الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البساطة هي السر

26 مارس 2018 01:50
هناك مهمة أساسية تقع على عاتق جميع المؤسسات الحكومية أو الخاصة، وهي صياغة خطة استراتيجية ناجحة للمؤسسة لتحقيق أهدافها في السنوات المقبلة، فهي بلا شك خطوة مهمة جداً، وكذلك غير مفهومة جداً، لأن ما يحدث غالباً أن الفريق المكلف بإعداد الخطة الاستراتيجي،ة أو «حلم المؤسسة» كما أفضل أن أطلق عليها، وفجأة تحل لعنة المعرفة، فترى الفريق بعد أن استوعب توجه القائد الذي أوصله إليهم بكلمات معدودة بسيطة، يقوم الفريق بعد ذلك إلى الاستعانة بجميع أدوات التفخيم والتعقيد لصياغة الخطة بألفاظ مشفرة لا يفهمها إلا ثلة من الناس فتغدو الخطة الاستراتيجية كلمات مبعثرة ملقاة على تصميم جميل خالية من أي وضوح أو معنى. الخطة الاستراتيجية يجب أن تكون مفهومة وواضحة لدى جميع الموظفين بمختلف مستوياتهم، تشير آخر الدراسات التي شملت أكثر من 300 شركة كبرى حول العالم أن 86% من الموظفين لا يفهمون الاستراتيجية، لماذا؟ بالطبع هناك العديد من الأسباب المؤدية إلى هذا الخلل، لكن عدم اختيار لغة سهلة لإبرازها هو من أهمها، وهنا بعد أن أوضحنا العلة نأتي إلى أحد الحلول للتغلب على هذه اللعنة. هناك مصطلح شهير صكه أستاذ العلوم السلوكية توم كولديتز في ثمانينيات القرن العشرين أسماه «نية القائد»، وهو ما يرغب قائد الحرب تحقيقه أثناء العملية القتالية من دون تكلف وإسهاب، مثال أن يعلن «السيطرة على قرية من دون ضحايا»، وبناء على ذلك، من الضروري ترسيخ نية القائد لدى الجنود المشاركين في العملية العسكرية حتى إذا ما حدث تبدل مفاجئ في الخطة يطمئن القائد بأن الجندي سيعمل لتحقيق نية القائد بطريقته الخاصة بعيداً عن الخطة المعدة مسبقاً. «يمكنني أن أعلمكم سر إدارة هذه الشركة في ثلاثين ثانية. إليكم السر: «نحن الشركة الأدنى تكلفة». ما أن تفهم هذا الواقع، حتى يمكنك اتخاذ أي قرار في شأن مستقبل الشركة، كما أفعل أنا» كلمة قالها هيرب كيلر المدير العام التنفيذي لشركة ساوث ويست للخطوط الجوية الذي تولى زمام قيادة المؤسسة لأكثر من ثلاثين عاماً، ومن المعروف أن قطاع الطيران يمر بأزمات مالية شديدة، لكن العجيب أن هذا لم يحدث للشركة التي ظلت تسجل أرباحاً متوالية لثلاثين عاماً بلا انقطاع، ويمكن أن نعزو ذلك إلى وضوح نية القائد والتي صاغها بكل بساطة وإحكام لكي يفهمها جميع الموظفين والمسافرين كافة «أن نكون الشركة الأدنى تكلفة». قال كولن باول وزير الخارجية الأميركي الأسبق ذات مرة، «إن القادة العظماء هم دائماً مبسطون عظماء، هم من يقطعون حبل الشك والريبة لدى الناس من خلال حلول وأفكار يقدمونها لهم يفهمها الجميع بلا استثناء، فالقاعدة هنا البساطة ثم البساطة، ثم البساطة» وما أصعب التبسيط! فيجب توخي الحذر من البساطة المفرطة كي لا تفقد الفكرة أو الرسالة جوهرها، لذلك أنه من الضروري أن تكون لكل قائد نية يفصح عنها صراحة بلا أي تكلف في العبارات، و«حلم» لتحقيقه فالكلمات تقوم بسحرها على الناس إن تم انتقاء ما يناسب منها، البساطة هي أساس التأثير. أحمد محمد المظلوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©