الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: الدين للجميع.. لكن الإفتاء لخاصة من أهل العلم

علماء: الدين للجميع.. لكن الإفتاء لخاصة من أهل العلم
13 مارس 2014 22:29
حسام محمد (القاهرة)- انتشرت في الفترة الماضية ظاهرة الفتاوى والفتاوى المضادة والتي تتسبب في نشر البلبلة بين جمهور المسلمين من العوام الذين يعجزون عن تحديد الخطأ من الصواب في تلك الفتاوى، وأصبحنا نشهد فوضى كبيرة في هذا المجال‏، ولم يعد إصدار الفتاوى مقصوراً على الجهات المعنية والمتخصصين، إنما أصبح مشاعاً ولم نعد نعرف الفارق بين الرأي والفتوى، خاصة بعد محاولات الاستخدام السياسي للفتاوى. الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، لا يرى أنّ هُناك فوضى فتاوى بالمعنى الذي تروج له وسائل الإعلام التي تريد ضرب الدين في الصميم، فكلمة فوضى لا يصح إطلاقها على الآراء الدينية، خاصة أن الثوابت الدينية في الإسلام لا يستطيع أحد أن يمسها. أما الاختلاف في المسائل الاجتهادية، فهو أمر طبيعي ولا بأس فيه، بل هو من قبيل الرحمة بشرط أن يكون من يفتي بالحلال ومن يفتي بالحرام من العلماء المؤهلين للإفتاء، وكما يقول مفتي مصر الأسبق: نحن كعلماء للشريعة، كما لا نجيز لأنفسنا الخوض في الأمور الطبية أو الهندسية، احتراماً للتخصص نطالب بألا يتجرأ على الدين من هو ليس بمتخصص فيه، لأننا لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك من يتجرأ على الفتوى بغير علم تحت ذريعة أن الدين للجميع، وهي مقولة حق يراد بها باطل لأن الدين نعم للجميع، لكن الفتوى ليست للجميع، فمعرفة حكم الله تعالى في أمر ما تحتاج لثقافة ودراية ومؤهلات عديدة لا تتوافر في كثير ممن يتصدون للفتوى ووسائل الإعلام تلعب دوراً في مساعدة هؤلاء على التجرؤ على الدين لأن وسائل الإعلام أصبحت توزع الألقاب بلا ضابط، فهذا هو المفكر الإسلامي الكبير، وهذا هو العالم الفذ إلى آخر تلك الألقاب التي جرت علينا الكثير من الكوارث، فهُناك فتاوى عديدة لا ينبغي أن يتصدى لها فرد واحد مهما كان علمه، ولكننا نفاجأ بمن يتصدى لها من دون وازع من ضمير. قانون للإفتاء وكل هذا يؤكد أننا في حاجة إلى أن نعيد للفتوى احترامها وأتعجب من أن يتم تغريم من يزاول أي مهنة من دون ترخيص إلا الإفتاء، فهي مهنة مباحة للجميع، وأتذكر أن الفقهاء قديماً كانوا يحجرون على العالم الذي يفتي بفتوى شاذة وليتنا نستخدم ذلك الأسلوب كي نردع من يتجرأ على الدين، ولهذا أؤيد وبشدة صدور قانون لمنع الإفتاء من دون الحصول على ترخيص بذلك. أما الدكتور محمد الشحات الجندي، أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة حلوان، فيقول: فوضى الإفتاء تفشت بصورة ليس لها مثيل، وطالبت كثيراً من قبل بضرورة صدور تشريع يحدد من هو المفتي ويجرم من لا يحصل على تصريح خاص بالإفتاء وطالما أن من ينتحل صفة محام أو صحفي يتم تجريمه فمن الأولى تجريم من يتجرأ على شرع الله تعالى فيجب أن ندرك أن فتح مجال الفتوى أمام الجميع بصرف النظر عن مؤهلاتهم وعلمهم أمر ينطوي على خطر حقيقي، يؤدي إلى ارتكاب أخطاء في الدين، وإلى ضياع التعاليم الإسلامية ونشر البلبلة بين المسلمين، ومن ثم يحدث فساد داخل المجتمع، وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه أعداء الأمة الإسلامية، وقد تكون تلك الفتاوى المرسلة من أناس من غير ديننا، يرغبون في تدمير أخلاقنا ومجتمعنا، حيث فطن أعداء الإسلام إلى استغلال وسائل الاتصال الحديثة في اختراق عقول الشباب المسلم بأفكار وثقافات مخالفة للدين الإسلامي. المفتي المؤهل ويشير فضيلة الشيخ سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، إلى أنه يتمنى صدور قانون يحدد من هو المفتي المؤهل للإفتاء ويجرم الإفتاء من دون علم، لأنه ليس كل إنسان مسلم صالح للفتوى فالمفتي له شروط معينة تحدث عنها الفقهاء، فالله تبارك وتعالى يقول في محكم آياته (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة النحل: الآية 43»، وأهل الذكر المقصود بهم الذين تخصصوا في الشريعة الإسلامية، فالمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي، فيما سئل عنه في أمر واقع من غير إلزام ولهذا يشترط في المفتي كي يفتي الناس أن يكون مسلماً صحيح الإسلام عاقلاً بالغاً. فرصة المتربصين لتشويه صورة المفتين حتى لا يتهمنا أحد بالتطرف والتشدد، أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، أمين عام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وأستاذ الشريعة بجامعة حلوان، أننا في حاجة إلى أن نعيد للفتوى مكانتها، لأن تهديد مكانتها وتهديد مكانة من يتولون الإفتاء يمتد بالتالي للنيل من مكانة الدين نفسه في قلوب البسطاء ويعطي الفرصة للمتربصين بالدين لتشويه صورة الإفتاء والمفتين، ولهذا، فإن التصدي لهذا الأمر يقع على عاتق الحكومات التي يجب عليها اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحسم هذا الأمر، ومن أهم تلك الإجراءات ضرورة صدور قانون لتجريم الإفتاء بلا ترخيص، وأهم أسباب الفوضى الموجودة اليوم في عالم الإفتاء يتمثل في عدم وجود قانون رادع يحول دون التجرؤ على الفتوى، فحتى مواثيق الشرف الإعلامي لم تعد تمثل أي أهمية ولا تتبع لأنها قوانين ومواثيق غير ملزمة، أما وجود قانون يجرم الإفتاء بلا ترخيص فسوف يكون قادراً على التصدي لهذه الظاهرة بحيث يمنع القانون من يتصدى للإفتاء إلا بعد الحصول على إذن رسمي من الأزهر الشريف، مؤكداً أنه في حالة استصدار مثل هذا القانون ستلتزم الفضائيات، وستخلو شاشاتها من الانفلات الموجود اليوم. الجهل بالحكم يحجب الإفتاء يرى فضيلة الشيخ سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، أنه واجب على المفتي أيضاً أن يدرك أنه إذا جهل الحكم في مسألة فليس له أن يفتي فيها وهذه كلها هي شروط الإفتاء ومكملاتها، ويجب على أجهزة الإعلام وعلى الندوات والمحاضرات الدينية التي تقام ألا تتعامل في أمور الفتوى مع من لا تتوافر فيه هذه الشروط، فإذا اختل شرط واحد كان الذي اختل فيه هذا الشرط غير صالح للإفتاء ويكون هُناك نوع من المساءلة القانونية لمن استخدمه ليفتي الناس. وقال: من أجل هذا، فنحن في حاجة إلى قوانين تجرم التصدي للإفتاء إلا لمن هو أهل له وحسناً فعلت المملكة الأردنية الهاشمية التي سنت قانوناً يحدد من هو المفتي المؤهل للإفتاء، خاصة عبر وسائل الإعلام المختلفة وعلى الجانب الآخر، فنحن في حاجة لمرجعية إسلامية شاملة وموحدة تعبر عن الرؤية الرشيدة لمختلف المسائل التي تستجد في حياة المسلمين، أو تستشكل عليهم فهُناك العديد من المظاهر التي تعبر عن الفوضى في الإفتاء وآخرها قيام مسؤول مصري لا علاقة له بالدين بالتدخل والإفتاء في مسألة الحجاب، ولو أن هناك جهة موحدة للإفتاء، وعرف كل إنسان عقوبة من يتصدى للفتوى بلا علم ما حدث ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©