الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد العالمي.. والحاجة لإجراءات طويلة الأجل

28 مايو 2016 22:36
في الوقت الراهن، وبوتيرة آخذة في التزايد، يعترف مسؤولو الدول الكبرى، سواء كان ذلك من خلال إشارات أثناء اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى هذا الأسبوع، أو من خلال نتائج آخر جولة مفاوضات أوروبية بشأن اليونان، أن المشكلات التي تواجه اقتصاداتهم، تتطلب استجابة جديدة مسؤولة، تحل محل الأدوات المالية المحدودة، القصيرة الأمد، التي طال استخدامها. وهذا الاعتراف ظل وقتاً طويلاً في طور التكوين، وهو إلى جانب ذلك- خصوصاً لو حكمنا عليه من واقع الغياب المؤسف لخطط عمل مفصلة وموثوق بها- يحتاج إلى وقت حتى يمكن ترجمته في صورة تقدم ملموس على الأرض. قبل اجتماع الدول السبع الكبرى في اليابان، أشارت عدة دول من المشاركين فيه إلى أنها تدرك، أن المواقف السياسية الفردية والجماعية التي تتخذها في حاجة إلى تطوير. في هذا السياق حذرت ألمانيا من الاعتماد المتزايد على البنوك المركزية مؤكدة في الآن ذاته على الحاجة لإجراء إصلاحات هيكلية. ومن جانبها حثت كندا واليابان على استخدام السياسات المالية بطريقة أكثر جسارة وابتكاراً، كما حذرت الولايات المتحدة اليابان من مغبة التدخل من أجل تخفيض قيمة عملتها «الين». في بداية هذا الأسبوع توصل الشركاء الأوروبيون المهتمون بالشأن اليوناني، إلى استنتاج مؤداه أنهم في حاجة إلى التأكيد بشكل أكبر على موضوع تخفيف عبء الديون التي تثقل كاهل هذه الدولة ذات الاقتصاد المنهك، بحسب مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي اشترط عدم ذكر اسمه. وقال ذلك المسؤول أيضاً، إن تلك الدول قد قبلت أيضاً بالمنهجية، التي ستستخدم في معايرة مقدار الدين المطلوب إعفاء اليونان من سداده. وهذه التطورات الملحوظة، تعكس تطوراً مهماً في الذهنيات، التي باتت تتحول الآن وعلى نحو أكثر حسماً، تجاه النظر في الأوضاع البنوية والعوامل الطويلة الأجل، وتبتعد عن التركيز المفرط على الاعتبارات المتغيرة دورياً. وهذا التحول مدفوع في الحقيقة بثلاثة تطورات: النمو الاقتصادي المخيب للآمال على نحو متكرر، على الرغم من سياسات التحفيز النقدي الاستثنائية، وحزم الإنقاذ المذهلة كما في الحالة اليونانية، والمخاوف من أن المنافع التي تتحقق من خلال الانخراط غير التقليدي للبنوك المركزية يضيع تأثيرها بسبب المخاطر المتصاعدة للأضرار الجانبية والعواقب غير المقصودة، والاعتراف بأن السياق السياسي بات، وعلى نحو مطرد، أكثر تعقيداً. يأمل المرء أن يؤدي مثل هذا التفكير لتنفيذ إصلاحات هيكلية داعمة للنمو، وإلى إصلاح ضريبي مصحوب بتقشف مالي مخفف، وإلى تخفيف من أعباء الدين للشرائح التي تعاني من عبء الديون الباهظ، وتنسيق فعال للسياسات على المستوى العالمي. مع ذلك فإن ترجمة الوعي الجمعي المتعاظم بهذه الحقائق، إلى تصرفات موثوقة تظل- وإلى حد يدعو للإحباط في الحقيقة- عملية غير منظمة تفتقر إلى التنسيق. فإذا ما أخذنا حالة اليونان على سبيل المثال، فسوف نجد أن الاعتراف الذي تأخر كثيراً – وغير الكافي مع ذلك- من جانب الدائنين الأوروبيين بأن تخفيف عبء الدين على اليونان، أمر ضروري للغاية، لم يترجم إلى خطة عمل واضحة في الواقع. نتيجة لذلك، لا يبدي الصندوق رغبة في تقديم قروض لدعم تفاهم الحل الوسط، الذي تم التوصل إليه بشأن اليونان خلال هذا الأسبوع. في الآن ذاته، من غير المرجح أن تتبنى مجموعة الدول السبع الكبرى، موقفاً سياسياً مختلفاً كثيراً عن موقف الصندوق، بمجرد أن يعود المسؤولون إلى عواصم بلادهم. مع ذلك فإن الوعي المتعاظم بهذه الحقائق في حد ذاته، يعد مكوناً حيوياً من مكونات عملية تكيف الذهنيات وتغيير المسارات، ما يعني في جوهره أن هناك أملاً في أن الاقتصادات المتقدمة تقترب تدريجياً من وضع استجابة سياسية شاملة- طالت الحاجة إليها- موضوع التنفيذ، وإذا لم يتحقق ذلك في هذه المرة فقد يتحقق في المرة القادمة، وإن كان يتعين القول، مع ذلك، إن الزمن لا يعمل لمصلحة تلك الاقتصادات. من دواعي القلق الناتج عن المعوقات البنيوية للنمو، أنه كلما طال التأخر في معالجة تلك المعوقات، كلما تمكنت من ترسيخ جذورها على نحو أعمق في النظام، مما يقلل من درجة فعالية ومقدرة أي استجابة سياسية. وهذه العواقب الاقتصادية المقلقة، يفاقم منها الأحوال السياسية السائلة. فالحركات المناوئة للمؤسسة، تستفيد من التاريخ الحديث للنمو غير الكفؤ الذي تراكمت الفوائد المحدودة المتولدة عنه في أيدي شريحة صغيرة (موسرة أساساً) من السكان. وفيما ينتظر النظام الإجراءات السياسية، فإن ديناميكيات اللعبة السياسية يمكن أن تؤدي لحدوث المزيد من التآكل في الأحزاب السياسية الراسخة، مع القيام في الآن ذاته بتقليص احتمال صنع السياسات البناءة من قبل الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة. في الآن ذاته، نجد أن البديل المتمثل في الانتقال الجذري لتنفيذ السياسات الأكثر تطرفاً التي تدعو إليها الأحزاب المناوئة للمؤسسة- سيتم على الأرجح احتواءه من قبل الضوابط والتوازنات الموجودة في النظام. الاقتصادات المتقدمة تستحق التهنئة على إبدائها الرغبة في إدماج جرعة أكبر من الاعتبارات البنيوية والطويلة الأمد في مداولاتها الاقتصادية، ولكن على تلك الدول أن تعلم أن كل ربع من أرباع العام المالي ينتظرونه قبل تفعيل إجراءات موثوق بها وشاملة، سيفاقم من صعوبة عملية إزالة المعوقات التي تقف حجر عثرة في وجه النمو الشامل وتجعل السياق السياسي أكثر تعقيداً في الآن ذاته. *رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©