الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان... هل كسبت المعركة ضد «طالبان»؟

باكستان... هل كسبت المعركة ضد «طالبان»؟
20 ابريل 2010 23:05
منذ عام، كانت هذه المدينة الحدودية والمناطق المحيطة بها واقعة تحت حصار "طالبان". ولكن الأمور هنا تغيرت بشكل جذري على مدى الاثني عشر شهراً الماضية، على نحو يصب في مصلحة المجهود الأميركي في أفغانستان. وبالإضافة إلى ذلك قامت القوات المسلحة الباكستانية بشن هجوم كبير ضد "طالبان" في المناطق القريبة على امتداد حدود البلاد مع أفغانستان. ويدعي بعض المسؤولين والخبراء الأميركيين أن العسكريين الباكستانيين يلعبون لعبة مزدوجة، حيث يهاجمون "طالبان باكستان" التي تهدد الدولة الباكستانية، وفي الوقت نفسه الذي يتجنبون فيه مهاجمة "طالبان" أفغانستان التي ترتبط معهم بروابط وثيقة منذ مدة طويلة، ويرون أنها ستكون عنصراً حاسماً في أية محادثات سلام ستجرى في أفغانستان. غير أن تلك الحجة تتغاضى عن حجم التغير الذي طرأ على موقف العسكريين الباكستانيين تجاه "طالبان" أفغانستان، كما تصرف الاهتمام عن المكاسب الكبيرة التي حققوها على الأرض. وقد قال لي مسؤول عسكري أميركي كبير في معرض حديثه عن العسكريين الباكستانيين: "يجب أن نظهر لهم ما يستحقونه من عرفان على ما فعلوه... فمن المؤكد أنهم لا يتجنبون ضرب الملاذات الآمنة في باكستان". وفي لقاء اتسم بالصراحة أجريته مع الجنرال "طارق خان" قائد فيلق الحدود الباكستاني، في مقر قيادته الواقع داخل قلعة "بالا هيسار" قال لي ما نصه: "منذ عام كان الطريق الذي تمر منه قوافل الناتو معرضاً للتهديد حيث تم اختطاف 50 شخصاً، واستولت طالبان على (دير) وبدأت في التدفق على (بيونر) التي لم تكن تبعد عن العاصمة إسلام آباد سوى 60 كيلومتراً، علاوة على أن وادي سوات التاريخي كان تحت حكم طالبان بالفعل التي بدت حينئذ وكأنه لا يمكن إيقافها". ولكن ما حدث حينئذ هو أن "طالبان"، تجاوزت حدودها، وألغت صفقة سلام كانت قد أبرمتها مع الحكومة الباكستانية، وهو ما أدى إلى انقلاب الرأي العام عليها، الذي كان ينظر إلى الحرب التي تشنها قوات الحكومة ضد "طالبان" من قبل على أنها حرب تدور بالنيابة عن أميركا. وفي البداية قام الجيش الباكستاني وقوات حرس الحدود بتطهير وادي سوات وغيره من المناطق القبلية، ثم شن هجوماً كبيراً في جنوب وزيرستان دمر خلاله قواعد "طالبان"، وأسلحتها الثقيلة، ووسائل اتصالاتها.. مما أجبر الكثير من المقاتلين والقادة الرئيسيين على الفرار إلى شمال وزيرستان، ولكن الطائرات الأميركية من دون طيار من طراز "بريداتور" ألحقت بهم خسائر فادحة. ولذا فإن "الخوف الأساسي زال الآن" كما يقول "مالك نفيد خان" المفتش العام للشرطة في الولاية الحدودية الشمالية الغربية (التي أعيدت تسميتها مؤخراً لتصبح "خيبر- باشتونخوا" نزولاً عند رغبة البشتون). فالناس هناك يستمعون الآن للموسيقى، ويرقصون في الاحتفالات مجدداً، وهي أشياء كانوا محرومين من القيام بها عندما كانت "طالبان" تسيطر على مناطقهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن الجامعة الرئيسية في المنطقة نظمت عرض أزياء كبيراً الأسبوع الماضي. ويقول الجنرال "خان" إنه في الوقت الذي سيقوم فيه العسكريون بتطهير المزيد من المناطق فإن الناس ستزداد ثقة بالنفس وسيقوم وجهاء القبائل بإطلاق جماعات "لاشكر"... مشيراً بذلك إلى قوات الدفاع الذاتي التي يتم في الوقت الراهن تكوينها بالآلاف. ولكن كل هذا لا يعني أن القتال قد انتهى فالواقع أنه بعيد تماماً عن ذلك، كما يبدو جليّاً من منظر تلك الكومة من الحديد المحترق والملتوي الموجودة في الموقع الذي هاجم فيه رجال "طالبان" القنصلية الأميركية في بيشاور الأسبوع الماضي، ولا يزال قطاع من الجمهور الباكستاني يبدي حتى هذه اللحظة تعاطفاً مع "طالبان أفغانستان" والجماعات المسلحة التي تزداد خطورة على الدوام، والتي تستهدف الهند بهجماتها انتقاماً من موقفها بشأن كشمير. ومع ذلك فإن التحول الإجمالي في موقف الجمهور تجاه الأصوليين الباكستانيين يبدو تحولا نهائيّاً ولا رجعة فيه. وهذا التحول يعكس نفوراً من الهجمات الانتحارية، والأساليب الخشنة التي تتبعها تلك الجماعات. (يشير المسؤولون الباكستانيون إلى أن 2677 ضابطاً منوطا بهم فرض القانون، و5288 مدنياً قد لقوا مصرعهم في القتال الدائر في وادي سوات والمناطق القبلية منذ عام 2007). وفي رأيي أن الأمر يستحق بعض الصبر عندما يقوم الباكستانيون بمقاومة الضغط الذي تمارسه عليهم الولايات المتحدة لفتح جبهة جديدة في شمال وزيرستان للقضاء على زعماء شبكة "حقاني" التابعة لـ"طالبان" أفغانستان، التي تستخدم المنطقة كملاذ تقوم منه بشن هجمات على الولايات الأفغانية الشرقية. والباكستانيون يبررون ما يقومون به من مقاومة للضغط الأميركي بالادعاء أنه لا تتوافر لديهم حتى الآن الإمكانيات التي تمكنهم من فتح جبهة جديدة (بعد أن قاموا بالفعل بتحريك 100 ألف جندي كانوا عاملين في منطقة الجبهة الهندية الشرقية إلى منطقة الحدود الغربية). ويرى الجنرال "أثار عباس" المتحدث العسكري الباكستاني، أنه بالنظر للارتباطات الداخلية المعقدة بين جميع أجنحة "طالبان"، فإن تحقيق تقدم في العمل ضد "طالبان باكستان" سيفيد المجتمع الدولي ككل. ويرى أن باكستان تحاول "تشكيل" جبهة القتال في شمال وزيرستان من خلال تطوير الحالة في المناطق القبلية المجاورة، والقيام بعمليات صغيرة ضد أهداف بعينها مع القيام في الوقت نفسه بتعزيز التعاون مع القوات الأميركية عبر الحدود، وهو التعاون الذي لم يتطور حتى الآن بالشكل المأمول. ويعتقد بعض المحللين الباكستانيين أن جيشهم لن يجد مفرّاً في نهاية المطاف من شن عملية تطهير كبرى في المنطقة. وفي الوقت نفسه، ينبغي شكر الظروف التي جعلت "طالبان" تتجاوز حدودها، وجعلت القوات الباكستانية تتصدى لها، إذ ليس هناك شك في أن تدمير بعض شبكات "طالبان" يساعد على تقويضها كلها في نهاية المطاف. ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©