الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصـــــائــر الأطــفـــال

17 ابريل 2017 22:30
كان منظراً صادماً أطل علينا، صور احتضار وموت الأطفال نتيجة استخدام الغازات والقنابل الكيماوية المحرمة من قبل النظام السوري «وكما تعود دوما ومنذ سنوات»، فالقتل والجريمة واحدة مهما استخدم فيها من سلاح، منظر هز الضمير الإنساني قليلاً، كما لم نره منذ زمن طويل، وسارعت أميركا بضربة جوية للقاعدة الجوية التي خرجت منها الطائرات التي ألقت بهذه القنابل الكيمياوية المحرمة، ولم يصدر من مجلس الأمن والمرتهن دوماً لمصلحة الفيتو، قرار بالإدانة وكعادته ودوماً.. هكذا هي الحال في عالم متعدد الأقطاب المتخالفة. منظر صادم آخر أطل علينا، قوافل من النسوة والعجائز والعديد العديد من الأطفال بمختلف الأعمار، يمشون حفاة في طريق موحل وسط البرد القارس والأمطار، هاربين من الموصل، المدينة المحترقة تحت نيران غطاء التحرير طلباً للنجاة، ولكن المنظر الأكثر مأساوية هو منظر جنود يحملون فوق أكتافهم أطفالاً تائهين، ينادون بهم على الناس عساهم يتعرفون عليهم، ولكن دون جدوى، فطريق الهروب نحو النجاة ليس فيه فسحة للتوقف والإبطاء. بات من الطبيعي أن يتكرر هذا المشهد ودوماً ومنذ سنوات، فقد تكرر في مدن محافظة الأنبار وديالى وصلاح الدين، وتكرر أيضاً في كل المدن والقرى المدمرة في سوريا واليمن وليبيا، وأصبح مرثية يومية، وحائطاً للبكاء. هم أطفال فقدوا الأم والأب والأهل، بعضهم لم يبلغ سن الفِطام، ضاعوا وسط الضجيج والقنابل والدمار، منهم من مات ذووهم، والبعض منهم باتوا في عداد المفقودين، ومن بين هؤلاء الأطفال ضحايا السبي المنظم على أيدي مسوخ داعش والمليشيات، يذكرنا بالمئات من الأطفال الذين كانوا ضحايا ونتيجة الاغتصاب الجماعي للفتيات والنسوة المسلمات في البوسنة منذ سنوات، وكأن التاريخ يعيد نفسه ومن جديد، فالإرهاب واحد مهما تغيرت الوجوه والأماكن والأسباب. سنوات طمست الكثير من ملامح هذه المدن العربية الأصيلة الضاربة في عمر التاريخ وغيرتها ربما إلى غير رجعة، وهو ما مطلوب وتم به المراد، لتلحق الموصل بمصير أخواتها من الحواضر والمدن التي دمرت في تلك البلاد. لو أن الأمر اقتصر على تدمير البنيان لهان، ولكنه أكبر وأعمق وأخطر من ذلك بكثير، إنه تدمير ممنهج، للحضارة والمدنية ومن قبلهما الإنسان، يدعو إلى الأسى والحزن والضياع، وإلى الآن لم تعلن الموصل ولا أي مدينة في سوريا وليبيا واليمن مدناً منكوبة، ولا زلنا نبحث وننادي على الضمير الإنساني العالمي، ويبدو أنه أيضاً كما هؤلاء الأطفال ضاعوا، ضاع..!؟. هل هي نظرية مالثوس المأفونة تطل علينا بوجهها من جديد، ليكون إقليمنا وبلداننا وبالتحديد، حقل تجارب لها، بعد سبعة عقود مرت على آخر حرب عالمية، لتخلق عالماً جديداً يخرج من بين بين الأنقاض والموت والدمار؟!. لقد ذهب هؤلاء الأطفال الذين لم يتعلموا المشي بعد، ضحية التسويات والترضيات والتي تتم على حساب حياتهم، وهم يحْبُون بخطى صغيرة نحو مصير مظلم ومجهول .. وها نحن نقرأ كل يوم وبتوكيد وتكرار، موت الضمير العالمي في «القلب والرأس»، وبقي فقط على شكل كلمات وخطب ومقالات ودراسات محفوظة تتنقل بين «دُرْجٍ وكُرَاس». مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©