الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اكتشاف مواقع أثرية هامة في «الدور» بأم القيوين

اكتشاف مواقع أثرية هامة في «الدور» بأم القيوين
8 مارس 2011 19:28
بدأت الاكتشافات الأثرية في إمارة أم القيوين عام 1970 حيث قامت بعثة المسح الأثرى العراقية التي كانت تعمل تحت إشراف إدارة الآثار والسياحة في العين باكتشاف عدة مواقع أثرية في الإمارة أهمها موقع «الدور»، ثم عادت بعد ذلك للعمل عام 1974م لمدة موسم واحد فقط. يبعد «الدور» كيلومترا واحدا من خور ضحل يعرف بخور البيضاء الذي قد يكون مرفأ للسفن في العصور الغابرة، وتبلغ مساحة الموقع نحو 4 كيلومترات، ويوجد غرب الموقع كميات من الأصداف وعظام الأسماك والتي تحدد الساحل القديم للموقع. وشيد مرفأ «الدور» بجانب منطقة مليحة بإمارة الشارقة، وشكل موقعاً هاماً في جنوب الخليج العربي، وكانت هناك اتصالات وعلاقات متينة بين الموقعين، إذ أن «الدور» هي الميناء والمورد الغذائي عن طريق البحر، في حين ركزت مليحة على المنتجات الزراعية والمواد الاستهلاكية الأخرى، التي ليست متوفرة في «الدور». يقول الشيخ خالد بن حميد المعلا مدير دائرة الآثار والتراث بأم القيوين، إن موقع «الدور» قد يكون تأسس في أواخر القرن الأول (ق . م) أو بداية القرن الأول الميلادي، ويصل مساحته عدة كيلومترات مربعة، ويقع فوق كثبان رملية يصل ارتفاعها إلى أثنى عشر مترا، وتطل على خليج (خور البيضاء)، الذي أصبح اليوم مليئا بالطمي، وتؤكد الكتابات والعملات المعدنية التي وجدت في الموقع على استخدام اللغة الآرامية بالرغم من استخدام اللغة العربية البدائية وأبجدية خاصة، بجنوبي الجزيرة العربية فيما يتحمل في تلك الفترة. وأضاف إن الموقع شهد استيطاناً حضارياً امتد من 2 إلى 3 كيلومترات، وقد وجدت فيه الأواني الفخارية منتشرة لعدة كيلومترات خارج الموقع، بالرغم من وجود أدلة على الاستيطان تعود إلى الألف الثالث «ق. م»، إلا أنه ظل خالياً لعدة قرون بعد ذلك. وأشار إلى إنه ما يميز «الدور» هو موقعه على الساحل، فقد شكلت مركزاً تجارياً حيوياً بدليل بعض المكتشفات التي تم عثرت عليها فرق التنقيب خلال تواجدها في الموقع، إلا إن التسمية التي عرفت فيها المستوطنة لم تحدد بصورة قاطعة بعد، ومن المحتل أن تكون مرفأ (عمانه) الذي أشار إليه المؤرخ الروماني (بلايني) بأنه شكل أحد مرافئ الخليج العربي. وتابع: أظهرت الاكتشافات التي عثرت عليها البعثة العراقية أهمية موقع «الدور» حيث قامت أربع بعثات أجنبية من الدنمارك وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا باستكمال عمليات التنقيب في ذلك الموقع تحت إشراف ودعم حكومة أم القيوين، وبدأت تلك البعثات أعمالها في عام 1987 وانتهت عام 1990م، فيما عدا البعثة البلجيكية والتي استمرت في التنقيب حتى عام 1994م. غموض « الدور» ولفت الشيخ خالد بن حميد المعلا إلى إن الأسم ظل غامضاً حتى بعد عدة حملات استكشافية، وبقى هذا الاسم محل نقاش وجدال بين المؤرخين، ومع ذلك فإن ازدهار موقع الدور قام على أساس التجارة الدولية. وقال إن مستوطنة «الدور» أُهلت في الأصل بالسكان خلال القرن الأول وأوائل القرن الميلادي، وتم العثور على عدد من المكتشفات الهامة والمعاصرة لتلك الفترة، فقد نقب الفريق العراقي عن حصن مربع الشكل يبلغ طول أضلاعه عشرين متراً تقريباً تقوم على زواياه أبراج مستديرة، وهو أول فريق يكشف عن الأهمية التي حظي بها الموقع، ويوجد داخل الحصن مبنى مستقل شبة مربع يتألف من حجرتين، إضافة إلى سياج آخر بني قبالة الحائط الشرقي. حوار الحضارات كما اكتشف مبنى رئيسي آخر نقب عنه البروفيسور (أيدي هيرنك) عن جامعة غينت البلجيكية رصف بأنة معبد الإله السامي ( شمس) استناداً إلى الحوض المكتشف فيه والنقش علية اسم شمس باللغة الآرامية ومازالت جدرانه مرتفعة حوالي مترين ويميزه شكله المستطيل، إذ تبلغ أبعاد 8 في 8.30م. وقد كسيت جدرانه الخارجية بالجص على نحو بالغ المهارة أحاطت بمداخله الزخارف التزينية، إما كتلة الحجارة الضخمة التي وجدت في وسط المبنى والتي يرجع أنها جاءت أصلا من أحد مدافن حقبة أم النار، ووصفت بأنها مزيج محتمل، في حين تنتصب خارج المبنى ثلاثة مذابح أخرى مبنية من الصخور شاطئيه أصغر حجماً متوفرة محلياً، وعلى مقربة من هذا المبنى بئر دائري مرصوف بالحجارة يبلغ عمقه ستة أمتار. ومن ضمن المكتشفات التي عثر عليها داخل المعبد مصباح برونزي زيتي يحتمل أن يكون روماني الصنع، ويعتبر المعبد بنموذج للمباني الدينية المعروفة في تلك الفترة في الجنوب الخليج العربي. وأضاف أن الحصن والمعبد يمثلان المراكز الإدارية والدينية لسكان «الدور»، بالإضافة إلى إن الحفريات التي قام بها الفريق الأوروبي سمحت بتحديد مجموعة من المنازل الصغيرة والمصاطب الحجرية التي لربما اتصلت بالعادات الجنائزية المحلية. مدافن وأوضح الشيخ خالد المعلا إنه تنتشر في أرجاء الموقع ووسط المنازل عدد من القبور يشكل بعضها مدافن فردية بسيطة لا تحوي سوى القليل من المواد الجنائزية، ودفنت الجثث مباشرة في الرمال، وتعرضت معظم المدافن الجماعية للنهب في الأزمنة الغابرة، إلا أن واحد منها تم التنقيب عنه عام 1990م، والذي زودنا بالمعلومات الوافية عن طقوس الدفن التي اتبعها السكان، ويبلغ أبعاد حجرة الدفن نفسها (1.70-2.70م) ويصل ارتفاعها الأقصى إلى (2.20م) لغاية قاعدة سقفها المقنطر الذي يرتفع حوالي 40 سم عن سطح الأرض المحيطة به. أما الباب المؤدي إلى الحجرة، فحكم الإغلاق بكتلة واحدة من الحجارة ومكسو الجص، في حين ترى خارج الباب سوراً منخفضاً مستطيل الشكل أضيف لاصقاً بعد بناء القبر، وتشمل الأدوات الجنائزية على أفضل مجموعة وجدت حتى في دولة الإمارات العربية المتحدة من الأواني الزجاجية القديمة واغلبها روماني الصنع، إضافة إلى السيوف الحديدية ورؤوس الحراب والخناجر والأدوات التي تنتمي إلى طراز شرقي البحر المتوسط والتي تضم مناخل وطاسات ومغرفة. أما سائر المكتشفات فشملت على 500 خرزة بما فيها اللآلئ والعقيق الأحمر، بالإضافة إلى خرزة واحدة على هيئة الجعل (خنفساء سوداء) لعلها من أصل مصري، وكذلك العثور في القبور التي تتعرض للاضطراب على كؤوس زجاجي كبيرة ومجموعة أوعية. وأكد المعلا إن العلماء استنتجوا أن مستوطنة «الدور» قد تضم بآسرها ما يعادل عشرين ألف قبر وهو اكبر عدد من القبور حواة أي موقع من مواقع الجزء السفلي من الخليج العربي. الفخاريات كما عثر المنقبون عن كمية هامة من الفخاريات تشكل دليلاً على العلاقات التجارية التي أقامها السكان، وتثبت الأدوات المستوردة من روما وشرقي البحر الأبيض المتوسط قيام العلاقات التجارية من الغرب، فيما تشهد كمية ضئيلة عن الأدوات الهندية المطلية بالأحمر على قيام روابط مع الشرق، وإلى جانب العملات المعدنية الكثيرة المصنوعة محلياً أدنى شرق الجزيرة العربية والتي تحمل العديد منها اسم (أبى آيل) وبعضه مصنوع أصلاً في دار ضرب العملة المفترض وجودة في مليحة، عثر أيضا لقى سطحية يرجع اصلها إلى المدينة روما ومملكة شاكس في الطرف الشمالي من الخليج العربي. ويبدو أن بعض الأدوات الفخارية قد صنع محلياً، ومن ضمن أكثر الأنواع شيوعاً أوان ثقيلة سوداء الحافة استخدمت كجرار كبيرة لحفظ مختلف المواد، وساعدت بدورها في تحديد عمر الخزفيات المتناثرة على سطح في أجزاء أخرى من الإمارات العربية المتحدة. تماثيل ومعابد قالت علياء محمد الغفلي مديرة متحف أم القيوين بدائرة الاثار والتراث، والمشرفة على المواقع الأثرية في الإمارة، إن مستوطنة «الدور» يبدو أنها تقلبت في أعطاف الرخاء والازدهار خلال القرنين الأول والثاني ميلادي، وذلك قبل أن يفقد القسم الأكبر منها، وتبين أن طرف المستوطنة قد سكن في مراحل تالية ابتداء من (225م) تقريباً فوق قمة سلسلة الكثبان المشرفة على خور البيضاء. وأشارت إلى إن الحفريات التي تولاها فريق فرنسي برئاسة (اوليفية لوكونت) أدت إلى اكتشاف مبنى يغطي مساحة تزيد على 300م مبنى سكني بدليل أنه عثر في أرضية إحدى الغرف على جثة رجل دفنت فيها. كما نقب أيضا عن هيكل عظمي لجمل لاشك أنه قدم ضحية في إحدى الممارسات الشعائرية، إضافة إلى سيف حديدي ودفن بجانبه وخارج المبنى، ووجد عدد من الحفر القليلة العمق أودعت فيها أوان زجاجية وفخارية وأسماكاً ومحاراً وعظام خراف وماعز يرجح أنها كانت تقدم من الطعام للأموات. وأضافت علياء إن البعثة عثرت خارج المبنى مباشرة على تمثالين حجريين منحوتين على شكل طائر النسر من دون رأس يشبهان تماثيل وجدت في معبد (الحضر) قرب الموصل شمال العراق، وكذلك مكتشفات عثر عليها في جنوب الجزيرة العربية. ولفتت إلى إن المبنى اكتسب صفة دينية هامة خلال الفترة الأولى من الاستيطان، وبما أنه أحدث عهداً ويختلف في تصميمه ومكتشفاته اختلافاً بينا عن معبد وجد في مكان آخر في الموقع، ويرجعانه استخدم من قبل أفراد ذوي معتقدات دينية مختلفة، وتفيد إحدى الافتراضات التي طرحها البرفيسور (دان بوتس) أن المبنى استخدم للعبادة الآلة التي سادت قبل ظهور الإسلام.
المصدر: أم القيوين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©