحتاج». غير أن الدكتور جرابيع يعتقد أن «الإجراءات المطبقة من الجهات الحكومية لا تزال عاجزة على حل المشكلة من جذورها والدليل على ذلك تزايد أشكال التسول وأعداد المتسولين من مختلف الفئات العمرية». ويستدرك أن «المواطن يساهم كذلك في زيادة هذه الظاهرة بحكم مساعدة غير المستحقة «لأن الفقير المحتاج يلزم منزله». ويعيش نحو 11.7% من سكان الأردن، البالغ عددهم ما يزيد على خمسة ملايين نسمة، تحت خط الفقر، وتضع الحكومات المتعاقبة في الأردن قضية الفقر والبطالة على سلم أولوياتها، من خلال تطبيق مبادرات تمت بناء على توصيات استراتيجية للتخفيف من حدة هذه المشكلات وما ينتج عنها من تداعيات اجتماعية خطيرة
المصدر: عمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©